الْخُطْبَةُ الأُولَى:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِهَذَا النَّبِيِّ الْكَريِمِ وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ وَحَبِيبِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَشَفِيعِ الْمُذْنِبِينَ يَوْمَ الدِّينِ أَرْسَلَهُ اللهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ هَادِياً وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى ءَالِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلاَ مَثِيلَ لَهُ وَلاَ نِدَّ وَلاَ ضِدَّ لَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَعَظِيمَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَنَبِيُّهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أَرْسَلَهُ، أَمَّا بَعْدُ؛ إِخْوَةَ الإيِمَانِ أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّ الْعِزَّةِ يَقُولُ فِي سُورَةِ الْوَاقِيَةِ (أَيِ الْمُلْكِ): ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ، نَعَمْ إِخْوَةَ الإيِمَانِ إِنَّ الَّذِينَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ فِي خَلَوَاتِهِمْ يَخَافُونَهُ وَهُمْ فِي غَيْبَتِهِمْ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، أَطَاعُوا اللهَ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً لَهُمْ عَفْوٌ مِنَ اللهِ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ وَهُوَ الْجَنَّة.

خَافُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، خَافُوا اللهَ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاءَ بِلاَ عَمَدٍ وَجَعَلَ الْجِبَالَ فِي الأَرْضِ أَوْتَادًا، خَافُوا الله، اللهَ الَّذِي خَلَقَ الْبِحَارَ وَالأَنْهَارَ وَأَنْبَتَ الأَشْجَارَ، خَافُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَ فِينَا الشِّبَعَ وَالاِرْتِوَاءَ مِنَ الْعَطَشِ، خَافُوا اللهَ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِنِعْمَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلاَمِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَاسْتَعْمِلُوا هَذِهِ النِّعَمَ فِيمَا يُرْضِي اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً.

إِخْوَةَ الإيِمَانِ: مِنَ النَّاسِ مَنْ تَابَ إِلَى اللهِ بِسَمَاعِهِ ءَايَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، هَذَا الْفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ قَاطِعَ طَرِيقٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ قَافِلَةٌ فَرَأَى فِيهَا امْرَأَةً بَارِعَةَ الْجَمَالِ فَقَالَ: سَتَكُونُ هَذِهِ الْبِنْتُ مِنْ حَظِّي، حَدَثَّتْهُ نَفْسُهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ بِالْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، بَاتَتِ الْقَافِلَةُ فِي الْمَسَاءِ وَلَمَّا أَرَادَ الْوُصُولَ إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ رَأَهَا تَقْرَأُ الْقُرْءَانَ وَوَصَلَتْ إِلَى قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ، فَصَارَ يَنْتَفِضُ وَيَرْتَجِفُ وَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ بَلَى يَا رَبّ، تَابَ إِلَى اللهِ الْعَظِيمِ الْقَادِرِ، تَابَ إِلَى اللهِ التَّوَّابِ الرَّحِيمِ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الْقَوِيُّ وَنَحْنُ الضُّعَفَاءُ فَارْحَمْ ضَعْفَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا يَا اللهُ يا اللهُ يا الله.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: قَدْ عَمَّتِ الْبَلْوَى وَطَمَّتْ، وَانْتَشَرَ الْفُحْشُ، وَقَلَّتِ التَّقْوَى فِي الْقُلُوبِ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لاَ يَتَوَرَّعُونَ عَنِ الْغَوْصِ فِي الْمَعَاصِي وَقَلَّ حَيَاؤُهُمْ فَتَرَاهُمْ يَقْتَحِمُونَ أَبْوَابَ الْحَرَامِ غَيْرَ مُبَالِينَ وَلاَ سِيَّمَا فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ هَذِهِ، الصَّيْفُ الَّذِي يَنْتَظِرُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لِلاِنْغِمَاسِ فِي الْمَعَاصِي وَلاَ سِيَّمَا النِّسَاء، فَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُنَّ قَدْ خَلَعْنَ ثَوْبَ الْحَيَاءِ لِتُظْهِرَ لِلنَّاسِ مَا خَفِيَ مِنْ مَحَاسِنِهَا فَلاَ يَتَّقِينَ اللهَ فِي أَنْفُسِهِنَّ وَلاَ يَرْحَمْنَ الشَّبَابَ الَّذِينَ يَقَعُونَ فِي الْمَعَاصِي بِسَبَبِهِنَّ، النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ الاِبْتِسَامَةِ ثُمَّ الْكَلاَمِ ثُمَّ مَا خَفِيَ أَعْظَمُ.

