Tue, 15th Oct, 2024 /
12 Rabī ath-Thānī , 1446
الثلاثاء ١٥ , أكتوبر , ٢٠٢٤ / 12 رَبِيع ٱلثَّانِي , 1446

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

اللهُ أكبَرُ كُلَّمَا لبَّى ملبٍّ وكبرَ، اللهُ أكبَرُ كُلَّمَا طافَ بالبيتِ طائفٌ وكبرَ، اللهُ أكبرُ كلمَا ضحَّى مضحٍ وكبرَ، اللهُ أكبرُ كبيرًا والـحَمْدُ للهِ كثيرًا، وسبحانَ اللهِ وبـحمدِهِ بكرةً وأصيلاً، الحمد لله المبدئ المعيد الذي مَنّ علينا بهذا العيد، وأَشهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،  الملك الحق الـمُبين، اللهم إنا نوحدك ولا نحدُّك. ونؤمن بك ولا نكيفك. ونعبدك ولا نشبهك. ونعتقد أن من شبهك بخلقك ما عرفك. وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرسُولُهُ وصفِيُّه وحبيبه مَن أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، اللهُمَّ صَلِّ وسلم عَلَى سيدِنَا محمدٍ وَعَلَى آلِهِ وأَصْحابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ حقَّ تقواهُ، قالَ تعالَى :[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ]

أَيُّهَا الـمـُسْلِمُونَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قدْ عظَّمَهُ اللهُ تعالَى وَرَفَعَ قَدْرَهُ، يَومٌ يُحيِي فيهِ الـمُسْلِمُونَ سُنَّةَ أَبيهمْ إِبْراهيمَ عليهِ السلامُ بِمَا يقدمُونَهُ مِنَ الأضاحِي فِي هَذَا اليَوْمِ، فقد روت السيدةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ضَحُّوا وَطَيِّبُوا بِهَا أَنْفُسَكُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسْلِمٍ يُوجِّهُ ضَحِيّتَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، إِلَّا كَانَ دَمُهَا وَفَرْثُهَا وَصُوفُهَا حَسَنَاتٍ مُـحْضَرَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وكان يقول: «أنفِقوا قليلا تؤجَروا كثيرا» الحديث، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه.

وهي سنة مؤكدة في حق الموسرِ حاجًّا كان أو غيرَه. ويَدْخُلُ وَقْتُ التَّضْحِيَةِ إذَا طَلَعَت الشَّمْسُ يَوْمَ النَّحْرِ‏،‏ وَمَضَى بَعْدَ طُلُوعِهَا قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ‏. ‏‏وَأَمَّا ءاخِرُ وَقْتِهَا فبِغُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. والسنة أن لا تذبح إلا بعد صلاة العيد. وتجزئ التضحية بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ‏،‏ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. قال الفقهاء: لا يَجُوزُ ولا يصح بَيْعُ شَىءٍ مِنْ الأضْحِيَّةِ نَذْرًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا،‏ وَلا يَجُوزُ جَعْلُ الْجِلْدِ وَغَيْرِهِ أُجْرَةً لِلْجَزَّارِ بل مؤنة الذبح على المضحي.

فقد روى مسلم وغيره عَنْ الإمام عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَىَ بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا. قَالَ: “نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا”.

والأضحية إخوةَ الإيمان قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:”سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ” وذلك أن سيدنا إبراهيم عليه السلام أوحي إليه في المنام أن يذبح ولده إسماعيل، فقد قال الله تعالى إخبارًا عن إبراهيم أنه قال لولده  * قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى* ورؤيا الأنبياء وحيّ، إذا رأوا شيئًا فعلوه، فعزم سيدنا إبراهيم على تحقيق الرؤيا.

