كلمة سماحة الشيخ الدكتورحسام قراقيره حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمدُ لله الأولِ بلا بداية، الآخرِ بلا نهاية، حمد عبد سبّح ووحَّد وشكر وسجدَ مخلصًا له الدين، والصلاة والسلام على نبيِّ الهدى وسراجِ الدجى بحرِ الندى الفياضِ محمد بنِ عبد الله المصطفى الأمينِ وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.

قال الله تعالى: “وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان“.

     إنه منهاج أمرَ به الله عبادَه، فيه سعادتُهم وفيه أمانُهم وفيه عزتُهم ونصرهُم وفلاحُهم. وها زمانُ رمضان قد انطوى وكان مجالًا للتعاون بين المؤمنين يتزاورونَ ويتهادَوْنَ ويتحابُون في الله ويتباذَلون لوجههِ. فمن اغترف من الصالحات فيه فقد هنئ قلبه وسعدت نفسه وطابت أيامه وقد قال رسول الله ﷺ : “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” . فمن امتلأ قلبه إيمانًا وعزيمته احتسابًا ظهر ذلك على جوارحه وخلُقه إحسانًا وصدقاتٍ وركوعًا وسجودًا وإقبالاً على رياض الذكر وحَلَق الأجر فواسى ورحم وتعلّم وعلّم ونال من البر والخيرات. ومن فاته ذلك فقد قال رسول الله ﷺ: “بُعدًا لمن أدرك رمضان ولم يغفر له“.

     وها هي الأمة تشهد عيد الفطر الكبير المبارك تشهده تحت أثقال المآسي وأحمال الفتن وازدحام المصائب على بلادها. أرضٌ مغتصبة وحقوق مُضاعة والمؤامراتُ ما زالت تُحاكُ ليل نهار وقد كشَّر الظلم عن نابه وسنّ مخلبه وأحاطت بنا أمم من بعدها أمم تتناتش وتنهش كما أحاط الآكلون بالقصعة. ولكن أمتُنا هي أمة محمد عليه الصلاة والسلام. هي أمة الصبر وأمةُ الصمود وأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أمةٌ لم تكسر النائباتُ ظهرها ولا فتَّتْ من عضدها، أمة إمامها خير الأنبياء وشعارها توحيد الله خالقِ الأرض والسماء وكتابُها القرءان الكريم المعجزة المستمرة على مر السنين.

     أمتنا ستفرح بعيدها ولو من تحت الركام، أمتنا ستعتزُ بصيامها شهر الهدى والقرءان رمضانَ المبارك في وجه الأعاصيرِ والأنواء . فالعيد هو يوم الفرح بالطاعة فرحُ العبد بعبادة ربه، عيدنا من شعائر الله التي تعظيمها من تقوى القلوب نفرح بأننا مسلمون أدوا أمر الله واستجابوا لما فرض الله، نفرح بأننا مؤمنون صلاتنا ونسكنا ومحيانا ومماتنا لله رب العالمين .

      في عيد الفطر نستذكر أمر الله تعالى لنا بالتعاون على الخير بالاجتماع على الطاعة بالوحدة على الحق. نعم وحدة على حقٍ وصلاح وإخلاص لوجه الله وليس أي وحدة كائنة ما كانت فالاجتماع الذي لا يكون على الحق لا خير فيه، والقوة التي تبنى على غير العدل لا صلاح فيها، والتعاضد الذي يكون على عصبية بغيضة لا يبني، فإن الله أمرنا بالتعاون على البر والتقوى ثم نهانا عن التعاون على الإثم والعدوان فليس مجردُ التعاون هو المطلوب ولا مجرد وحدة لنفس الوحدة هو المأمور به.

 لنقف إلى جانب الحق وسيأتينا النصر بمشيئة الله.
لنؤيد الصواب وستأتينا العزة بمشيئة الله.
لنكن يا عباد الله إخوانًا وسترتفع ألويتنا بمشيئة الله.
لنعمل فيما نعمل لوجه الله، وسننال من بركات ذلك خيرات الدنيا ومسرات الرضا في الآخرة.
العيد للأمة حثٌ إلى العمل من جديد.

     والعيد للمسلم في داره وبين أهله بسمة فرح وكلمة تهنئة وتحية إسلام وإيمان، ولمجتمعنا سعادة اللقاء ومجالس الهناء تحت شعار الطاعة لله والمحبة في الله.

       فعُد علينا يا فطر الأمة فإننا نحيا على أمل أن تعود، على أمل أن يكون عامُنا الجديد بابًا لاستذكار الماضي واستشراف الغد وأخذ العبرة لنعمل أكثر ولنلتقي أكثر ولنتسامح أكثر ولنتطاوع ونتواضع ونخفض جناحنا للمؤمنين وأن نسير في درب الإصلاح مصرين على التزام الحق بلا مساومة والتمسك بالأرض بلا تهاون فالحق يحيا في قلوب معتقديه ويستمر في عزيمة طالبيه.

هنيئًا لامتنا بعيدها وإننا بعون الله على عهد العمل ووعد التعاون والانفتاح والله الموفق وعليه التكلان.

< Previous Post

صلاة وتكبيرات العيد

Next Post >

خطبة عيد الفطر المبارك 2021 من مسجد السلام في سيدني

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map