وَقَدْ صَدَقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ إِذْ يَقُولُ: »إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ ءَادَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا النَّظَرُ وَالْيَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا اللَّمْسُ وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْخُطَى وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْمَنْطِقُ وَالْفَمُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْقُبَلُ وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ«.

مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِين: قَبْلَ الْخَوْضِ فِي الْكَلاَمِ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ نُنَبِّهُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الأُمُورَ لاَ تَنْطَبِقُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ لأَِنَّ اللهَ قَدْ عَصَمَهُمْ فَلَيْسَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ، إِنَّمَا الْوَارِدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَنْطَبِقُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ وَمَعْنَاهُ كَمَا يَلِي:

فَالْعَيْنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا النَّظَرُ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ الأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا ( غَيْرِ الْمَحْرَمِيَّةِ) إِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ أَمَّا إِنْ كَانَ لاَ يَحْصُلُ بِهِ تَلَذُّذٌ فَلَيْسَ حَرَامًا، أَمَّا إِلَى غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَهُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا.

وَقَوْلُهُ »وَالْيَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا اللَّمْسُ« مَعْنَاهُ أَنَّ لَمْسَ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ الأَجْنَبِيَّةَ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ حَرَامٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِلَذَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ لَذَّةٍ يَقُولُونَ نَحْنُ نِيَّتُنَا صَافِيَةٌ نَقُولُ لَهُمْ مَنْ أَصْفَى نِيَّةً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: »إِنِّي لاَ أُصَافِحُ النِّسَاءَ«، وَأَمَّا قَوْلُهُ: »وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْخُطَى« مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي يَمْشِي لِلنَّظَرِ الْمُحَرَّمِ أَوِ الْمُلاَمَسَةِ الْمُحَرَّمَةِ فَهَذَا يُقَالُ لَهُ زِنَى الرِّجْلِ. »وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْمَنْطِقُ« فَمَعْنَاهُ الْكَلاَمُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّلَذُّذُ بِالأَجْنَبِيَّةِ هَذَا يُقَالُ لَهُ زِنَا اللِّسَانِ فَحَدِيثُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّلَذُّذِ وَلَوْ مَعَ خَطِيبَتِهِ الَّتِي لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا بَعْدُ هُوَ حَرَامٌ »وَالْفَمُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْقُبَلُ« مَعْنَاهُ مِنْ مَعَاصِي الْفَمِ تَقْبِيلُ الرَّجُلِ لِلأَجْنَبِيَّةِ وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ« فَزِنَا النَّفْسِ مَعْنَاهُ أَنْ يُجْرِيَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ يَتَلَذَّذُ بِهَا، يَتَصَوَّرُ كَأَنَّهُ الآنَ يُقَبِّلُهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ هَذَا مَعْنَى زِنَا الْقَلْبِ أَمَّا مُجَرَّدُ أَنْ يَخْطُرَ فِي قَلْبِهِ مَيْلٌ بِدُونِ إِرَادَةٍ مِنْهُ ثُمَّ يَصْرِفُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ حَرَامًا.

فَيُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ رَسُولِ اللهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ يَنْبَغِي تَرْكُهَا. وَأَمَّا تَسْمِيَةُ النَّبِيِّ لِزِنَا الْعَيْنِ وَزِنَا الْيَدِ وَزِنَا الْفَمِ بِأَنَّهَا زِنَا فَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ مُقَدِّمَاتٌ لِلزِّنَا، وَلَمَّا قَالَ »وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ« فَمَعْنَاهُ أَنَّ الزِّنَا الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى وَالَّذِي يُقَامُ عَلَى مُرْتَكِبِهِ الْحَدُّ هُوَ يَحْصُلُ بِالْفَرْجِ.

