روى البخاري في “الفرائض”، ومسلم في “الرضاع”، وأبو داود في “اللعان”، والترمذي في “الولاء”، والنسائي في “الطلاق”، وابن ماجه في “الأحكام” كلهم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم مسرورا فقال: يا عائشة ألم تري أن مجززا المدلجي دخل علي، وعندي أسامة بن زيد، فرأى أسامة بن زيد، وزيدا، وعليهما قطيفة، وقد غطيا رءوسهما، وبدت أقدامهما، فقال: هذه أقدام بعضها من بعض. انتهى. قال أبو داود: كان أسامة أسود، وكان زيد أبيض، انتهى.

قلنا: وسرور النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الجاهلية كانت تقدح في نسب أسامة لكونه أسود شديد السواد، وكان زيد أبيض، فلما قضى هذا القائف بإلحاق نسبه مع اختلاف اللون وكانت الجاهلية تعتمد قول القائف فرح النبي صلى الله عليه وسلم لكونه زاجرا لهم عن الطعن في النسب. والقيافة هي تتبع أثر الشخص. وأما (مجزز) فبميم مضمومة ثم جيم مفتوحة ثم زاي مشددة مكسورة ثم زاي أخرى هذا هو الصحيح المشهور، وهو من بني مدلج بضم الميم وإسكان الدال وكسر اللام. و(قطيفة): كساء له خمل.  

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وقد أخرج عبد الرزاق من طريق ابن سيرين، أن أم أسامة – وهي أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم – كانت سوداء فلهذا جاء أسامة أسود، وقد وقع في الصحيح عن ابن شهاب أن أم أيمن كانت حبشية وصيفة لعبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال كانت من سبي الحبشة الذين قدموا زمن الفيل، فصارت لعبد المطلب فوهبها. لعبد الله، وتزوجت قبل زيد عبيد الحبشي فولدت له أيمن فكنيت به واشتهرت بذلك، وكان يقال لها أم الظباء، وقد تقدم لها ذكر في أواخر الهبة.

قال عياض: لو صح أن أم أيمن كانت سوداء لم ينكروا سواد ابنها أسامة لأن السوداء قد تلد من الأبيض أسود. قلت: يحتمل أنها كانت صافية فجاء أسامة شديد السواد فوقع الإنكار لذلك.اهـ

< Previous Post

صنائع المعروف

Next Post >

فائدة في علم الطب

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map