يقول الحافظ الخطيبُ البغداديُّ في تاريخ بغدادَ:قالَ سمِعتُ نَصرَ بنَ المكّي يقولُ سمعتُ ابنَ عبدِ الحكَم يقولُ لمّا أنْ حمَلَت أمُّ الشّافِعيّ بهِ رَأت كأنَّ المشتَرِي خَرجَ مِن فَرْجِها حتى انقَضّ بمصرَ ثم وقَعَ في كُلِّ بَلدٍ مِنه شَظِيّةٌ فتَأوّلَ أَصحَابُ الرؤيا أنّه يخرُج مِنها عَالمٌ يخُصُّ عِلمُه أهلَ مصرَ ثم يَتفرّقُ في سَائرِ البُلدَان.

ثم قال أنبأنا الربيع قال سمعتُ الشافعي يقولُ كنتُ أَلزَمُ الرَّميَ حتى كانَ الطّبيبُ يقولُ لي أخافُ أن يُصِيبَكَ السُّلُّ مِن كَثْرةِ وقُوفِك في الحرّ . قال وقال ليَ الشّافعيُّ كنتُ أُصِيبُ مِن عَشرةٍ تسعةً، أو نحوًا مما قال.(وكانَ رضي الله عنه يتَعمّد عدَم إصابةِ العاشِرةِ حِفظًا من العَين).

ثم قال يقولُ المُزنيّ سمعتُ الشافعيَّ يقولُ رأيتُ عليَّ بنَ أبي طالب في النّوم فسلَّم عليّ وصافَحني وخَلَع خاتمَه وجعلَهُ في إصبَعي، وكانَ لي عمٌّ ففَسّرها لي فقال لي أما مُصافَحتُكَ لِعَليّ فَأَمْنٌ مِنَ العَذابِ وأمّا خَلعُ خاتَمِه فجَعْلُه في إصبَعِكَ فسيَبلُغُ اسمُكَ ما بلَغَ اسمُ عَليٍّ في الشّرق والغَربِ.

ثم قال عن إسماعيلَ بنِ يحيَى قال سمعتُ الشّافِعيَّ يَقولُ حَفِظتُ القُرءانَ وأنا ابنُ سَبعِ سِنينَ وحَفِظتُ الموطَّأ وأنا ابنُ عَشرِ  سِنينَ.

ثمّ قال سمعتُ أبا بكرٍ محمدَ بنَ أحمدَ بنِ عبدِ الله بنِ محمدِ بنِ العبّاسِ ابنِ عثمانَ بنِ شافعِ بنِ السّائِبِ الضَّرِير بمكّةَ يقولُ قال أبي سمعتُ عمّي يقولُ سمعتُ الشّافعيَّ يقولُ أَقَمْتُ في بُطُونِ العَربِ عِشرِينَ سَنةً ءاخُذ أشعَارَها ولُغاتِها وحفِظتُ القُرءانَ فما علِمتُ أنّه مَرّ بيْ حَرفٌ إلا وقَد عَلِمتُ المعنى فيه والمرادَ ما خَلا حرفينِ. قال أبي حفِظتُ أحدَهما ونسِيْتُ الآخرَ، أحَدُهُما: دَسّاها.

ثم قال قالَ حدّثني الحسَينُ بنُ عليّ يعني الكَرابِيسيَّ قالَ بِتُّ مع الشّافعيِّ غَيرَ ليلةٍ فكانَ يُصلّي نحوَ ثُلثِ اللّيلِ فَما رأَيتُه يَزيدُ على خمسينَ ءايةً فإذَا أكثرَ فمائةً وكانَ لا يمرُّ بآيةِ رحمةٍ إلا سألَ اللهَ لنَفسِه وللمؤمنينَ أجمعينَ ولا يمرُّ بآيةِ عَذابٍ إلا تعوَّذَ منها وسَألَ النّجاةَ لنفسِه ولجميعِ المسلمينَ .قال فكأنَّما جُمِعَ لهُ الرّجاءُ والرّهبَةُ جمِيعًا.

ثم قال قال سمعتُ الرّبيعَ بنَ سُليمانَ يقولُ كانَ الشّافعيُّ يختِم في كلِّ ليلةٍ ختْمَةً فإذا كانَ شَهرُ رمضانَ خَتمَ في كلِّ لَيلةٍ مِنه خَتمَةً وفي كلِّ يوم خَتمَةٍ، فكانَ يختِمُ في شَهرِ رمضانَ سِتّينَ خَتمةً.

ثم قال سمعتُ بَحرَ بنَ نَصرِ يقولُ كُنّا إذا أَردنَا أن نَبكِي قُلنا بَعضُنا لبعضٍ قُومُوا بنا إلى هذا الفَتى المطَّلبيّ نَقرأ القرءانَ، فإذا أتَيناهُ استَفتَح القرءانَ حتى يتَساقَط النّاسُ بينَ يدَيهِ ويَكثرَ عَجِيجُهم (أي رفعُ صَوتهِم) بالبُكاء فإذا رأى ذلكَ أمسَكَ عن القراءةِ مِن حُسنِ صَوتِه.

ثم قال قال أنبَأنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ عبدِ الرحمن بنِ الجارُود الرَّقّي قال سمعتُ الرّبيع بنَ سُليمانَ يقولُ كانَ الشّافعيّ يُفتي ولهُ خمسَ عشْرَة سنةً وكان يُحيى الليلَ إلى أن ماتَ.

ثم قال قال أنبأنا عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ حنبلٍ قال قلتُ لأبي يا أبتِ أيَّ شَىءٍ كانَ الشّافعيُّ فإنّي سمعتُكَ تُكثِرُ منَ الدُّعاءِ لهُ فقالَ لي يا بُنيّ كانَ الشّافعيُّ كالشّمسِ للدُّنيا وكالعافِيةِ للنّاسِ فانظُر هل لهذَينِ مِن خَلفٍ أو مِنهُمَا عِوَضٌ.

ثم قال قال سمعتُ أبا داودَ سُليمانَ بنَ الأشعثَ يقولُ ما رأيتُ أحمدَ ابنَ حنبل يميلُ إلى أحدٍ مَيلَهُ إلى الشافعيّ.

ثم قال سمعتُ المُزنيَّ يقولُ رأيتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم في المنامِ فسَألتُه عن الشافعيّ فقال لي مَن أرادَ محبَّتي وسُنّتي فعَليه بمحمدِ بنِ إدريسَ الشافعيِ المطّلبيِّ فإنّه مِنّي وأنَا مِنهُ .(أي محبَّتي لهُ تامّة ومحبّتُه لي تامّة).

ثم قال حدثني الربيعُ بنُ سُلَيمانَ قال رأيتُ الشّافعيَّ بعدَ وفَاتِه في المنَام فقلتُ يا أبا عبدِ الله ما صَنعَ اللهُ بكَ قالَ أَجْلَسَني على كُرسِيّ مِن ذهَبٍ ونَثَر عليَّ اللؤلؤَ الرَّطْبَ.اهـ

وكُشِفَ قَبرُ الشّافعيِّ يومًا فخَرجَت مِن قَبرِه رائِحةُ الطِّيبِ وغَّيّبت بعضَ الحاضِرينَ عن حِسّهِم.

< Previous Post

سعيد بن زيد مجاب الدعوة

Next Post >

حمزة بن عبد المطلب

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map