الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي تفضل علينا بالبعثة النبوية، ورصَّع أمتنا بالجوهرة المحمدية وجعلها أمة سمية، أرسل نبيه بالخير والرحمات داعيا إلى الحق والمبرات مؤيداً بالمعجزات الباهرات والآيات الظاهرات، وأصلي وأسلم على محمد عبد الله ورسوله وصفيه وخليله خير البشر فخر ربيعة ومضر من انشق له القمر وشهد برسالته الشجر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا شبيه ولا مثيل له ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ` وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ سبحانه تعجز الأفهام عن إدراك ذاته وتتحير العقول في عظيم ءالائه وءاياته وأشهد أن سيدنا وحياة قلوبنا محمداً عبد الله ورسوله عليه صلاة ربي وسلامه ما مر على الروض النسيم فبث عطر الرياحين وعلى ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين.

أما بعد عباد الله فإن ربنا جلَّ وعلى لم يخلقنا لهواً ولا عبثاً وإنما خلقنا لمعرفته وعبادته، وبرحمة منه أرسل إلينا أنبياءه الكرام مرشدين إلى الطريق القويم فقطع علينا الحجة بهم قال عز وجل﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾فمن ءامن بهم واتبعهم فاز بالجنة وظفر ومن تولى عنهم وعصاهم تبَّ وخسر وكانت له جهنم مستقراً خالداً فيها أبداً فاتقوا الله عباد الله وخافوه. قال ربنا تبارك وتعالى﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾بعث الله أنبياءه وكلَّلهم بالصفات الحميدة والعصمة المجيدة وجعل الإيمان بهم ركناً من أركان الإيمان وأوجب اتباعهم فما يسمع بالنبي أحد ثم لم يؤمن به إلا كانت له نار جهنم موئلاً، وبحكمته تعالى خص الأنبياء بخوارق يعرفون بها وصدقهم بمعجزات تُبَيّنُ حقّيتهم فما من نبي إلا وله معجزة تدل على صدق دعواه. والمعجزة هي أمر خارق للعادة يحصل على يد من ادعى النبوة موافق لدعواه سالم من المعارضة بالمثل فلا يسع العاقل إلا تصديق من اتى بها والإيقان بنبوته فهي قائمة مقام قوله تعالى صدق عبدي في دعواه النبوة وفيما يبلغه عني. فكان مما أوتي موسى عليه السلام من المعجزات انقلاب العصا ثعباناً حقيقياً فالتقم ما ألقى السحرة فأيقنوا بحق دعواه وءامنوا بالله مع ما لقوا من أذى فرعون وجنوده، وفلق البحر بعصاه حتى كان كل فِرق كالجبل العظيم فجاوز ببني إسرائيل وأغرق الله فرعون وجنوده. وأما عيسى عليه السلام فقد أوتي إحياء بإذن الله بدعائه وشفى الله الأبرص على يديه وصار من ولد أعمى بصيراً معجزةً له غليه السلام وتصديقاً لنبتوه ورسالته. وأعظم الأنبياء معجزاتٍ هو سيدنا محمد خاتمهم وأفضلهم حتى قال الإمام الشافعي رضي الله عنه ما أعطى الله نبياً معجزة إلا وأعطى محمداً مثلها أو أعظم منها اهـ وصدق من قال:

إن كان موسى سقى الأسباط من حجر                         فإن في الكف معنى ليس في الحجر
إن كان عيسى برا الأعمى بدعوته                              فكم براحته قد رد من بصر

فهو عليه الصلاة والسلام صاحب المعجزات العظمى والمرتبة العليا الذي أنزل عليه القرءان الكريم أعظم معجزة كتابٌ مبين ليس فيه شائبة ولا تدخله أدنى عائبة كتابٌ أحكمت ءاياته، أفصح الكلام وأعلى البلاغة، تحدى العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة بأن يأتوا بسورة من مثله فأيقنوا بعجزهم.

فالمعجزة إخوة الإيمان خاصة بالأنبياء وليست لغيرهم، أما ما كان خارقاً للعادة مما يظهر على أيدي بعض الأولياء كما حصل مع السيدة مريم حين هزت الجزع اليبيس فحمل للحال وتساقط عليها الرطب فإن هذا يسمى كرامة يكرم الله بها هذا الولي تبين صدق اتباعه للنبي وصدق النبي الذي يتبعه فإن الولي لا يدعي النبوة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا على الحق واتباع الأنبياء في ما يدينون به لرب العالمين وأن يحشرنا يوم القيامة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

< Previous Post

خطبة الجمعة | النصف من شعبان

Next Post >

خطبة الجمعة | حكم الميتة واللحم المشكوك فيه

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map