الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وءال كل وصحب كل وسائر الصالحين، أما بعد

يقول الله تعالى في القرءان الكريم: (وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)

 ويقول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ)

إن في هاتين الآيتين الكريمتين أمرًا مهمًا عظيمًا ألا وهو الاعتصام بحبل الله المتين وإنما يكون ذلك بالتمسك بالحق وبالمواظبة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، مما يسهم بالتأكيد في الرقي والحضارة، وبالعمل بالمبادىء العالية التي تقي العباد والبلاد من كثير من الشرور.

ومن نظر في واقعنا علم مسيس الحاجة إلى تكاتف المشايخ المعتدلين والعلماء الصادقين والمثقفين واتفاق كلمتهم حول ما يهم الجالية وأبناءها من فتاوى شرعية صحيحة مدعمة بالأدلة النقلية والعقلية، وتوثيق العلاقات والروابط مع مختلف الجاليات والعمل جنبًا إلى جنب نحو مستقبل أفضل لأستراليا وكافة الأستراليين، وتمثيل المسلمين على صعيد الأفراد والجمعيات والجاليات بغض النظر عن الخلفيات الثقافية والعرقية لهم.

لذا كان قرارنا أن نعمل وبكل جهد، لدعم هذا التكاتف، متوكلين بذلك على الله سبحانه وتعالى، ثم معتمدين على خبرات أهل الخير، للرقي بالمواطن الأسترالي المسلم، ولبلورة الجهود وتكثيفها فيما يضمن توحيد الكلمة وتقوية الصف وجمع الشتات.

وباجتماع عدد وافر من المشايخ والدعاة وأئمة المساجد والمراكز ورؤساء الجمعيات من مختلف الولايات الاسترالية لتلبية حاجة المسلم الأسترالي لمن يتكلم بلسانه، ويعبر عن مشاعره، فيتألم بألمه، ويكتب بقلمه، وذلك عن طريق تمثيله بمجلس يشكل أعلى هيئة إسلامية ومرجعية دينية في أستراليا كانت فكرة إقامة دار الفتوى.

دار الفتوى حاجة ملحة يتطلع إليها كل مخلص في زمن اختلطت فيه الموازين.

دار الفتوى دار الجميع، بابها مفتوح ويدها ممدودة، نجتمع فيها لنتعاون على ما فيه خير الوطن والمواطن.

دار الفتوى ليست دارا لجمعية دون أخرى بل هي مجمع الجمعيات المعتدلة.

دار الفتوى ليست مسخرة لدولة من الدول لأجل الإمداد المالي وليست لتوزيع المال على أعضائها، بل لإعطاء الجميع النصيحة في كيفية إيصال المال لمستحقيه والمساعدة على ذلك.

دار الفتوى ليست للشهرة والجاه، وإنما للعمل الدءوب في خدمة أبناء الجالية وتلبية حاجاتهم وإسداء النصيحة لهم لوجه الله ومن غير مقابل مال.

دار الفتوى ليست تابعة لقرار دولة أو دول، إنما مؤسسة مستقلة ترسم طريقها وتحدد قراراتها وفقًا لما يصب في مصلحة المسلمين عمومًا ومن غير محاباة لأفراد أو جماعة.

دار الفتوى ترى أن العيش في بلد كأستراليا يحوي العديد من الطوائف يكون على أساس صيغة العيش المشترك الحسن،كماقال الله تعالى في القرءان الكريم : (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً).

دار الفتوى استقت منهاجها من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما قرره علماء الإسلام أصحاب المذاهب الإسلامية المعتبرة.

وترى أن أئمة المذاهب المعتبرة أئمة هدى، وأن اختلافهم في فروع الأحكام رحمة بالأمة.

كما أنها ترفض كل أشكال التطرف المنحرف والهدام الذي أوصل أمتنا إلى شفير الهاوية، وتعتبر ما يجري من ممارسات شاذة متطرفة باسم الدين لا يمت إلى الإسلام بصلة.

دار الفتوى دار علم وتعليم وإرشاد وإصلاح وتعاون وانفتاح، أمانة في حمل تعاليم الشريعة وأدائها.

فكانت باكورة أعمالها بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك كتاب تنوير الحلك في بطلان دعوى إثبات الصوم بالحساب والفلك، ليكون دليلًا لكل مسلم في بيان كيفية إثبات الصوم، والرجوع في ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما قرره أئمة الهدى، وذلك برؤية الهلال أو استكمال العدة ثلاثين، مع بيان أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح للعمل به إلى يوم القيامة ولو تطورت الاكتشافات

هذا الكتاب يهم كل من يطلب حقيقة كيفية ثبوت شهر رمضان وعيد الفطر بالطريق الشرعي بأسلوب علمي راق وشيق، معتمدًا كلام رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ).

وفيه بيان أن الشرع ربط الصوم بحقيقة الرؤية العيانية للقمر لا بولادة الهلال حسابيًا وأن القول بإمكان معرفة بدايات الأشهر القمرية ونهاياتها من طريق الحساب أمر مباين لمنهجي الشرع والعلم الحديث.

وفيه بيان أن جمع كلمة المسلمين يكون بالرجوع إلى ما قرره شرعنا الحنيف لا إلى ظنون الفلكيين وحسابات المنجمين الذين لا زالوا يختلفون في تحديد الشهر القمري كما حصل في سنة 1984ر أن فلكيًا حدد بداية الصوم يوم الخميس.. وكان هناك فلكيّ ءاخر جعل بداية رمضان يوم الأربعاء حسب ما درسه.. وفلكيّ ءاخر جعله الجمعة.. أهذا يعتبر جمعًا للكلمة ؟! وما زال الفلكيون إلى الآن يختلفون.

والشرع الإسلامي بيّن الطريقة لثبوت شهر الصيام وهذه الطريقة مبنية على المراقبةِ للهلالِ بالعين في المدن والقرى والبلدان. يعرف ذلك كلّ من عاش في بلاد المسلمين وشهد عاداتهم من الخروج لمراقبة الهلال، وتجمع الناس في المواضع التي تتوضح فيها الرؤية، وإطلاقِ المدافع أو إيقاد النيران على رءوس الجبال عند ثبوت الرؤية إيذانًا ببدء الشهر الشريف أو حلول العيد المبارك.

عاداتٌ جميلةٌ تمتد جذورها إلى أيام الصحابة الكرام، أشرف عليها أهل العلم على مرّ الأزمان، وحرص على المشاركة فيها أهل التقوى والفضل، واستقر أمرها بين المسلمين في أنحاء الأرض.

وفي آخر كلمتي أذكر نفسي وأذكركم بقول الله تعالى: ( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)

عملًا بهذه الآية الكريمة ندعو كل المخلصين لرص الصفوف وتوحيد الجهود لنشر الخير طلبًا للأجر والثواب من الله تعالى، معًا نعمل لتحقيق أهدافنا، ومعًا نصل إليها، نبذل ونعطي ونضحي، يحركنا أمر الآخرة، ماضون، سائرون، نتأمل في الماضي، ونسعى في الحاضر، ونخطط للمستقبل، يدنا ممدودة لتشابك يد كل مخلص، لنعبر معًا لغد أفضل.

ونشكر لكم تلبيتكم وحضوركم على أمل في لقاء قريب بعون الله.

والسلام عليكم ورحمة الله

< Previous Post

كلمة أمين عام الفتوى سماحة الشيخ سليم علوان الحسني في حفل افتتاح دار الفتوى

Next Post >

وفاة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map