Sun, 6th Oct, 2024 /
3 Rabī ath-Thānī , 1446
الأحد ٠٦ , أكتوبر , ٢٠٢٤ / 3 رَبِيع ٱلثَّانِي , 1446

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونشكرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومَنْ يُضللْ فلا هادِيَ لهُ.

وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريك له ولا مثيل له، وقد صدق الله تعالى بقوله: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾(سورة مريم/65) أي مِثْلاً ، فالله تعالى لا مِثْلَ له ولا شبيه ولا نظير، فمن وصفه بصفة من صفات البشر كالقعود والقيام والجلوس والاستقرار يكون شبّهه بهم، ومن قال بأن الله يسكن العرش أو أنه ملأه يكون شبّه الله بالملائكةِ سُكّان السموات. فسبحان الله الذي خلق كل شىء ولا يشبه شيئًا من خلقه .

وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: “اللهمَ أنتَ الأوّل فليس قبلك شىء وأنت الآخرُ فليس بعدك شىء وأنت الظاهرُ فليس فوقك شىء وأنت الباطنُ فليس دونك شىء” (رواه مسلم). فإذا لم يكن فوقه شىء ولا دونه شىء لم يكن في مكان .

اللهمّ صلَِ وسلِّم وبارِك وأنعِم على سيِّدنا محمّد طبِّ القلوب ودوائها وعافيةِ الأبدانِ وشفائها ونورِ الأبصارِ وضيائها، اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك وأنعِمْ على هذا النبيِّ العظيم وعلى إخوانه النبيِّين وأصحابه الطيِّبين الطاهرين .

وبعدُ عِبادَ اللهِ، فإنِّي أوصيكُمْ ونفْسِي بتقوَى اللهِ، وأوصيكم ونفسي بعلمِ الدِّين، فعلمُ الدين هو حياةُ الإسلام يجب الاهتمامُ به تعلُّمًا وتعليمًا للكبار وللصغار، أوصيكم بأهلكم خيرًا، بأولادكم خيرًا، يقول ربُّنا سبحانه وتعالى في محكم التنْزيلِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (سورة التحريم/6)

فوقاية النفس والأهل من نار جهنّم تكون بتعلُّمِ أمورِ الدِّين وتعليم الأهل ذلك فإن من لم يتعلّم علمَ الدِّين يتخبّط في الجهل ولا يعرف الحلال والحرام فيقع فيما لا يُرضي الله تبارك وتعالى، وقد يقع في الكفر والعياذ بالله فيَسخطُ اللهُ عليه ويكون مآله في الآخرة إن مات على الكفر أن يدخل النار خالدًا فيها لا تلحقه شفاعةُ شافِعٍ وليس له نصير ولا يرحمه الله وما ذاك إلا لأنه أهمل تعلُّمَ علمِ الدِّينِ من أهل المعرفةِ الصادقين.

فمن هنا كان دور الأهل في تنشئة أولادهم تنشئةً إسلاميةً صحيحةً . فحرصُكَ على أمور معيشتهم في الدنيا ليس أولى من حرصِك عمّا ينفعهم في الآخرة، فالأوْلى أن تتابعهم وأن تحثهم عليه، أيْ على ما ينفعُهُم في الآخرةِ.

ولا شكّ إخوة الإيمان إن من علماء أهل السُنّةِ والجماعة من ألّفَ وكتب الدُرَرَ عن تربيةِ الأولادِ وعما يجب على وليِّ الصبيِّ والصبيّةِ كأمرِهما بالصلاة وهم أبناءُ سبعٍ وضربِهما على تركِها وهم أبناءُ عَشْرٍ وتعليمهما يجب كذا ويحرُم كذا كحرمةِ السرقة والزنا واللواط، فقدْ قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: “مُرُوا أولادَكُم بالصلاةِ وهمْ أبناءُ سَبْعٍ “ (رواه ابو داودَ) .

وقالَ الحافظُ الفقيهُ ابنُ الجَوْزِيِّ في كتابه حِفظُ العِلْمِ: إنّ الولدَ إنْ صارَ مُمَيِّزًا فإنّ أوّلَ ما يُعَلَّمُ شىءٌ في العقيدةِ ثُمّ شىءٌ في الطّهارةِ ثُمَ شىءٌ مِنَ القُرءانِ .

