بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

قَالَ الامام الشيرازي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ‏(‏ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏{‏ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا‏}‏ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْضِيَهَا عَلَى الْفَوْرِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ‏,‏ فَإِنْ أَخَّرَهَا جَازَ لِمَا رُوِيَ ‏:‏ ‏”‏أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْوَادِي “‏ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ لَمَا أَخَّرَهَا.‏ وَقَالَ أَبُو إسْحَاقَ إنْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ ‏;‏ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ فِي التَّأْخِيرِ ‏[‏وَإِنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ ‏]‏ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْضِيَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ،‏ ‏{‏لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَتْهُ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَضَاهَا عَلَى التَّرْتِيبِ‏}‏ فَإِنْ قَضَاهَا مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ جَازَ لِأَنَّهُ تَرْتِيبٌ اُسْتُحِقَّ لِلْوَقْتِ فَسَقَطَ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ كَقَضَاءِ الصَّوْمِ ‏.‏ وَإِنْ ذَكَرَ الْفَائِتَةَ وَقَدْ ضَاقَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ لَزِمَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَاضِرَةِ لِأَنَّ الْوَقْتَ تَعَيَّنَ لَهَا فَوَجَبَتْ الْبِدَايَةُ بِهَا ‏,‏ كَمَا لَوْ حَضَرَهُ رَمَضَانُ وَعَلَيْهِ صَوْمُ رَمَضَانَ قَبْلَهُ وَلِأَنَّهُ إذَا أَخَّرَ الْحَاضِرَةَ فَاتَتْ فَوَجَبَتْ الْبِدَايَةُ بِهَا ‏)‏ ‏.

 قال الامام النووي  في المجموع شرح المهذب :

مَنْ لَزِمَهُ صَلَاةٌ فَفَاتَتْهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا سَوَاءٌ فَاتَتْ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ فَوَاتُهَا بِعُذْرٍ كَانَ قَضَاؤُهَا عَلَى التَّرَاخِي وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْضِيَهَا عَلَى الْفَوْرِ قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ ‏:‏ وَقِيلَ ‏:‏ يَجِبُ قَضَاؤُهَا حِينَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ ‏,‏ وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ‏.‏ وَهَذَا هُوَ  الْمَذْهَبُ‏,‏ وَإِنْ فَوَّتَهَا بِلَا عُذْرٍ فَوَجْهَانِ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ‏(‏ أَصَحُّهُمَا ‏)‏ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ ‏,‏ وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ كَمَا لَوْ فَاتَتْ بِعُذْرٍ ‏(‏ وَأَصَحُّهُمَا ‏)‏ عِنْدَ الخراسانيين أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ ‏,‏ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ ‏.‏ وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ ‏,‏ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ‏;‏ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِهَا.

‏‏(‏ فَرْعٌ ‏)‏ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً عَمْدًا لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا وَخَالَفَهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ بْنُ حَزْمٍ فَقَالَ ‏:‏ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهَا أَبَدًا وَلَا يَصِحُّ فِعْلُهَا أَبَدًا قَالَ ‏:‏ بَلْ يُكْثِرُ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ، وَصَلَاةِ التَّطَوُّعِ لِيَثْقُلَ مِيزَانُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَتُوبُ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ بَاطِلٌ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، وَبَسَطَ هُوَ الْكَلَامَ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَ دَلَالَةٌ أَصْلًا‏.‏ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏{أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْمُجَامِعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا مَعَ الْكَفَّارَةِ‏}‏ أَيْ بَدَلَ الْيَوْمِ الَّذِي أَفْسَدَهُ بِالْجِمَاعِ عَمْدًا ‏.‏ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُد نَحْوَهُ ‏,‏ وَلِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى التَّارِكِ نَاسِيًا فَالْعَامِدُ أَوْلَى.

< Previous Post

مشاركة النساء لصفوف الرجال في الجماعة

Next Post >

أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map