إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهدِيْهِ ونشكرُهُ ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا ومِن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومَنْ يضللْ فلا هاديَ لهُ.

وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مثيلَ لهُ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لهُ، يا ربُّ يا اللهُ يا رحمنُ يا رحيمُ، يا ربَّ العرشِ العظيمِ، يا مَن رفعتَ السماءَ بغيرِ عَمَدٍ وأنزلتَ القرءانَ على محمّدٍ ارحمنا يا أرحمَ الراحمينَ، يا ربُّ يا مَن ليس كمِثْلِك شىءٌ فوّضنا أمرَنا إليكَ اغفرْ لنا يا الله، فأنتَ القائلُ في الحديثِ القدسيِّ:” يا ابنَ ءادمَ إنّك ما دعوتَنِي ورجَوْتنِي غفرتُ لكَ على ما كانَ منكَ ولا أُبالي، يا ابنَ ءادمَ لو بَلَغَتْ ذنوبُكَ عَنانَ السماءِ ثُمَّ استغفرتَني غفرتُ لكَ ولا أُبالي، يا ابنَ ءادمَ إنك لو أتيتني بِقُرابِ الأرض خطايا ثم لَقِيتَني لا تُشْرِكُ بي شيئًا لأتيتُك بقُرابِها مَغفرةً “ .

وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعينِنَا محمَّدًا عبدُهُ ورسولُه وصفيُّه وحَبيبُه، بلّغَ الرسالةَ وأدّى الأمانةَ ونصحَ الأمّةَ فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جَزَى نبيًّا من أنبيائهِ، جزاكَ اللهُ عنا يا سيّدي يا رسول الله خيرًا.

فواللهِ لو تَقِفُ الدُّنيا في وجهي         مِنْ صَفِّكَ مَا أنَا مُنسَحِبُ

ما قُدِّرَ لي أنْ أُدْرِكَكُم                   في الدُّنيا فأنا أحتَسبُ

فَعَسَى في الأُخرى تَحْضُنُني              في الجنّةِ حيثُ لَنَا رُتَبُ

تَتَبَسَّمُ لي وَتُعانِقُني                       وَمَزِيدًا منكُمْ أَرْتَقِبُ

وَأُدَقِّقُ في وَجْهِ حَبِيبِبي                    بِجَمالِهِ لَمْ تُحِطِ الكُتُبُ

وأَضْحَكُ ثُمّ تُكَلِّمُني                    كَلِماتٍ زَيَّنَها الأَدَبُ

وَجَبِينِي يَرْقُدُ في صَدْرٍ                    أَتَقَرَّبُ منكَ وأقْتَرِبُ

وأُقيمُ بقُربِكَ في عَدْنٍ                   لا حُزْنَ هُناكَ ولا تَعَبُ

 اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ وأعْظِمْ وأكْرِمْ على سيِّدِنا محمّد وعلى ءالِهِ وأصحابِهِ الطيِّبينَ الطاهرينَ.

أمَّا بعدُ عِبادَ اللهِ فاتقوا الله حقَّ تقاتِه، واعلموا أنّ الله تعالى يقول في القرءان العظيم:” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ “  (سورةَ الذاريات/ الآيتين 56و57) .

وهذا تصريحٌ بأنّهم خُلِقوا للعبادةِ، فحَق عليهم الاعتناءُ بِما خُلِقوا لهُ والإعراضُ عنْ حظوظِ الدنيا بالزَّهادةِ فإنها دارُ فناءٍ لا محلُّ إخلادٍ، أي لن تُخلّد فيها، ومركَبُ عبورٍ لا منْزلُ حُبور، إنها مركبُ عبورٍ يُتوصَّلُ بها إلى الدار الآخرة وليست منْزلَ الفرحِ والسرور، فلهذا كان الأيْقَاظُ مِن أهلِها همُ العُبّادَ وأعقلُ الناس فيها همُ الزُّهّادَ، فإذا كان حالُها ما وَصَفْتُه وحالُنا وما خُلقنا له ما قَدَّمْتُه فحق على المكلفِ أن يذهبَ بنفسِه مذهبَ الأخيارِ ويسلُك مسلكَ أولي النُّهَى والأبصار ويتأهَّبَ لِما أَشَرتُ إليه ويهتمَّ لِمَا نبّهتُ عليه وأصوَبُ طريقٍ له في ذلك وارشَدُ ما يسلكُه من المسالك التأدّبُ بما صحَّ عن نبيّنا محمدٍ سيِّد الأولين والآخرين وأكرمِ السابقين واللاحقين صلواتُ الله وسلامه عليه وعلى سائرِ النبيين، وقد قال ربُّنا تبارك وتعالى:” وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى” الآية. (المائدة/2) .