وقد ذكر أهل العلم بالسِّيَر والتفسير أن إبراهيم عليه السلام لما أراد ذبح ولده قال له: انطلق فنُقرِّبَ قربانًا إلى الله عزّ وجلّ، فأخذ سكينًا وحبلاً ثم انطلقا حتى إذا ذهبا بين الجبال، قال له إسماعيل: يا أبت أين قربانك، قال: يا بني إني رأيت في المنام أني أذبحك*  قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ* ثم قال: اشدد رباطي حتى لا أضطرب واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليك من دمي فتراه أمي فتحزن وأسرع مَـرَّ السكين على حلقي حتى يكون أهون للموت عليّ، فإذا أتيت أمي فاقرأ عليها السلام مني، فأقبل سيدنا إبراهيم يُقبِّله ويبكي ويقول: نِعم العونُ أنت يا بني على أمر الله عزّ وجلّ، ثم إنه أمرَّ السكين على حلقه فلم تقطع شيئًا، وقال مجاهد: لَمَّا أَمَرَّها على حلقه انقلبت، فقال إسماعيل: مالَكَ، قال: انقلبت، قال: اطعن بها طعنًا، فلما طعن بـها نَبَتْ ولم تقطعْ شيئًا، وذلك لأن الله هو خالق كل شىء وهو الذي يخلق القطع بالسكين متى شاء.

وقد علِم الله تعالى بعلمه الأزلي الذي لايزيد ولا ينقص ولا يتجدد أن إبراهيم وابنه لا يتأخران عن امتثال أمر الله تعالى وأنهما صادقان في تسليمهما وامتثالهما، ونودي يا إبراهيم *قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* هذا فداء ابنك فنظر إبراهيم فإذا جبريل معه كبش، قال تعالى: *وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ*  أي أن الله تعالى خلّص إسماعيل من الذبح بأن جعل فداءً له كبشًا أقرن عظيمَ الحجم والبركة.

إخوة الإيمان: فِي يومِ عيد الأضحى قَبْلَ أربعةَ عَشَرَ قَرْنًا خَطَبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خُطْبَةً عَظِيمةً أكَّدَ فيهَا علَى تحريمِ الدِّماءِ والأعراضِ والأموالِ، فقد روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ، فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.

عباد الله: إِنَّ هَذَا اليَوْمَ يَومُ عِبادَةٍ وَنُسُكٍ وَدُعاءٍ، إنه يَومُ الصَّفَاءِ والصِّدْقِ، يومُ الحُبِّ والوَفاءِ، يومُ البَذْلِ والعَطَاءِ، يومُ الإنفاقِ والعَطْفِ عَلَى الفُقَراءِ، هَذَا يَوْمٌ تُمْسَحُ فيهِ دَمْعَةُ اليَتيمِ، هذَا يَوْمُ بِرِّ الوَالدينِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُوصَلُ فيهِ الأَرْحامُ ابتغاءَ مرضاةِ ربِّ الأَنَامِ، ويومُ تفقدِ الـمَسَاكينِ، وزيارةِ قبور المسلمين، وَزِيارةِ الـمَرْضَى، وإِدْخالِ البَهْجَةِ والسُّرُورِ عَلَى الأَهْلِ والجِيرانِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تَتَصَافَحُ فيهِ الأَيْدِي، وَتَتَآلَفُ فيهِ القُلُوبُ، ويَسْعَى فيهِ السَّاعُونَ للإصلاحِ بينَ الـمُتخاصمينَ.

عبادَ اللهِ: تَرَاحَمُوا وتَعَاطَفُوا، وتَصَافَحُوا وتَسَامَحُوا، وتَزَاوَرُوا وتَهَادَوْا، وبَرُّوا آباءَكُم، وصِلُوا أرحامَكُم، فإنَّ صِلةَ الأرحامِ ثوابُهَا معجَّلٌ فِي الدنيَا ونعيمٌ مُدَّخَرٌ فِي الآخرةِ، وتَبْسُطُ الأرزاقَ، وتُبَارِكُ فِي الأعمارِ.

اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُمَّ اجْعَلْ سَعادَتَنَا برِضاكَ، وارضَ عنَّا يَوْمَ نَلْقاكَ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبَرُ وللهِ الحَمْدُ.

هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ.

< Previous Post

خطبة عيد الفطر 1432-2011

Next Post >

خطبة عيد الفطر 1433-2012

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map