حكم من أحلَّ إسقاط الجنين
وَاعلَم رَحِمَكَ اللهُ أنَّ أعظَمَ الذّنوبِ هوَ الكفرُ ثم قَتلُ النفسِ التي حرّمَ اللهُ إلا بالحَقّ. وَسَواءٌ كانَ المقتُولُ طِفْلًا رضيعًا أو شَيخًا كبيرًا أو شابًّا أو امرَأةً أو طِفلًا جَاوزَ الأربعةَ أشهُر في بطنِ أُمّهِ ولم تلِدهُ بعدُ.
وإن مما يجبُ التّحذيرُ منه فتوى بعضِ الناسِ بتَحليلِ إسقاطِ الجنينِ بعدَ أربعَةِ أشهُرٍ قمَرِيّة وهو حيٌّ في بطنِ أمِّه بِدَعوى أنَّ الأُمَّ تتّضَرَّرُ بإبقَائِه أو أنَّهُ إن تُرك في بَطنِ أُمّهِ يأتي مُشَوّهًا، فإنَّ هذا الولدَ إسقاطُه محرَّمٌ بالإجماع ومَنِ استَحلَّهُ يكذب الدين لأنّ الرّوحَ نُفِخت فيه، فحُكمُه كَحُكْمِ الإنسانِ الذي يمشِي على وجهِ الأرضِ فلَيسَ للأمِّ أن تجعَلَه فِداءً عن نفسِها لأجلِ الخلاصِ مِن ضَررٍ تَتوقَّعُهُ لأنَّ الطبيبَ قال لها إن لم تُسقِطي يُصيبُك كذا، فإنْ هيَ أخذَتِ الشىءَ الذي يَقتلُ الجنينَ فعَليها دِيَةٌ وكفارةٌ وَمَعصِيَةٌ كَبِيرة.
والكفّارةُ عِتقُ رَقبةٍ فإن لم يجِد فصيَامُ شهرَينِ متَتابِعَين، وإن هي رَضِيت بأن يُسقِطَه الطبيبُ فتكونُ مُشارِكَةً له في المعصيةِ وهذه المعصيةُ أكبرُ معصيةٍ بعدَ الكفر، أَشَدُّ مِنَ الزِّنا وشربِ الخمر.
هذه المرأةُ التي ارتكبَت هذا الذنبَ لو صَبَرت على ما يَلحَقُها مِن الآلامِ فمَاتت تكونُ شهيدةً، لكن بموافقَتِها الطبيبَ على قَتلِ هذا الجنينِ خَسِرتْ خُسرانًا كبيرًا وفوّتَت على نفسِها أجرَ الشّهادَةِ الذي كانت تَنالُه لو صَبرَت فماتَت بسبَبِ بقَاءِ الحَملِ في جَوفِها.
ثم الحذَر الحذَرَ من اعتقادِ قولِ بعض الأطِبّاءِ العصرِيّين في كثيرٍ من الأمورِ، فَقد حصلَ في ألمانيا أنَّ امرأةً مسلمةً قالت أنا أسقَطْتُ الجنينَ الذي مضَى عليه خمسَةُ أشهُر وهوَ حَيّ لأنّ الطبيبَ قال لي إنْ لم تُسقطِيه يُصيبُك عوَرٌ وشَىءٌ ءاخَر، ثم مع ذلكَ أصابَها العوَرُ، وهذا حصَلَ في ألمانيا في برلين، إنا للهِ وإنا إليه راجعون.
لا ينبغِي تَصدِيقُ الأطباءِ في كلِّ شىءٍ لاسِيّما اليومَ أغلبُ الأطباءِ اليوم فُسّاقٌ من أهْلِ الكَبَائِر كيفَ يُعْتَمَدُ عَلَى كَلَامِ هَؤلَاء فَيُرْتَكَبُ مِثْلُ هّذَا الذَّنْبِ إِسقَاطُ الجَنِين.
اللهُ أعلَمُ ما هوَ الذي يجعَلُهم يتسَرّعُونَ هؤلاءِ الأطِبّاء إلى الحُكمِ في مثلِ هذا.
إِمرأةٌ أخرى في فَرنسا كانت حامِلًا قال لها الطبيبُ إن لم تُسقِطي هذا الجنينَ يَطلَعُ الوَلدُ مُشَوّهًا فقالَ لها أحد العلماء رَحِمَهُ الله لا تُصَدّقيهِ فجاءَ الولدُ سَليمًا جميلَ الصّورة.
هَؤلاءِ الأَطِبَّاءِ لأجل المالِ ضرُّوا الناسَ،كم بتَرُوا أَرجُلَ أُناسٍ وأيديَ أناسٍ لغَرضٍ في أنفُسِهم مما هو يُداوَى بغير البَتر.
وأمّا إسقاطُ الجنين قبلَ أربعةِ أشهُرٍ قمرية أي قبلَ أن يُنفخَ فيه الروحُ فقد اختلَفَ الفقهاءُ في جوازِه لكن إن كانَ فيه كشفُ عَورةٍ مِن غير ضرورةٍ فهوَ حرَامٌ عند الجميع. هذه الـمَسئَلةُ كثيرةُ الحصول فينبغي نَشرُها.
وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين