الثَّقَافَةُ الإِسْلامِيَّةُ/ الْجُزْءُ الْخَامِسُ
فَصْلُ الْعَقَائِدِ
الدَّرْسُ الأَوَّلُ
الْعَقِيـدَةُ الْحَقَّـةُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان/102].
الدِّينُ الإِسْلامِىُّ: الدِّينُ الإِسْلامِىُّ هُوَ الدِّينُ الْحَقُّ الَّذِى تُؤَيِّدُهُ الْعُقُولُ السَّلِيمَةُ، الْمُنَاسِبُ لِكُلِّ زَمَانٍ، وَهُوَ دِينُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ مِنْ أَوَّلِهِمْ ءَادَمَ إِلَى ءَاخِرِهِمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ، الَّذِينَ أَرْسَلَهُمُ اللَّهُ لِهِدَايَةِ النَّاسِ إِلَى الْخَيْرِ وَالصَّلاحِ، وَإِرْشَادِهِمْ إِلَى تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّمَسُّكِ بِهَذَا الدِّينِ إِلَى ءَاخِرِ الْعُمُرِ.
التَّقْوَى: تَقْوَى اللَّهِ تَكُونُ بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى وَاجْتِنَابِ مَا حَرَّمَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَكُونُ تَقِيًّا، وَأَوَّلُ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْرِفَةُ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ التَّصْدِيقِ بِذَلِكَ.
النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ: لا يَكُونُ الإِيْمَانُ مَقْبُولاً بِدُونِ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَافِرِ إِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِى الإِسْلامِ، أَمَّا الْمُسْلِمُ فَيَجِبُ أَنْ يَنْطِقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِى كُلِّ صَلاةٍ لِصِحَّةِ الصَّلاةِ. وَالشَّهَادَتَانِ هُمَا: (أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ: وَمَعْنَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ: أَعْتَرِفُ بِلِسَانِي وَأَعْتَقِدُ بِقَلْبِى أَنْ لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى.
وَمَعْنَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ: أَعْتَرِفُ بِلِسَانِى وَأُذْعِنُ بِقَلْبِى أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَى كَافَّةِ الْعَالَمِينَ مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ، صَادِقٌ فِى كُلِّ مَا يُبَلِّغُهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى لِيُؤْمِنُوا بِشَرِيعَتِهِ.
الْمُرَادُ بِالشَّهَادَتَيْنِ: وَالْمُرَادُ بِالشَّهَادَتَيْنِ نَفْىُ الأُلُوهِيَّةِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ وَإِثْبَاتُهَا لِلَّهِ تَعَالَى، مَعَ الإِقْرَارِ بِرِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ لَّمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا﴾ [سُورَةَ الْفَتْح/13].
أَسْئِلَةٌ:
(1) اذْكُرْ ءَايَةً مِنَ الْقُرْءَانِ فِيهَا الأَمْرُ بِالثَّبَاتِ عَلَى الإِسْلامِ.
(2) مَا هُوَ دِينُ كُلِّ الأَنْبِيَاءِ؟
(3) لِمَ أَرْسَلَ اللَّهُ الأَنْبِيَاءَ؟
(4) مَا مَعْنَى التَّقْوَى؟ وَمَا هُوَ أَوَّلُ الْوَاجِبَاتِ؟
(5) مَا مَعْنَى أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟
(6) مَا مَعْنَى أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟
(7) مَا الْمُرَادُ بِالشَّهَادَتَيْنِ؟
(8) اذْكُرْ ءَايَةً مِنَ الْقُرْءَانِ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الإِيْمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.
الدَّرْسُ الثَّانِى
مَنْ هُوَ الْمُكَلَّفُ
الْمُكَلَّفُ شَرْعًا هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِى بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ الإِسْلامِ، وَالْبُلُوغُ يَكُونُ: بِبُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَمَرِيَّةً أَوْ رُؤْيَةِ الْمَنِىِّ أَوْ رُؤْيَةِ دَمِ الْحَيْضِ، وَأَمَّا الْعَاقِلُ: فَهُوَ الَّذِى لَمْ يَذْهَبْ عَقْلُهُ.
وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ دَعْوَةَ الإِسْلامِ: يَعْنِى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ فِى شَخْصٍ يَصِيرُ مُكَلَّفًا بِمُجَرَّدِ أَنْ يَبْلُغَهُ أَصْلُ الدَّعْوَةِ الإِسْلامِيَّةِ، أَىْ أَنْ يَبْلُغَهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَمَنْ كَانَ بَلَغَهُ الإِسْلامُ فَهَذَا هُوَ الْمُكَلَّفُ الَّذِي هُوَ مُلْزَمٌ بِأَنْ يُسْلِمَ وَيَعْمَلَ بِشَرِيعَةِ الإِسْلامِ، وَأَنْ يُؤَدِّىَ الْوَاجِبَاتِ كُلَّهَا وَيَجْتِنَبَ الْمُحَرَّمَاتِ كُلَّهَا.
وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطِّفْلَ الصَّغِيرَ لَيْسَ عَلَيْهِ مَسْؤُولِيَّةٌ فِى الآخِرَةِ حَتَّى يَبْلُغَ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونَ فِى حَالِ جُنُونِهِ، وَكَذَلِكَ الَّذِى عَاشَ بَالِغًا وَلَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الإِسْلامِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [سُورَةَ الإِسْرَاء/15].
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ« رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
فَائِدَةٌ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو الْعَرَبَ الْمُشْرِكِينَ فِى مَوْسِمِ الْحَجِّ حِينَ يَجْتَمِعُونَ مِنْ نَوَاحٍ شَتَّى إِلَى الإِسْلامِ، وَيُسْمِعُهُمُ الشَّهَادَتَيْنِ: »أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ« صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ يَحُجُّونَ إِلَى الْكَعْبَةِ تَقْلِيدًا لأِجْدَادِهِمُ الْمُسْلِمِينَ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَنْ هُوَ الْمُكَلَّفُ شَرْعًا؟ وَبِمَ هُوَ مُلْزَمٌ؟
(2) بِمَ يَكُونُ الْبُلُوغُ؟ وَمَنْ هُوَ الْعَاقِلُ؟
(3) مَنْ عَاشَ بَالِغًا وَلَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الإِسْلامِ هَلْ يَكُونُ مُكَلَّفًا؟ وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ.
(4) مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ الصَّغِيرَ لَيْسَ مُكَلَّفًا؟
الدَّرْسُ الثَّالِثُ
اللَّهُ تَعَالَى خَالِقُ الْعَالَمِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَفِى اللَّهِ شَكٌّ﴾ [سُورَةَ إِبْرَاهِيم/10].
إِنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ هُوَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ الْخَالِقُ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ، الْمُدَبِّرُ لِهَذِهِ الْكَائِنَاتِ، لأِنَّنَا إِذَا تَأَمَّلْنَا جَمِيعَ الصَّنَائِعِ وَتَفَكَّرْنَا فِيهَا تَفَكُّرًا سَلِيمًا عَلِمْنَا أَنَّ لَهَا صَانِعًا خَلَقَهَا.
الدَّلِيلُ الْعَقْلِىُّ عَلَى وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى:
نُدْرِكُ بِالْعَقْلِ السَّلِيمِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لا بُدَّ لَهَا مِنْ كَاتِبٍ، وَالضَّرْبَ لا بُدَّ لَهُ مِنْ ضَارِبٍ، وَالْبِنَاءَ لا بُدَّ لَهُ مِنْ بَانٍ، فَإِذًا هَذَا الْعَالَمُ بِمَا فِيهِ مِنْ مَخْلُوقَاتٍ لا بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ حَىٍّ مُرِيدٍ عَالِمٍ قَدِيرٍ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، الَّذِى لا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَلا يُشَابِهُهُ شَىْءٌ، لأِنَّهُ لا يَصِحُّ فِى الْعَقْلِ وُجُودُ فِعْلٍ مَا بِدُونِ فَاعِلٍ.
· وَلا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفَاعِلُ طَبِيعَةً، لأِنَّ الطَّبِيعَةَ لا إِرَادَةَ لَهَا، فَكَيْفَ تَخْلُقُ؟
· وَلا يَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الشَّىْءُ خَالِقًا لِنَفْسِهِ.
· وَكَذَلِكَ لا يَصِحُّ أَنْ يَخْلُقَ الشَّىْءُ مِثْلَهُ أَىْ مُشَابِهَهُ.
فَالطِّفْلُ مَثَلاً يُولَدُ صَغِيرًا، لا يَتَكَلَّمُ وَلا يَمْشِى، ثُمَّ يَتَطَوَّرُ، فَيَبْدَأُ بِالْكَلامِ وَالْمَشْىِ شَيْئًا فَشَيْئًا، ثُمَّ يَنْمُو فَيَصِيرُ شَابًّا ثُمَّ كَهْلاً ثُمَّ هَرِمًا، ثُمَّ يَمُوتُ، فَمَنِ الَّذِي طَوَّرَهُ وَغَيَّرَهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ؟ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي خَلَقَهُ وَطَوَّرَهُ وَغَيَّرَهُ ثُمَّ أَمَاتَهُ. ثُمَّ الإِنْسَانُ لَوْ فَكَّرَ بِعَقْلِهِ لَعَلِمَ: أَنَّ كُلَّ مُتَغَيِّرٍ لا بُدَّ لَهُ مِنْ مُغَيِّرٍ وَالْعَالَمُ مُتَغَيِّرٌ فَإِذًا الْعَالَمُ لا بُدَّ لَهُ مِنْ مُغَيِّرٍ.
قِصَّةُ رَجُلٍ يُنْكِرُ وُجُودَ اللَّهِ:
يُرْوَى أَنَّ رَجُلاً مِنْ مُنْكِرِي وُجُودِ اللَّهِ أَتَى إِلَى أَحَدِ الْخُلَفَاءِ، وَقَالَ لَهُ: »إِنَّ عُلَمَاءَ عَصْرِكَ يَقُولُونَ: إِنَّ لِهَذَا الْكَوْنِ صَانِعًا، وَأَنَا مُسْتَعِدٌّ أَنْ أُثْبِتَ لَهُمْ أَنَّ هَذَا الْكَوْنَ لا صَانِعَ لَهُ«.
فَبَعَثَ الْخَلِيفَةُ إِلَى عَالِمٍ كَبِيرٍ يُعْلِمُهُ بِالْخَبَرِ وَيَأْمُرُهُ بِالْحُضُورِ، فَتَعَمَّدَ الْعَالِمُ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَلِيلاً عَنِ الْوَقْتِ، ثُمَّ حَضَرَ، فَاسْتَقْبَلَهُ الْخَلِيفَةُ وَأَجْلَسَهُ فِى صَدْرِ الْمَجْلِسِ، وَكَانَ قَدِ اجْتَمَعَ الْعُلَمَاءُ وَكِبَارُ النَّاسِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: »لِمَ تَأَخَّرْتَ فِى مَجِيئِكَ؟« فَقَالَ الْعَالِمُ: »أَرَأَيْتَ لَو قُلْتُ لَكَ إِنَّهُ قَدْ حَصَلَ لِى أَمْرٌ عَجِيبٌ، فَتَأَخَّرْتُ، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْتِىَ وَرَاءَ نَهْرِ دِجْلَةَ، فَجِئْتُ لأِعْبُرَ النَّهْرَ، فَلَمْ أَجِدْ سِوَى سَفِينَةٍ عَتِيقَةٍ، قَدْ تَكَسَّرَتْ أَلْوَاحُهَا الْخَشَبِيَّةُ، وَلَمَّا وَقَعَ نَظَرِى عَلَيْهَا تَحَرَّكَتِ الأَلْوَاحُ وَاجْتَمَعَتْ، وَاتَّصَلَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَصَارَتْ سَفِينَةً صَالِحَةً لِلسَّيْرِ بِلا مُبَاشَرَةِ نَجَّارٍ وَلا عَمَلِ عَامِلٍ، فَقَعَدْتُ عَلَيْهَا وَعَبَرْتُ النَّهْرَ، وَجِئْتُ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ«.
فَقَالَ الرَّجُلُ: »اسْمَعُوا أَيُّهَا النَّاسُ مَا يَقُولُ عَالِمُكُمْ، فَهَلْ سَمِعْتُمْ كَلامًا أَكْذَبَ مِنْ هَذَا؟ كَيْفَ تُوجَدُ السَّفِينَةُ بِدُونِ أَنْ يَصْنَعَهَا نَجَّارٌ؟ هَذَا كَذِبٌ مَحْضٌ«.
فَقَالَ الْعَالِمُ: »أَيُّهَا الْكَافِرُ، إِذَا لَمْ يُعْقَلْ أَنْ تُوجَدَ سَفِينَةٌ بِلا صَانِعٍ وَلا نَجَّارٍ، فَكَيْفَ تَقُولُ بِوُجُودِ الْعَالَمِ بِدُونِ صَانِعٍ«.
سَكَتَ الرَّجُلُ وَلَزِمَتْهُ الْحُجَّةُ، وَعَاقَبَهُ الْخَلِيفَةُ لِسُوءِ اعْتِقَادِهِ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَا الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلَى وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى؟
(2) مَا الدَّلِيلُ الْعَقْلِىُّ عَلَى وُجُودِ اللَّهِ؟
(3) لِمَ لا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ طَبِيعَةً؟
الدَّرْسُ الرَّابِعُ
تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ [سُورَةَ الشُّورَى/11].
أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقَاتِ.
وَرَدَ أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِى تَعْبُدُهُ، فَنَزَلَتْ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »هَذِهِ صِفَةُ رَبِى عَزَّ وَجَلَّ«.
وَقَدْ كَانَ سُؤَالُ الْيَهُودِ هَذَا تَعَنُّتًا وَاسْتِهْزَاءً، وَلَيْسَ طَلَبًا لِلْعِلْمِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِصِفَاتٍ، وَكَمَا أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقَاتِ فَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ لا تُشْبِهُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَهُوَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِكُلِّ كَمَالٍ يَلِيقُ بِهِ، مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ فِى حَقِّهِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾ أَىِ الْوَصْفُ الَّذِي لا يُشْبِهُ وَصْفَ غَيْرِهِ، فَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ (وَهُوَ جُمْلَةُ الْعَالَمِ).
أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ وَحْدَهُ الأَزَلِىُّ الَّذِى لا ابْتِدَاءَ لَهُ وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ أَزَلِيَّةٌ لا ابْتِدَاءَ لَهَا، وَصِفَاتُ غَيْرِهِ مَخْلُوقَةٌ تَتَحَوَّلُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَلا يَطْرَأُ عَلَيْهِ تَحَوُّلٌ وَلا تَغَّيُّرٌ، فَهُوَ تَعَالَى يُغَيِّرُ وَلا يَتَغَيَّرُ وَيُطَوِّرُ وَلا يَتَطَوَّرُ.
وَيُسَاعِدُ النَّظَرُ إِلَى الْعِبَارَاتِ التَّالِيَةِ فِى فَهْمِ هَذَا الْمَوْضُوعِ الَّذِى هُوَ مِنْ مَوَاضِيعِ التَّوْحِيدِ:
-اللَّهُ أَزَلِىٌّ لا بِدَايَةَ لَهُ.
الْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا لَهَا بِدَايَةٌ، اللَّهُ خَلَقَهَا.
-اللَّهُ أَبَدِىٌّ لا نِهَايَةَ لَهُ.
الْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا يَجُوزُ عَلَيْهَا أَنْ تَفْنَى مِنْ حَيْثُ الْعَقْلُ.
-صِفَاتُ اللَّهِ أَزَلِيَّةٌ لا بِدَايَةَ لَهَا، صِفَاتُ اللَّهِ أَبَدِيَّةٌ لا تَفْنَى.
صِفَاتُ اللَّهِ لا تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَحَوَّلُ وَلا تَتَبَدَّلُ وَلا تَتَطَوَّرُ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ .
-صِفَاتُ الْمَخْلُوقَاتِ مَخْلُوقَةٌ لَهَا بِدَايَةٌ وَيَجُوزُ عَلَيْهَا الْفَنَاءُ.
صِفَاتُ الْمَخْلُوقَاتِ تَتَغَيَّرُ وَتَتَحَوَّلُ وَتَتَبَدَّلُ وَتَتَطَوَّرُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ لأِنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا.
-اللَّهُ خَالِقُ الْعَالَمِ وَمَا فِيهِ، خَالِقُ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ، خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَرَازِقُهُمْ.
الْمَخْلُوقَاتُ لا تَخْلُقُ ضُرًّا وَلا نَفْعًا وَلا تَخْلُقُ شَيْئًا مِنَ الأَفْعَالِ، فَمَنْ قَطَّعَ تُفَّاحَةً لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِيدَهَا كَمَا كَانَتْ.
-اللَّهُ وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ، وَاحِدٌ فِى ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ .
الْمَخْلُوقَاتُ ذَوُو أَشْكَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ. حَتَّى الثَّمَرُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فِيهِ الْحَامِضُ وَفِيهِ الْحُلْوُ.
-اللَّهُ لَيْسَ جِسْمًا، لَيْسَ لَهُ حَجْمٌ، لَيْسَ لَهُ مَكَانٌ.
الْمَخْلُوقَاتُ لَهَا أَحْجَامٌ وَلَهَا أَمْكِنَةٌ تَسْتَقِرُّ فِيهَا.
-اللَّهُ لا يَحْتَاجُ لِلْمَخْلُوقَاتِ.
الْمَخْلُوقَاتُ تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ خَلَقَهَا، تَحْتَاجُ إِلَى اللَّهِ.