وقد صحَّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال:” واللهُ في عَوْنِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عَوْنِ أخيه”. وأنه قال: “مَن دَلَّ على خَيرٍ فلهُ مثلُ أجرِ فاعِلِهِ”.

وأنه قال لعليٍّ رضي الله عنه:” فواللهِ لأنْ يهدي اللهُ بكَ رَجُلاً واحدًا خيرٌ لكَ منْ حُمْرِ النَّعَمِ “.

لذلك كلِّه رأينا أن نجمعَ لكم اليومَ شيئًا من بعضِ الأذكارِ الواردةِ عن الحبيبِ المصطفى صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ فإنّ الله تعالى يقول:” وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” الآية. (سورة الأحزاب ءاية 35) .

فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقولُ إذا أصبح:” اللهمَ بكَ أَصبَحْنا وبك أمسَيْنا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور”.

و قد قال صلى الله عليه وسلم:” ما مِن عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءِ كلِّ ليلة بسم الله الذي لا يَضرُّ معَ اسمه شىءٌ في الأرض ولا في السماءِ وهو السميعُ العليم ثلاثَ مرات لم يضرُّه شىء” .

وقال صلى الله عليه وسلم:” من قال حين يُصبح أو يمسي اللهمَّ إني أصبحتُ أُشهِدُكَ وأُشهْدُ حملةَ عرشِك وملائكتَك وجميعَ خلقِك أنك أنت اللهُ لا إله إلا أنتَ وَحْدَكَ لا شَرِيْكَ لكَ وأنّ محمّدًا عبدُك ورسولُك أعتقَ الله رُبعَهُ من النار فمن قالها مرتين أعتقَ الله نصفه من النار ومن قالها ثلاثًا أعتقَ اللهُ تعالى ثلاثةَ أرباعِهِ فإن قالها أربعًا أعتقه الله تعالى من النار”.

وقال صلوات ربّي وسلامه عليه:” من قال حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات رضِيت بالله ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمّدٍ صلى الله عليه وسلّم نبيًّا كان حقًّا على الله تعالى أن يُرضيَه”. والله لا شيءَ واجبٌ عليه، والحديث هنا أي على الدوامِ بأن يقول كلَّ صباحٍ وكلَّ مساءٍ بعدَ المغربِ هذا كان حقًّا على الله تعالى أن يُرضيَه أي أنَّ له عندَ الله تعالى وعدًا لا يُخلِفُه الله تعالى أن يُرضيَه بعدَ موتِه أي أن يجعلَه بحالةٍ حسنةٍ وذلك بالنجاةِ من عذاب الله، وهذا خيرٌ كثير، وعملُه على اللسان خفيفٌ، ما فيه مشقّةٌ، يقولُه الإنسان بسهولة وفي وقت لطيف.

إخوة الإيمان إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حثّنا حثًّا بليغًا  على تقليلِ الكلام إلا مِن خير، فقال صلى الله عليه وسلم:” مَن كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليَقُلْ خَيرًا أو لِيَصْمُت” ، الحديث.

ويقول ربُّنا تبارك وتعالى:” وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”.

هذَا وأستغفرُ اللهَ لي ولَكُمْ.

< Previous Post

خطبة الجمعة | الاحتكامُ إلى الدِّينِ

Next Post >

خطبة الجمعة | مُعْجِزَةُ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map