الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

         تحت عنوان (معًا نصون الأجيال من الضياع ) واستنهاضًا لدور المرأة في الحياة الاجتماعية نظمت جمعية رعاية المرأة المسلمة في أستراليا محاضرة دينية ألقاها ضيف الجالية الإسلامية في أستراليا فضيلة الشيخ غانم جلول مدير مدارس الثقافة الإسلامية وذلك في قاعة كلية الأمانة الإسلامية في ليفربول، ومما جاء في هذه المحاضرة :

          قال الله تعالى: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }(طه) وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }(التحريم)

         وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راعِ وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته فكلكم راع ومسئول عن رعيته) متفق عليه.

       إن أي مجتمع بشري مؤلف من مجموعة أسر وكلّ أسرة مؤلفة من أفراد، ولا صلاح للمجتمع إلا بصلاح الأسرة ولا تصلح الاسرة إلا بصلاح أفرادها.

          وأفرادها هم الأب والأم والأولاد الذكور والإناث، والسلطة تعود عادة إلى الأب والأم وتتركز في يد الأب.

         فما هو إذن دور الأب والأم في عملية بناء الأسرة بناءً قويماً لا اعوجاج فيه؟

         وما هي الإنحرافات والأخطار التي تهدد الأسرة؟

         إنّ للأب والأم الدور الأول في توجيه الأسرة فإن كانا صالحين كان توجيههما نحو الصلاح وإن كان غير ذلك كان توجيههما نحو نقيضه.

         فينبغي على الوالدين أن يقوما بأداء ما أوجب الله عليهما واجتناب ما حرم حتى ينعكس هذا الإلتزام خيرًا على أبنائهما فيكتسبوا من أخلاقهما.

         فالولد حين يرى والده ملتزمًا بأداء الصلوات في أوقاتها وبالصيام في شهر رمضان وملتزمًا ترك الغيبة والكذب والنميمة وشهادة الزور واللعن والسب بغير حق وملتزمًا ترك أكل مال الربا وشرب الخمر والقمار والرياء والتكبر على عباد الله وملتزمًا ترك الحسد والحقد والمكر والبخل والسرقة والغش والإحتيال وأخذ الرشوة وملتزمًا بطاعة الوالدين وصلة الأرحام وشكر الله على نعمه والصبر على أداء الطاعة وعلى البلاء وعما حرّم الله فإن هذا الولد في الغالب سيسلك مسالك أبيه الطيبة ويأخذ بخصاله المحمودة ويلتزم بما التزم به والده من الخير.

         وكذلك البنت لما ترى من أمها مثل ذلك مع الالتزام بستر العورة وهي جميع بدن المرأة إلا الوجه والكفين فإنها في الغالب ستقتدي بأمها وتتخلق بأخلاقها وتسير عى نهجها القويم.

          ولكن الحقيقة التي تدمع لها القلوب وتحزن النفوس أنّ معظم البيوت أصابها الخراب بسبب خراب القلوب وعمّ فيها ظلام المعاصي بدل نور الطاعات وحلّت فيها مصيبة الإنحلال والفساد بدل نعمة التقوى والطهارة والسبب في كثير من الأحيان هو عدم ممارسة الوالدين لدورهما في إصلاح أنفسهما وإصلاح أولادهما مما يفسح المجال ويترك الباب واسعًا لدخول من يتربص لممارسة دور التوجيه الفاسد ولتحقيق أغراضه الدنيئة، وإنّ العوامل التي تساعد هذا المتربص الشرير في تحقيق مآربه كثيرة منها:

_ الجو العام السائد في المجتمع الذي يعبق بروائح المجون والفساد

_ قضاء الولد قسماً من وقته خارج المنـزل إما في الجامعة أو المدرسة أو مكان العمل أو الشارع أو بيوت رفاقه.
_ انتشار الانترنت وما تحوية هذه الانترنت من أضرار وسهولة الوصول إليها من غير رقيب مما يشكل خطرا ًكبيرًا على عقول الناشئة خصوصًا بسبب ما تبثه من برامج موجهة هدّامة.

_ رفاق السوء والأحزاب الهدّامة التي تقدم كافة الإغراءات للذكور والإناث.

          إن على أولياء الأمور أن يضعوا مصلحة أبنائهم الأخروية فوق كل اعتبار ومصلحةٍ وأن يعملوا على تطبيق نصائح الرسول صلى الله عليه وسلم الذي علّمنا ووجهنا إلى الطريقة الفضلى في التربية.

          فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ) رواه ابو داود بإسناد حسن، فإنّ العلم في الصغر كالنقش في الحجر ومن شب على شىء شاب عليه ومن عوّده أبواه على الصلاة والصيام والطاعة صغيرًا وجد نفسه معتادًا مواظبًا عليها كبيرًا.

         ومن الواجب على الأبوين نحو أولادهما تعليم الصبي والصبية ما يجب عليهما بعد البلوغ أي من أمور الدين الضرورية وهو ما كان من أصول العقيدة من وجود الله ووحدانيته وقدمه وبقائه وقيامه بنفسه ومخالفته للحوادث في الذات والصفات والأفعال أي أنه لا يشبه الضوء ولا الظلام ولا الإنسان ولا النبات ولا الجمادات من الكواكب وغيرها وأن لله قدرة وإرادة وسمعًا وبصرًا وعلمًا وحياة وكلامًا، وأنّ محمدًا عبد الله ورسوله وأنه خاتم الأنبياء، وأنه عربي وأنه ولد بمكة وهاجر إلى المدينة، وأنّ لله ملائكة، وأنه أرسل أنبياء أولهم آدم، وأنه أنزل كتبً امع الأنبياء وأنه سيفني الجنّ والإنس ثم يعادون إلى الحياة وأنهم يجازون بعد ذلك على حسناتهم بالنعيم المقيم وعلى سيئاتهم بالعذاب الأليم، وأنّ الله أعد للمؤمنين دارًا يتنعمون فيها تسمى الجنة وللكافرين دارًا تسمى جهنم، وتعليمهما ما أشبه ذلك. وكذلك تعليمهما حرمة السرقة والكذب والزنا والغيبة والنميمة وضرب المسلم ظلمًا ونحو ذلك من الأمور الظاهرة.

           فما أحوجنا في هذه الأيام الفاضلة إلى استغلال ما بقي من أعمارنا لمراجعة النفس وإكتساب المزيد من الخير، حافظوا على أولادكم لاتتركوهم للمتطرفين فهم أمانة في أعناقكم .

         هذا وتشكر جمعية رعاية المرأة المسلمة فضيلة الشيخ غانم جلول على تلبيته لدعوتها متمنية له المزيد من التقدم والنجاح في نشر الخير بين المجتمع.

الإعلام في جمعية رعاية المرأة المسلمة الأسترالية

< Previous Post

الشكر على نعم الله – محاضرة دينية للشيخ غانم جلول بدعوة من جمعية ليفربول الإسلامية

Next Post >

هل هلال الخير فاقبلوا – جمعية أوبرن

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map