بسم الله الرحمن الرحيم
رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: “كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم رَبَّنَا ءاتِنَا في الدُّنْيا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” مَعْنَى في الدُّنْيَا حَسَنَةً أَيْ عَمَلاً صَالِحًا وَمَعْنَى وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً الْجَنَّةَ، وَهَذَا الدُّعَاءُ كَانَ أَكْثَرَ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّسُولُ في الْحَجِّ وَغَيْرِهِ
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ رَضي اللهُ عنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عليه وسلم يدْعو: “اللهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتي وجهْلِي وإِسْرَافي في أمري وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وهَزْلي وخَطَئي وعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ وَما أَسْرَرْتُ وما أَعْلَنْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ“. هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يُحْتَاجُ لِشَرْحِهِ لِيُفْهَمَ عَلَى الْمُرَادِ فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ مُسْرِفًا في أَمْرِهِ إِنَّمَا مَعْنَى دُعَائِهِ هَذَا اللهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ هَذَا لأَنَّهُ لَوْلا أَنَّ اللهَ تعالى حَفِظَهُ لَكَانَ جَائِزًا عَلَيْهِ أَنْ يُصِيبَهُ. وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ في الْقُرْءانِ الكريمِ عَنْ يُوسُفَ: “وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ” مَعْنَاهُ إِظْهَارُ التَّسْلِيمِ للهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ يُوسُفَ قَدْ تَحْصُلُ مِنْهُ فَاحِشَةٌ، إِنَّمَا الْمَعْنَى يَا رَبِّ أَنْتَ حَفِظْتَني وَلَولا حِفْظُكَ لَكَانَ جَائِزًا عَلَيَّ أَنْ أَقَعَ في هَذَا وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّ الآيَةَ: “وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَولا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ” لَيْسَ مَعْنَاهَا أَنَّ يُوسُفَ هَمَّ بِالزِّنى إِنَّما الْمَعْنَى أنَّ امْرَأَةَ الْعَزِيزِ هَمَّتْ بِالزِّنَى وَيُوسُفَ لَمْ يَهُمَّ لأَنَّ اللهَ أَرَاهُ بُرْهَانَهُ فَعَصَمَهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا عُصِمَ جِميعُ الأَنْبِيَاءِ
وَرَوَى ابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضي اللهُ عنهُ قالَ: “سَمِعَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم رَجُلاً يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الَّذي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ“. مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ فيهِ اسْمُ اللهِ الأَعْظَم
وَرَوى الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَة ِالدَّينِ وَغَلَبَةِ الْعَدُوِّ وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: اللهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيتَكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ
قَالَ الْعُلَمَاءُ رِضى اللهُ وَسَخَطُهُ لَيْسا انْفِعَالَيْنِ لأَنَّ الانْفِعَالَ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، إِنَّمَا مَعنى رِضَى الله إِرادَتُهُ الإنْعَامَ وَسَخَطُهُ إِرَادَتُهُ الانْتِقَامَ