الصبر عادة الأنبياء والمتقين، وحلية أولياء الله المخلصين، وهو من أهم ما نحتاج إليه نحن في هذا العصر الذي كثرت فيه المصائب وتعددت، وقلّ معها صبر الناس على ما أصابهم به الله تعالى من المصائب، والصبر ضياء، بالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف والخور، والصبر ليس حالة جبن أو يأس أوذل بل الصبر حبس النفس عن الوقوع في سخط الله تعالى وتحمل الأمور بحزم وتدبر، والصابرون يوفون أجورهم بغير حساب: {أُوْلَـئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَـٰما} [الفرقان:75]، وقال تعالى عن أهل الجنة: { سَلَـٰمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّار} [الرعد:24]، هذا هو الصبر، المحك الرئيسي، لصدق العبد في صبره، واحتسابه مصيبته عند الله.
وفي كتاب الله آية عظيمة كفى بها واعظة : { وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْء مّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ ٱلاْمَوَالِ وَٱلاْنفُسِ وَٱلثَّمَرٰتِ وَبَشّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ ٱلَّذِينَ إِذَا أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رٰجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ } [البقرة:155-157]، (إنا لله وإنا إليه راجعون) علاج ناجع لكل من أصيب بمصيبة دقيقة أو جليلة ومصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، لابد أن يخلف في الدنيا يوما ما وراء ظهره، ويدخل قبره فرداًًكما خلق أول مرة بلا أهل ولا عشيرة ولا حول ولا قوة ولكن بالحسنات والسيئات، فمن صبر واحتسب إيمانًا ورضى بقضاء الله يجد الثواب الجزيل والخير العميم في ذلك اليوم.
روى مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبة وأخلفه خيرا منها”.
فوطن نفسك على أن كل مصيبة تأتي إنما هي بإذن الله عز وجل وقضائه وقدره فإن الأمر له، فإنه كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض.
واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك أو يضروك فلن يحصل ذلك إلا بشيء قد كتبه الله لك، واستعن على الصبر: بالاستعانة بالله، والاتكال عليه، والرضا بقضائه.
وعن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله: “عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له” رواه مسلم، هذا وانطلاقًا من الشعور بالمسؤولية نظمت الجمعية الصوفية الأسترالية عدة نشاطات تحت رعاية وإشراف دار الفتوى في استرالية هذه المؤسسة التي نفتخر بالإنتساب إليها لما تقوم به من رعاية وتوجيه، ومن هذه النشاطات الإهتمام بشؤون المسلمين من المعتقلين في مراكز الإحتجاز حيث عملت الجمعية الصوفية على تأمين الرعاية الدينية خلال شهر رمضان المبارك من خلال صلاة قيام الليل ( التراويح ) داخل المعتقل كما نظمت الجمعية إحتفالًا خاص بالمعتقلين احتفاء بعيد الفطر السعيد، حيث شارك في الإحتفال فريق المشاريع للإنشاد الديني بأناشيده العذبة وأنغامه الشجية، كما ألقى المسؤول الديني في الجمعية الحاج غازي النعوشي كلمة هنئ فيها الجميع بالعيد السعيد متمنيًا أن تزول عنهم محنتهم وأن يعودوا إلى أوطانهم سالمين غانمين أو أن يهدأ بالهم بعيش آمن في هذه الديار وبعد ذلك تم توزيع هدايا العيد على المعتقلين بحضور ممثل الأمين العام لدار الفتوى في أستراليا سماحة الشيخ سليم علوان الحسيني، الحاج محمد شمس.
وما أحوجنا في هذه الظروف الصعبة إلى الصبر والإتكال على الله وعدم اليأس وأن نرجو دفع البلاء بالطاعة والصلاة والعبادة وحبس الألسن عن الاعتراض على الله تعالى فالله الأمر في الأولى والأخرة وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد الذي تنفرج به الكرب وتحل به العقد وتقضى به الحوائج وحسن الخواتيم.
قسم الإعلام
الجمعية الصوفية الاسترالية