وَاسْمَعُوا مَعِي إِخْوَةَ الإيِمَانِ هَذِهِ الآيَةَ الْكَريِمَةَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى عُظْمِ هَذَا الذَّنْبِ الْكَبِيرِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ الْحَدُّ بِأَنْ يُجْلَدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَيُغَرَّبَ عَامٌ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَطَأْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ. وَبِالرَّجْمِ بِالْحِجَارَةِ الْمُعْتَدِلَةِ حَتَّى يَمُوتَ إِنْ زَنَى وَهُوَ مُحْصَن.

وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ فَوْرًا وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَلاَ يُجَاهِرَ بِمَا فَعَلَ مِنَ الْفُسُوقِ أَمَامَ أَصْحَابِهِ وَأَمَامَ النَّاسِ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »مَنِ ابْتُلِيَ بِشَىْءٍ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللهِ« رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ.

إِخْوَانِي قَدْ يَتَسَاءَلُ بَعْضُ النَّاسِ لِمَ نَذْكُرُ مِثْلَ هَذِهِ الأُمُورِ فِي خُطْبَتِنَا الْيَوْمَ الْجَوَابُ: أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الشَّرَّ يَقَعُ فِيهِ وَأَنَّ أُمُورَ الدِّينِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ لاَ يَعْرِفُ الْوَاحِدُ مِنَّا كَيْفَ تَصِحُّ وَكَيْفَ لاَ تَصِحُّ بِمُجَرَّدِ التَّفْكِيرِ وَإِلاَّ لَكَانَ النَّاسُ فِي فَوْضَى يَتَضَارَبُونَ كُلٌّ يَدَّعِي صِحَةَ رَأْيِهِ دُونَ سِوَاهُ فَكَانَ بَيَانُ هَذِهِ الأُمُورِ مِنَ الْمُهِمَّاتِ.

اللَّهُمَّ فَقِّهْنَا فِي دِينِنَا وَاجْعَلِ الْقُرْءَانَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا وَنُورًا لأَِبْصَارِنَا وَجَوَارِحِنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. هَذَا وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ. عِبَادَ اللهِ أُوصِي نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

لاَ شَكَّ إِخْوَةَ الإيِمَانِ أَنَّ هُنَاكَ فَرَائِضَ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا، لِذَلِكَ احْرِصُوا عَلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَاحْرِصُوا عَلَى حُضُورِ مَجَالِسِ الْخَيْرِ مَجَالِسِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ الَّتِي تُقَامُ فِي مَسَاجِدِنَا وَمُصَلَّيَاتِنَا. وَأَكْثِرُوا مِنَ اغْتِنَامِ الْفُرَصِ لِلطَّاعَاتِ، فَوَاللهِ الْوَاحِدُ مِنَّا يَرْجُو أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّاجِينَ فِي الآخِرَةِ، وَهُوَ لاَ يَقْوَى عَلَى جَمْرَةٍ مِنْ جَمرَاتِ الدُّنْيَا، فَكَيْفَ يَقْوَى عَلَى نَارٍ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ؟ اللَّهُمَّ أَجِرْنَا مِنْهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. فَوِقَايَةُ النَّفْسِ وَالأَهْلِ مِنْ هَذِهِ النَّارِ تَكُونُ بِأَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْنَا وَاجْتِنَابِ مَا حَرَّمَ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَريِمِ فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا، فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلاَ مُضِلِّينَ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّف.

عِبَادَ اللهِ، ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ اذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا. وَأَقِمِ الصَّلاَةَ .

< Previous Post

خطبة الجمعة | الرضا والتسليم بقضاء الله تعالى

Next Post >

خطبة الجمعة | إِسْتِقْبَالُ رَمَضَانَ وَأَحْكَامُ الصِّيَامِ

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map