قالت عائشةُ رضي اللهُ عنها: أولُ ما ابتدِىءَ بِهِ رَسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم من الوحيِ الرؤيا الصالحةُ، كَانَ يَرَى الرؤيا فتحصلُ كما رءاها تمامًا.
ثم كان يأتي غار حراء ليتعبد فيه بينَ المدةِ والمدةِ. ثم في يومٍ جاءه سيدنا حبريلُ وهو في الغارِ وكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد بلغ الأربعينَ من عمره، فقال له: اقرأ، فقال الرسول: ما أنا بقارىء؟ فقالَ جبريلُ: اقرأ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارىء؟ فقال جبريلُ عليه السلامُ في الثالثةِ: اقرأ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارىء؟
فَقَالَ جِبريلُ عَلَيهِ السلامُ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ،اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) سورة العلق / 1- 5.
فرجع الرسولُ إلى خديجة فقال: “زَمّلُوني زملوني” فَزَمَّلُوهُ ثم أخبرَها الخبر.
ثم بعدَ ذلكَ صارَ الرسولُ عليه الصلاةُ والسلامُ يدعُو النَّاسَ إلى عبادةِ اللهِ وحدَهُ وينهى عن عبادةِ الأصنامِ، ولم يكن هو قد عَبَدَ صنَمًا في حياته قَطُّ، بل نشأ على الإيمانِ باللهِ تعالى مُنذُ صِغَرِهِ مثل كل الأنبياءِ. لكنهُ لم يكن يعرِفُ التفاصيلَ كلَُّها قبلَ نزول الوحيِ عليهِ.
وكان أولَ من ءامنَ بِهِ من النساءِ زَوجَتُهُ خَديجَةُ، ومن الصبيانِ عليُ بنُ أَبي طَالبٍ، وَمِنَ الرِجَالِ أبو بَكْرٍ الصِدّيق.