السؤال: ما حكم الكلام ممن لا يسمع الخطبة لكونه بعيدا ؟
الجواب:
ما قاله النووي الشافعي في المجموع :
فَأَمَّا مَنْ لا يَسْمَعُهَا لبُعْده منْ الإمَام ، فَفيه طَريقَان للْخُرَاسَانيَّيْن ( أَحَدُهُمَا ) : الْقَطْعُ بجَوَاز الْكَلام ( وَأَصَحُّهُمَا ) وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَبه قَطَعَ جُمْهُورُ الْعرَاقيّينَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ فيه الْقَوْلَيْن ، فَإنْ قُلْنَا : لا يُحْرَمُ الْكَلامُ اُسْتُحبَّ لَهُ الاشْتغَالُ بالتّلاوَة وَالذّكْر ، وَإنْ قُلْنَا : يَحْرُمُ حَرُمَ عَلَيْه كَلامُ الآدَميّينَ وَهُوَ بالْخيَار بَيْنَ السُّكُوت وَالتّلاوَة وَالذّكْر ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَبه قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفيه وَجْهٌ أَنَّهُ لا يَقْرَأُ وَلا يَذْكُرُ – إذَا قُلْنَا بتَحْريم الْكَلام – ؛ لأَنَّهُ يُؤَدّي إلَى هَيْنَمَة وَتَهْويش ، حَكَاهُ الْفُورَانيُّ وَالْمُتَوَلّي وَصَاحبُ الْبَيَان وَغَيْرُهُمْ . قَالُوا : وَهُوَ نَظيرُ الْخلاف السَّابق في أَنَّ الْمَأْمُومَ هَلْ يَقْرَأُ السُّورَةَ في السّرّيَّة وَالْجَهْريَّة إذَا لَمْ يَسْمَعْ الإمَامَ ؟ وَالصَّحيحُ هُنَاكَ أَنَّهُ يَقْرَأُ ، وَكَذَا هُنَا .
وفي الانصاف : ” يَجُوزُ لمَنْ بَعُدَ عَنْ الْخَطيب وَلَمْ يَسْمَعْهُ الاشْتغَالُ بالْقرَاءَة وَالذّكْر خُفْيَةً ، وَفعْلُهُ أَفْضَلُ نَصَّ عَلَيْه فَيَسْجُدُ للتّلاوَة ، وَقَالَ ابْنُ عَقيل في الْفُصُول : إنْ بَعُدُوا فَلَمْ يَسْمَعُوا صَوْتَهُ جَازَ لَهُمْ إقْرَاءُ الْقُرْءان وَالْمُذَاكَرَةُ في الْعلْم “.
وفي دقائق أولي النهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى الإرادات – المذهب الحنبلي ( بتصرف ) :” فَإنْ كَانَ بَعيدًا عَنْ الإمَام بحَيْثُ لا يَسْمَعُهُ لَمْ يَحْرُمُ عَلَيْه الْكَلامُ لأَنَّهُ لَيْسَ بمُسْتَمع لَكنْ يُسْتَحَبُّ اشْتغَالُهُ بذكْر اللَّه تَعَالَى وَالْقُرْءان وَالصَّلاة عَلَيْه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ في نَفْسه ، وَاشْتغَالُهُ بذَلكَ أَفْضُلُ منْ إنْصَاته . وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لا يَتَكَلَّمْ “
وفي المغني- المذهب الحنبلي ( بتصرف ) : فَصْلٌ : وَللْبَعيد أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى ، وَيَقْرَأَ الْقُرْءانَ ، وَيُصَلّيَ عَلَى النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ وَلا يَرْفَعُ صَوْتَهُ ، قَالَ أَحْمَدُ : لا بَأْسَ أَنْ يُصَلّيَ عَلَى النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ فيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسه . وَإذَا ذَكَرَ اللَّهَ فيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسه ، منْ غَيْر أَنْ يُسْمعَ أَحَدًا ، فَلا بَأْسَ . وَهَلْ ذَلكَ أَفْضَلُ أَوْ الإنْصَاتُ ؟ يَحْتَملُ وَجْهَيْن : أَحَدُهُمَا ، الإنْصَاتُ أَفْضَلُ ؛ لحَديث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو ، وَقَوْل عُثْمَانَ . وَالثَّاني ، الذّكْرُ أَفْضَلُ ؛ لأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهُ منْ غَيْر ضَرَر ، فَكَانَ أَفْضَلَ ، كَمَا قَبْلَ الْخُطْبَة”