بسم الله الرحمن الرحيم

عَبْدُ الله بنُ الزَّبَيْرِ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ في الإسْلامِ وُلِدَ للْمُهَاجِرِينَ في الْمَدِينَةِ بَعْدَ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ، وَلَدَتْهُ أُمُّهُ بِقُبَاءَ وَأَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ في حِجْرِهِ وَدَعا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا وَوَضَعَهَا في فِيهِ فَكَانَ أَوَّلُ شَىْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولاً لِلْرَّحِمِ كَثِيرَ التَّعَبُّدِ، كَانَ يَطْوِي سِتَّةَ أَيَّامٍ وَكَانَ يُطِيلُ السُّجُودَ حَتَّى يَسْقُطَ الطَّيْرُ عَلى ظَهْرِهِ يَظُنَّهُ جِدَارًا، وَكَانَ يُصَلِّي في الْحِجْرِ –أي حَجْرِ إسْمَاعيل- وَالْمَنْجَنِيقُ تُصَوَّبُ فَوْقَهُ فَلا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم دَمَهُ لِيُهْرِيقَهُ فَشَرِبَهُ فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم “وَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِنْكَ” أَخْرَجَهُ الدَّارَ قُطْنِيُّ، أَيْ وَيْلٌ لِلْحَجَّاجِ بِالْعِقَابِ لأَنَّهُ يَقْتُلُكَ وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ الْحَجَّاجُ لأَنَّهُ يَقْتُلُكَ وَعَاشَ حَتَّى قُتِلَ على يَدِ الْحجَّاجِ. وَقُبَاءُ نَاحِيَةٌ بِالْمَدينَةِ فِيها بِئْرُ أَرِيس الَّتي وَقَعَ فيهَا خَاتَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَدِ عُثْمَانَ فَكَانَتْ مُبَارَكَةً يَتَبَرَّكُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ حَتَّى سُدَّت. وَمَا فَعَلَهُ الرَّسُولُ مِنْ مَضْغِ تَمْرَةٍ ووَضْعِهَا في فَمِ ابنِ الزُّبَيْرِ هُوَ التَّحْنِيكُ الْمُسْتَحَبُّ عَمَلُهُ لِلطِّفْل قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ أَيُّ طَعَامٍ جَوْفَهُ تَفَاؤُلاً بِحَلاوَةِ أَخْلاقِهِ. وَمَا جَاءَ مِنْ أَنَّ ابنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْوِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَيْ جُوعًا فَذَلِكَ لأَنَّ عِبَادَ اللهِ الصَّالِحينَ مِنْ شَأَنِهِمْ أَنَّهُمْ يَجُوعُونَ الْجُوعَ الَّذي لا ضَرَرَ فيهِ وَذَلِكَ يُعِينُهُمْ على طَاعَةِ اللهِ وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ تَنْويرِ الْقُلُوبِ، فَلا يَجُوُزُ أَنْ يُقَالَ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ جَهَلَة العَوَامِّ الْجُوعُ كَافِرٌ. أمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ “وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيع” فَمَعْنَاهُ الْجُوعُ الَّذي يُفْسِدُ صَاحِبَهُ لأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَكْفُرُونَ بِسَبَبِ الْجُوعِ. وَمَا فَعَلَهُ ابنُ الزُّبَيْرِ مِنْ شُرْبِ دَمِ النَّبِيِّ بَعْدَ الْحِجَامَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَرَوْنَ التَّبَرُّكَ بِالنَّبِيِّ وَءاثَارِهِ وَأَنَّ كُلَّ مَا خَرَجَ مِنَ الرَّسُولِ طَاهِرٌ مُبَارَكٌ، وَقَدْ أَقَرَّهُمُ النَّبِيُّ عَلى هَذَا التَّبَرُّكِ. وَالْمَنْجَنِيقُ ءالَةٌ مَعْرُوفَةٌ يُرْمَى بِهَا في الْحَرْبِ

 أَمَّا قَتَادَةُ بنُ النُّعْمَانِ فَهُوَ صَحَابِيٌّ جَليلٌ أُصِيبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَوَقَعَتْ عَلى وَجْنَتِهِ –أَيْ مَا ارْتَفَعَ مِنْ خَدِّهِ- فَأُتيَ بِهِ للنَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمْ فَقَالَ يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي امْرَأَةً أُحِبُّها وَأَخْشَى إِنْ رَأتْنِي تَسْتَقْذِرُنِي وَتَعَافُنِي فَأَخَذَ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَرَدَّهَا فَوَضَعَهَا وقالَ “اللهُمَّ اكْسُهَا جَمَالاً” فَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأحَدَّهُمَا نَظَرًا وَكَانَتْ لا تَرْمَدُ إِذَا رَمِدَتْ عَيْنُهُ الأُخْرَى، وفي هَذَا قَالَ بَعْضُهُم

 إِنْ كَانَ عِيسَى بَرَا الأَعْمَى بِدَعْوَتِهِ     فَكَمْ بِرَاحَتِهِ قَدْ رَدَّ مِنْ بَصَـرِ

 

 ففي هَذَا الْحَديثِ دَليلٌ عَلى عَظَمَةِ بَرَكَةِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَمُعْجِزَةٌ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ وَأَنَّ دُعَاءهُ مُسْتَجَابٌ. وَقَدْ قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَتَادَةَ عَلى عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ رضيَ اللهُ عنهُ فقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قالَ

 أَنَا ابنُ الَّذي سَالَتْ عَلى الْخَدِّ عَيْنُهُ     فَرُدَّتْ بِكَفِّ الْمُصْطَفَى أَيُّمَـا رَدِّ

 فَعَادَتْ كَمَـا كَانَتْ لأَوَّلِ أَمْرِهَا      فَيَا حُسْنَ مَا عَيْنٌ وَيَا حُسْنَ مَا رَدِّ

 فَوَصَلَهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العزِيزِ وَأَحْسَنَ عَطِيَّتَهُ 

< Previous Post

فضل أهل البيت وزين العابدين

Next Post >

أبو بكر الصديق رضي الله عنه اول الخلفاء الراشدين

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map