بسم الله الرحمٰن الرحيم

 يقولُ الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {91} وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {92} وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {93}﴾ سورة النحل.

 إنَّ الله َتبارَكَ وتعالى أمرَ عبادَهُ بوَفاءِ العَهدِ وهي البيعَةُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم على الإسلام الذي هو الدّينُ الحقُّ الذي رضِيَهُ اللهُ لعِبادِهِ وأمرَنا باتباعِهِ يقولُ الله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾ ونَهاهُم عن نقضِ البيعَةِ ﴿بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ أي توثيقِها باسمِ الله ﴿وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً﴾ أي شاهِدًا ورَقيبًا، لأنَّ الكَفِيلَ مُرَاعٍ لأحوالِ المَكفولِ به مُهَيمِنٌ عليهِ، ﴿إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ أي مِنَ البرِّ والحِنْث فيُجازِيكم به.

﴿وَلاَ تَكُونُواْ﴾ أي في نَقْضِ الأيمان ﴿كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ﴾ أي كالمرأةِ التِي أنْحَت على غَزلِها بعدَ أن أحكَمَتهُ وأبرَمَته فجعَلَتهُ ﴿أَنكَاثًا﴾ وهو ما يُنكَثُ فَتلُهُ، قيلَ هي رَيْطَةُ وكانت حَمقاء تَغزِلُ هي وجوارِيها مِنَ الغَدَاةِ إلى الظُّهر ثم تأمرُهُنَّ فينقُضنَ ما غزَلن.

﴿تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً﴾ أي ولا تَنقُضوا أيْمانَكم مُتَّخِذِيها ﴿دَخَلاً بَيْنَكُمْ﴾ أي مَفسَدَةً وخِيانِةً ومَكرًا وخَدِيعة ﴿أَن تَكُونَ أُمَّةٌ﴾ أي بسَبِبِ أن تكونَ أمَّةٌ يعنِي جماعَةَ قُريش ﴿هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ أي هي أزيَدُ عدَدًا وأوفرُ مالاً مِنْ أُمَّةٍ مِنْ جَماعَةِ المؤمنين، قال مُجاهِدٌ: ((كانوا يُحالِفونَ الحُلَفاء فيجدونَ أكثرَ مِنهم وأعزَّ فينقُضونَ حَلِفَ هؤلاءِ ويُحالِفونَ أولائك فنُهُوا عن ذلك)).

﴿إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ﴾ أي إنما يَختَبِرُكم بكونِهِم أربَى لِينظُرَ أتتمسَّكونَ بحبلِ الوفاءِ بعَهدِ اللهِ وما وَكدَّتم مِنْ أيْمَانِ البيْعَةِ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم أم تغترُّونَ بكثرَةِ قُريشٍ وثروَتِهِم وقِلَّةِ المؤمنينَ وفقرِهم، ﴿وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ إذا جازاكُم على أعمالِكُم بالثوابِ والعِقاب، وفيهِ تحذيرٌ عن مخالَفَةِ مِلَّةِ الإسلام.

 ﴿وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ أي أمَّةً حَنيفَةً مُسلِمَةً ﴿وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء﴾ أي مَنْ عَلِمَ مِنهُ اختيارَ الضَّلالَةِ ﴿وَيَهْدِي مَن يَشَاء﴾ أي مَنْ عَلِمَ منه اختِيارَ الهِداية ﴿وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي يومَ القيامَةِ فتُجزونَ به.

ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرةِ حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اجعلنا هداةً مهديين غير ضالين ولا مُضِلّين، اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمّنا يا أرحم الراحمين

 

 

 

< Previous Post

وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map