Mon, 4th Nov, 2024 /
3 Jumādā al-Ula, 1446
الإثنين ٠٤ , نوفمبر , ٢٠٢٤ / 3 جُمَادَىٰ ٱلْأُولَىٰ , 1446

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى إخوانه النبيّين والمرسلين وءال كل وصَحْبِ كلٍّ الطيبين الطاهرين.

وأشهد أن لا إله إلا الله الـمُنَزَّهُ عن الشبيه والمثيل والندّ والنظير ليس كمثله شىء وهو السميع البصير، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرَّة أعْيُنِنَا محمدا صلى الله عليه وسلم رسولُ الله وخاتمُ النبيّين وحبيبُ رب العالمين.

أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ القدير القائل في محكم كتابه:” إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ. وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً ومِنَ الصَّالِحِينَ“. [ءال عمران 45- 46 ].

إخوة الإيمان، يطيب لنا اليوم أن نتكلم عن نبي كريم زاهد خَلَقَه اللهُ تعالى من أم بلا أبٍ، ألا وهو عيسى المسيح عليه السلام، وأمُّه مريم بنت عمران عليها السلام، قال الله تعالى: مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ“. [المائدة75] وقد قص الله تعالى علينا من قصتها فقال سبحانه: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا {16} فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا {17} [سورة مريم]

مريمُ لَمّا رأتْ جبريلَ عليه السلام مُتشكّلاً في صورةِ شابٍّ أبيض الوجه لم تعرفْه ففزِعتْ منه واضطَرَبَت وخافتْ على نفسِها منه وظنتْه إنسانا جاءَ ليعتدي عليها، فقالت ما أخبر الله به:” قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا {18} أي إن كنت تقيا مطيعًا فلا تتعرضْ إليَّ بسوء. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا {19} قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا {20} قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا {21} فنفخ جبريل عليه السلام في جيبِ دِرعها وهي الفتحةُ عند العُنُق.

 فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا {22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا {23} وناداها جبريلُ عليه السلام من مكانٍ من تحتها من أسفلِ الجبل يُطَمئِنُها، فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا -نهرًا صغيرا –{24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا {26}فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً {32} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً {33} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ {34}

إخوة الإيمان، دعا عيسى عليه السلام قومَه إلى الإسلام، إلى عبادة الله وحدَه وعدمِ الإشراك به شيئًا، وأظهر الله على يديه المعجزات الباهرات، ولكنهم كذّبوه وحسدوه وقالوا عنه ساحر ولم يؤمن به إلا القليل. بل وحاول بعض الكفار قتله ولكن الله نجاه. قال تعالى: “وما قتلُوهُ وما صلبُوهُ ولكن شُبه لهُم” ورفعه الله تعالى إلى السماء من غير وفاة ولا نوم، فقد أخرج ابن أبي حاتم والنسائي عن ابن عباس قال: كان عيسى مع اثني عشر من أصحابه في بيت، فقال: إن منكم من يكفر بي بعد أن ءامن، ثم قال: أيكم  يلقى عليه شبهي ويقتل مكاني  فيكون رفيقي في الجنة، فقام شاب أحدثهم سنا، فقال: أنا، قال: اجلس ثم عاد فعاد فقال: اجلس ثم عاد الثالثة فقال أنت هو، فألقي عليه شبهُهُ، فأخذ الشاب فصلب، بعد أن رفع عيسى عليه السلام من روزنة (نافذة في السطح) في البيت، وجاء الطلب من الكفار فأخذوا الشاب.

إخوة الإيمان: وجعل الله تعالى نزول عيسى من السماء إلى الأرض من علامات الساعة الكبرى، قال تعالى: “وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ“، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليَهْبِطَنَّ عيسى ابنُ مريم حكَمًا عدلا، وإماما مُقسِطا، وليسلُكنَّ فجًّا حاجًّا أو مُعتمرا، أو بنيتهما، وليأتينَّ قبري حتى يُسلّم عليَّ، ولأردنَّ عليه“، صححه الحاكم ووافقه الذهبيّ. وفي رواية:” ثم لئن قام على قبري فقال: يا محمد، لأجبته“. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.اهـ

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلانبياء اخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد، وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم، لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجلا مربوعا إلى الحمرة والبياض، عليه ثوبان مُـمَصَّران، كأن رأسه يقُطُر، وإن لم يصبه بلل، فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، فيهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال، وتقع الأمنة على الأرض، حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم، فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون.اهـ رواه أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم.

نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفحنا بنفحات وبركات سيدنا عيسى المسيح عليه السلام، وأن يجمعنا به في الدنيا والآخرة، إنه على ما يشاء قدير وبعباده لطيف خبير.

هذا وأستغفر الله لي ولكم

< Previous Post

خطبة الجمعة | الحج المبرور وعودة الحجيج

Next Post >

خطبة الجمعة | خصال الصديق الصالح

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map