الجواب:
مَنْ يَتْبَعُ كُلَّ مَا وَجَدَ فِي كِتَابٍ مِنَ الْكُتُبِ يَهْلِكْ، فِي كتاب إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ مَا نَصُّهُ:” وَفِي الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ فَهُوَ كَافِرٌ اهـ والعياذ بالله . نَحْنُ نَقُولُ هَذَا مَدْسُوسٌ عَلَى الْغَزَالِيِّ.
الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصلاة والسَّلاَمُ قَالَ لِسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَانَ الرَّسُولُ قَسَمَ مَالاً فَأَعْطَى بَعْضَ النَّاسِ وَلَمْ يُعْطِ شَخْصًا، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَالَ: أَوْ مُسْلِمًا “. مَا قَالَ لَهُ كَيْفَ تَقُولُ ذَلِكَ، لَكِنْ دَلَّهُ عَلَى الأَحْسَنِ. يَعْنِي لَوْ قُلْتَ أَرَاهُ مُسْلِمًا أَحْسَنُ.
الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:”إِذَا سُئِلَ أَحَدُكُمْ أَمُؤْمِنٌ هُوَ فَلاَ يَشُكَّ “. رواه الطبراني في الكبير. مَعْنَاهُ لِيَقُلْ إِنَّهُ مُؤْمِنٌ، لأَِنَّهُ يَعْرِفُ نَفْسَهُ.
أَمَّا قَوْلُ شَخْصٍ لِشَخْصٍ فُلاَنٌ مُؤْمِنٌ الأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ مُسْلِمٌ لأَِنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ.
والعجب من هؤلاء الذين يرددون مثل هذا الكلام أنهم يروون حديثا – وإن كان في إسناده ضعف- عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي رجلاً يقال له حارثة في بعض سكك المدينة فقال: “كيف أصبحت يا حارثة؟” قال: أصبحت مؤمنًا حقًَا، قال: “إن لكل إيمان حقيقة فما حقيقة إيمانك؟” قال: عزفت نفسي عن الدنيا فأظمأت نهاري وأسهرت ليلي وكأني بعرش ربي بارزًا وكأني بأهل الجنة في الجنة يتنعمون فيها وكأني بأهل النار في النار يعذبون. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أصبت فالزم مؤمن نور الله قلبه” رواه البزار.
فالرسول عليه الصلاة والسلام لم ينكر عليه قوله : أصبحت مؤمنا حقا .
ملاحظة :
وقال الشيخ تاج الدين السبكي في [طبقات الشافعية]: “إن في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي ثلاثمائة حديث لا أصل لها”
وورد في ج17 /ص125 من المُنتظم في تاريخ الملوك والأمم لإبن الجوزي: محمد بن محمد بن محمد أبو حامد الغزالي : وأخذ في تصنيف كتاب الإحياء في القدس ، ثمّ أتمّه بدمشق إلاّ أنّه وضعه على مذهب الصوفية، وترك فيه قانون الفقه.
وقد جمعتُ أغلاط الكتاب وسمّيته (إعلام الأحياء بأغلاط الإحياء ) وأشرت إلى بعض ذلك في كتابي المُسمّى (بتلبيس إبليس) مثل ماذكر في كتاب النكاح أنّ عائشة رضي الله عنها قالت للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم : أنت تزعم أنّك رسول الله، وهذا مُحال…ثمّ أنّه نظر في كتاب أبي طالب المكي وكلام المُتصوّفة القدماء فاجتذبه ذلك بمرة عما يُوجبه الفقه ، وذكر في كتاب الإحياء من الأحاديث الموضوعة وما لايصحّ غير قليل ، وسبب ذلك قلّة معرفته بالنقل ، فليته عرضَ تلك الأحاديث على من يعرف ، وإنما نقلَ نقْلُ حاطب ليل. وكان بعض الناس شُغف بكتاب الإحياء فأعلمته بعيوبه ، ثم كتبته له فأسقطت ما يصلح إسقاطه وزدت ما يصلُح أن يُزاد.
تُوفّي أبو حامد سنة 505هجرية . وسأله قبيل الموت بعض أصحابه : أوصِ، فقال: عليك بالإخلاص، فلم يزل يُكرّرها حتّى مات.
قلنا : دُسّ على الإمام الغزالي كثيرا في كتابه الإحياء.