بسم الله الرّحمٰـن الرّحيم

الخطبة الأولى

الله أكبر  الله أكبر  الله أكبر،

الله أكبر  الله أكبر  الله أكبر،

الله أكبر  الله أكبر  الله أكبر، ولله الحمد

الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا، ونشهد أن لا إله إلا الله الرحمن الرحيم، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا خاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى القائل: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}.

أيها المصلون: نسأل الله تعالى أن يعيد علينا عيد الأضحى ونحن في هناء وسعادة، ومن الخير في زيادة، فإنه عيد بر وإحسان؛ نقدم فيه الأضاحي شكرا للرحمن، وتقربا إلى الكريم المنان، فقد أمر عز وجل سيدنا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بالأضحية فقال: “فصل لربك وانحر”  وهي سنة خليل الرحمن، سيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي جعل الله تعالى من ذريته الأنبياء والمرسلين، قال عز وجل:  {وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب}. فلم يوجد نبي بعد إبراهيم عليه السلام ممن ذكرهم الله تعالى لنا في القرآن؛ إلا وهو من سلالته، كإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى؛ حتى كان آخرهم خاتم الرسل سيدنا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم. وكلهم إخوة ورثوا صفات أبيهم إبراهيم وأخلاقه وقيمه؛ من تسامح ومحبة، وحثوا عليها أقوامهم.

الله أكبر        الله أكبر        الله أكبر،

الله أكبر        الله أكبر         ولله الحمد

أيها المسلمون: إن منزلة إبراهيم عليه السلام عند الله عظيمة، فقد اختاره عز وجل واصطفاه، فقال جل في علاه: {ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} وامتثل لأمر ربه؛ بالاستسلام له وطاعته، والإخلاص في عبادته، {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } فاتخذه الله تعالى خليلا، قال سبحانه: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} والخليل أرفع مقاما في المحبة. ورسخ الله تعالى في قلبه اليقين، وقوة الدين. قال عز وجل: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين } ووهبه الله تعالى العقل والحكمة، قال سبحانه: {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين} فكان كلامه قوي الإقناع، بالغ الحجة. قال تعالى: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه}.

عباد الله: لقد اتصف سيدنا إبراهيم عليه السلام بشمائل عظيمة، وأخلاق كريمة، فإنه عليه السلام كان توابا إلى ربه، حليما في طبعه، فوصفه الله سبحانه بقوله: {إن إبراهيم لحليم أواه منيب } والحلم خلق يحبه الله تعالى ويرضاه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه: “إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة” وتحرى عليه السلام الصدق؛ حتى كتبه الله تعالى عنده صديقا، فقال عز وجل عنه: {إنه كان صديقا نبيا} قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا” وقد كان إبراهيم عليه السلام صادقا في وعوده، وفيا بعهوده، قال الله سبحانه: {وإبراهيم الذي وفى} أي: وفى لربه عز وجل بكل ما كلفه به. وكان عليه السلام كريم النفس، سخي اليد، فقد ذكر لنا القرآن الكريم نموذجا من كرمه، وجوده وبذله، فقال تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين* إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون* فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين* فقربه إليهم قال ألا تأكلون} فقد استقبل ضيفانه بوجه بشوش، وأجلسهم في أحسن المواضع وألطفها، وسارع إلى إحضار الطعام لهم، واختار لهم أجوده وأسمنه، وخدمهم بنفسه زيادة في إكرامهم.

أيها المحبون لخليل الرحمن إبراهيم: إن حياة سيدنا إبراهيم عليه السلام كانت مليئة بالإنجازات العظيمة، ومنها بناء البيت الحرام، الذي جعله الله تعالى مثابة للناس وأمنا، ودعا هنالك ربه قائلا: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم” فاستجاب الله عز وجل لدعاء إبراهيم عليه السلام، وأرسل إلينا خاتم الأنبياء والمرسلين: سيدنا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم الذي كان أشبه الناس بأبيه إبراهيم عليه السلام في خلقه وصورته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا أشبه ولد إبراهيم به” كما كان صلى الله عليه وسلم أشبه الناس بإبراهيم عليه السلام في عبادته وأخلاقه، عاملا بقول الله تعالى: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين} فعلى المؤمن أن يقتدي بسيدنا إبراهيم عليه السلام في عبادته وخشيته، وإخلاصه وأخلاقه، وصدقه ووفائه، وصبره وكرمه، وتربية أبنائه، ويتبع هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من الذين قال الله سبحانه فيهم {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين}

فاللهم اجعلنا بسيدنا إبراهيم مقتدين، ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم متبعين، وبقيمهما وأخلاقهما عاملين، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد الأمين صلى الله عليه وسلم.

الله أكبر        الله أكبر        الله أكبر،

الله أكبر        الله أكبر         ولله الحمد

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

< Previous Post

فضل العشر الأول من ذي الحجة

Next Post >

الأضحية وأحكامها

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map