واليومَ أطرحُ أمُورًا من على منبر الجُمُعَةِ، أمورًا قد انتشرتْ في مجتمعاتنا والتي قد تكونُ سببًا كبيرًا في انحراف وفساد كثير من الشباب اليوم بل وقد توصِلُ البعضَ إلى الكفر والعياذ بالله .

فيا أيّها الأب تابع ولدك على تعَلُّمِ عِلمِ الدِّينِ وماذا أنهى من المتون الشرعيّة ليكون عنده الميزان الشرعيّ .

فأيُّ واحدٍ منا قبل أن يشتري لولده سيّارة أو يأذن له بقيادة السيارة يتأكّد من أنه يُتقِن القيادة جيّدًا خوفًا عليه، حِرصًا عليه، فبالله عليكم أليس من باب أَوْلَى أن تتأكّد من ولدك أنه عنده الميزان الشرعيّ حرصًا على دينِه ؟ ثم مَن يصاحب ومع مَن يمشي ويسهر في الليالي ؟ هل هؤلاء بِطَانَةُ خيرٍ ، تدلّه على الخير، تذكِّره بالصلاة، تقول له: هذا حلال وهذا حرام، أم هؤلاء رفقاء السوء الذين يصحبونه إلى الحرام ويدفعون به نُزولاً لينْزل وينْزل وينْزل حتى يصل إلى الحضيض فتستحي بعذ ذلك أن تقول هذا ولدي.

فيا أيّها الأب إن تابعت ولدك ماذا يفعل على الإنترنت أو بماذا يستعمله أو بماذا يستعمل الهاتف أو من يصاحب أو ماذا يشاهد في الليل على الفضائيات، هذا ليس تعقيدًا ولا تخلُّفًا بل من باب حرصك على أولادك ذكورًا وإناثًا، هذا من باب عنايتك بهم. وإلا لا أستبعد أن من الآباء اليوم بعد سماعهم هذه الخطبة أن تبكي قلوبهم قبل أن تظهر الدموع في أعينهم حزنًا على ما آلت إليه أوضاع بعض أولادهم من الانحراف والضياع، ولكن طالما أنفاسك في صدرك لا تَمَلَّ ولا تخجلْ، ولا تلتفتْ إلى كلام الجهّال الذين لا فَهمَ لهم ولا عبرةَ بكلامهم، اثبت على النصيحة والمتابعة والتربية والعناية بمجالس علم الدين لك ولأولادك وأهل بيتك.

يا إخوةَ الإسلامِ والإيمانِ، يا إخوةَ العقيدةِ، إننا نحسّن الظنّ بكم وبأولادكم ولكنْ لا تخالفونا الرأي أنّ مجتمعنا يحتاجُ إلى مِثل هذا الكلام من حينٍ إلى ءاخرَ، فأيشٍ دورُ خُطباءِ الجمُعَةِ ؟ أيُّ شىءٍ دوْرُ خُطباءِ الجُمُعَةِ ؟ أليس دورُهُمْ تعليمَ العقيدةِ والتحذيرَ من الضلالِ والأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عن المنكرِ وتوعيةَ الناسِ وتنبيهَهُمْ إلى الأخطارِ الْمُحْدِقَةِ بهم ؟ بلى والله، هذا دوْرُ خُطباءِ الجُمُعَةِ، هذا دَوْر خطباء المنابر.

وانطلاقًا من هذا الدور أحببنا أن نُسَلِّط الضوءَ اليوم على مثل هذه الأمور التي ذكرنا عسى أن تثمر هذه الخطبة بجهودكم بإذن الله تعالى ثمارًا طيِّبةً إذا ما خرجتم بها أي بهذه النصائح إلى غيركم.

واللهُ يفعلُ ما يريدُ، واللهَ نسألُ القَبولَ والتوفيقَ.

هذَا وأستغفرُ اللهَ لي ولَكُمْ.

< Previous Post

حارِبُوا الشيطانَ ببعضِكم

Next Post >

خطبة الجمعة | الحث على طلب العلم واستفتاء أهله

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map