قِصَّةُ سَيّدِنَا سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ

وَبِلْقِيس وَءَاصِفَ بنِ بَرْخِيَا

 

فِي أَيَّامِ سُلَيْمَانَ، شَخْصٌ مِنْ أَتْبَاعِ سُلَيْمَانَ حَمَلَ عَرْشَ بِلْقِيس مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ بِكَرَامَةٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، بِالسِرّ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ حَمَلَ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى بَرِ الشَّامِ عَرْشَ بِلْقِيس، بِقَدْرِ مَا يَمُدُّ الإِنْسَانُ عَيْنَهُ لِيَنْظُرَ مَدَّ بَصَرِهِ قَبْلَ أَنْ يَطْرِفَ عَيْنَهُ أَيْ يُطْبِقَ عَيْنَهُ أَحْضَرَهُ.

وَهَذَا الْعَرْشُ شَىْءٌ عَظِيمٌ طُولُهُ ثَمَانُونَ ذِرَاعًا مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٌ بِالْجَوَاهِرِ وَعَرْضُهُ أَرْبَعُونَ، سُلَيْمَانُ لَيْسَ رَغْبَةً فِي عَرْشِهَا هَذَا طَلَبَ إِحْضَارَهُ بَلْ لِتَقْتَنِعَ نَفْسُهَا، حَتَّى يَقْتَنِعَ قَلْبُهَا بِأَنَّ الإِسْلامَ الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ هُوَ الدينُ الصَّحِيحُ، لأِنَّهَا كَانَتْ تَعْبُدُ الشَّمْسَ.

هَذِهِ بِلْقِيسُ كَانَتْ مَلِكَةُ سَبَأ، سَبَأُ هَذِهِ أَرْضٌ فِي الْيَمَنِ، حَتَّى تُسْلِمَ، هُوَ لَيْسَ رَغْبَةً فِي مَالِهَا فَعَلَ ذَلِكَ، لَكِنْ حَتَّى تَنْبَهِرَ، لأِنَّهَا جَاءَتْ، طَلَبَهَا سُلَيْمَانُ فَحَضَرَتْ خَاضِعَةً لأِنَّ سُلَيْمَانَ قُوَّتُهُ قَاهِرَةٌ لا يَقُومُ لَهُ أَحَدٌ.

بِلْقِيسُ أَسْلَمَتْ، كَيْفَ لا تُسْلِم، تَرَى هَذَا الْعَجَبَ ثُمَّ لا تُسْلِمْ. هَذَا الَّذِي أَحْضَرَ عَرْشَ بِلْقِيس مِنْ تِلْكَ الأَرْضِ الْبَعِيدَةِ يُقَالُ لَهُ ءَاصِفُ بنُ بَرْخِيَا، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ إِنَّهُ مَلَكٌ مِنَ مَلائِكَةِ اللَّهِ، وَقَالَ بَعْضٌ إِنَّهُ ءَاصِفُ بنُ بَرْخِيَا صَاحِبُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ مِنَ الْبَشَرِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ.

هَذَا كَانَ وَلِيًّا مِنَ الأَوْلِيَاءِ مَا كَانَ نَبِيًّا، وَعَلَى الْقَوْلِ الآخَرِ كَانَ مَلَكًا مِنَ مَلائِكَةِ اللَّهِ كَانَ يُلازِمُ سُلَيْمَانَ، لأِنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ جَاهٌ عَظِيمٌ، اللَّهُ تَعَالَى أَعْطَاهُ مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأِحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ.

كَانَ مَعَ هَذَا الْمُلْكِ الْعَظِيمِ الشَّيَاطِينُ الْكَافِرُونَ سَخَّرَهُمُ اللَّهُ لَهُ، إِذَا أَحَدٌ مِنْهُمْ خَالَفَ أَمْرَهُ يُحَطمُهُ اللَّهُ تَعَالَى، يُنَزّل ُاللَّهُ عَلَيْهِ عَذَابًا فَيَتَحَطَّمُ، الشَّيَاطِينُ الْعَفَارِيتُ الْكِبَارُ كَانُوا يُطِيعُونَهُ وَيَخَافُونَهُ، هَؤُلاءِ كَانُوا يَبْنُونَ لَهُ مَبَانِي فَخْمَةً وَيُخْرِجُونَ لَهُ مِنْ قَعْرِ الْبَحْرِ الْجَوَاهِرَ وَاللآلِئَ، كَانُوا مُسَخَّرِينَ لَهُ، وَسَخَّرَ لَهُ الرِيحَ أَيْضًا، كَانَتِ الرِيحُ تَحْمِلُهُ وَجَيْشَهُ، بِسَاطُ الريحِ يَحْمِلُهُ صَبَاحًا إِلَى مَسَافَةِ شَهْرٍ ثُمَّ بَعْدَ الظُّهْرِ يَرُدُّهُ، وَغَيْرُ هَذَا مِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ.

وَهَذَا الْمُلْكُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ مَا جَمَعَهُ بِنِيَّةِ الاِفْتِخَارِ عَلَى النَّاسِ وَالتَّعَاظُمِ، وَهَكَذَا كُلُّ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ لَيْسَ لَهُمْ تَعَلُّقٌ قَلْبِيٌّ بِالنِسَاءِ وَلا بِالْمَالِ كُلُّهُمْ قُلُوبُهُمْ مُتَعَلِقَةٌ بِخَالِقِهِمْ.

 

< Previous Post

الرِّيحُ الْمُسَخَّرَةُ لِسَيِّدِنَا سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ

Next Post >

ذِكْرُ كَيْفَ قُتِلَ نَبِيُّ اللَّهِ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَمَاذَا حَصَلَ بَعْدَ قَتْلِهِ

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map