روى أبو داود في السنن أن رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: “من اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِن أَحْسَنِ ثَيَابِهِ وَمَسّ مِنْ طِيبٍ ـ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ ـ ثُمّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَتَخَطّ أَعْنَاقَ النّاسِ، ثُمّ صَلّى مَا كَتَبَ الله لَهُ، ثُمّ أَنْصَتَ إذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتّى يَفرُغ مِنْ صَلاَتِهِ، كَانَتْ كَفّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ التّي قَبْلَهَا”. ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال: إنه صحيح على شرط مسلم.

وروى مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ“. ولأحمد من حديث علي مرفوعا ” من قال صَـهْ فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له ” ولأبي داود نحوه، ولأحمد والبزار من حديث ابن عباس مرفوعا “ من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له أنصت ليست له جمعة ” وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفا، قال العلماء: معناه لا جمعة له كاملة للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه.اهـ

قال فقهاء الشافعية:

ويستحب للقوم السامعين وغيرهم أن يقبلوا على الإمام بوجوههم؛ لأنه الأدب ولما فيه من توجههم القبلة وأن ينصتوا ويستمعوا، قال تعالى { وإذا قرئ القرءان فاستمعوا له وأنصتوا } ذكر كثير من المفسرين أنه ورد في الخطبة وسميت قرآنا لاشتمالها عليه، والإنصات السكوت والاستماع شغل السمع بالسماع انتهى ويكره للحاضرين الكلام فيها لظاهر الآية السابقة وخبر مسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت، ولا يحرم للأخبار الدالة على جوازه كخبر الصحيحين عن أنس ” بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قام أعرابي فقال يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا فرفع يديه ودعا ” وخبر البيهقي بسند صحيح عن أنس ” أن رجلا دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال متى الساعة فأومأ الناس إليه بالسكوت فلم يقبل وأعاد الكلام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم في الثالثة ما أعددت لها قال حب الله ورسوله قال إنك مع من أحببت ” وجه الدلالة أنه لم ينكر عليه الكلام ولم يبين له وجوب السكوت، والأمر في الآية للندب، ومعنى لغوت تركت الأدب، جمعا بين الأدلة والتصريح بالكراهة، ولا تختص بالأربعين بل الحاضرون كلهم فيها سواء، نعم لغير السامع أن يشتغل بالتلاوة والذكر، وكلام المجموع يقتضي أن الاشتغال بهما أولى، وهو ظاهر، وإن عرض مهم ناجز كتعليم خبر ونهي عن منكر وإنذار إنسان عقربا أو أعمى بئرا، لم يمنع من الكلام بل قد يجب عليه، لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت، ويباح لهم بلا كراهة الكلام قبل الخطبة وبعدها وبينهما أي الخطبتين، والكلام للداخل في أثنائها ما لم يجلس يعني ما لم يتخذ له مكانا ويستقر فيه والتقييد بالجلوس جرى على الغالب وظاهر أن محل ذلك إذا دعت الحاجة إليه.اهـ

< Previous Post

العلماء يتواعظون بثلاث

Next Post >

وإذا غلا شيء عليّ تركته

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map