-اللَّهُ وَحْدَهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ.
الْمَخْلُوقَاتُ لا تَسْتَحِقُّ أَنْ تُعْبَدَ، لأِنَّهَا عَاجِزَةٌ وَمُحْتَاجَةٌ لِمَنْ خَلَقَهَا.
قَالَ الإِمَامُ الْجُنَيْدُ رَحِمَهُ اللَّهُ:
»التَّوْحِيدُ هُوَ إِفْرَادُ الْقَدِيْمِ (أَىِ الأَزَلِىِّ) مِنَ الْمُحْدَثِ (أَىِ الْمَخْلُوقِ)».
أَسْئِلَةٌ:
(1) اذْكُرْ ءَايَةً فِيهَا تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْ مُشَابَهَةِ الْمَخْلُوقَاتِ.
(2) مَا مَعْنَى الآيَةِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾؟
(3) مَا سَبَبُ نُزُولِ سُورَةِ الإِخْلاصِ؟
(4) مَا مَعْنَى الآيَةِ ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾؟
(5) مَاذَا يُقَالُ عَنْ جُمْلَةِ الْعَالَمِ؟
(6) مَاذَا قَالَ الإِمَامُ الْجُنَيْدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِى التَّوْحِيدِ؟
الدَّرْسُ الْخَامِسُ
صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى
ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مَعْرِفَةُ ثَلاثَ عَشْرَةَ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى، وَهِىَ الْوُجُودُ وَالْوَحْدَانِيَّةُ وَالْقِدَمُ وَالْبَقَاءُ وَالْقِيَامُ بِالنَّفْسِ وَالْقُدْرَةُ وَالإِرَادَةُ وَالْعِلْمُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْحَيَاةُ وَالْكَلامُ وَالْمُخَالَفَةُ لِلْحَوَادِثِ، وَشَرْحُهَا كَمَا يَلِى:
(1) الْوُجُودُ: يَجِبُ الإِيْمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ لا شَكَّ فِى وُجُودِهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ وَلا يَجْرِى عَلَيْهِ زَمَانٌ.
(2) الْوَحْدَانِيَّةُ: اللَّهُ وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ، وَاحِدٌ فِى ذَاتِهِ وَوَاحِدٌ فِى صِفَاتِهِ وَوَاحِدٌ فِى فِعْلِهِ.
(3) الْقِدَمُ: اللَّهُ أَزَلِىٌّ لا بِدَايَةَ لِوُجُودِهِ، مَوْجُودٌ قَبْلَ الْمَخْلُوقَاتِ.
(4) الْبَقَاءُ: اللَّهُ أَبَدِىٌّ لا نِهَايَةَ لَهُ، لا يَفْنَى وَلا يَبِيدُ.
(5) الْقِيَامُ بِالنَّفْسِ: اللَّهُ تَعَالَى لا يَحْتَاجُ إِلَى شَىْءٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَكُلُّهَا مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ.
(6) الْقُدْرَةُ: اللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ.
(7) الإِرَادَةُ: أَىِ الْمَشِيئَةُ، فَكُلُّ شَىْءٍ يَحْصُلُ فِى الْعَالَمِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ.
(8) الْعِلْمُ: اللَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ الأَشْيَاءِ قَبْلَ حُصُولِهَا.
(9) السَّمْعُ: اللَّهُ تَعَالَى يَسْمَعُ الْمَسْمُوعَاتِ كُلَّهَا بِدُونِ أُذُنٍ وَلا ءَالَةٍ أُخْرَى.
(10) الْبَصَرُ: اللَّهُ يَرَى كُلَّ الْمَرْئِيَاتِ بِدُونِ حَدَقَةٍ وَلا ءَالَةٍ أُخْرَى.
(11) الْحَيَاةُ: اللَّهُ حَىٌّ بِدُونِ رُوحٍ وَلَحْمٍ وَقَلْبٍ فَحَيَاتُهُ لا تُشْبِهُ حَيَاتَنَا وَهُوَ حَىٌّ لا يَمُوتُ.
(12) الْكَلامُ: اللَّهُ يَتَكَلَّمُ بِدُونِ لِسَانٍ وَشَفَتَيْنِ وَكَلامُهُ لَيْسَ لُغَةً عَرَبِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا، لأِنَّهُ خَالِقُ اللُّغَاتِ وَالْحُرُوفِ وَالأَصْوَاتِ. وَكَلامُهُ لا يُشْبِهُ كَلامَ الْعَالَمِينَ.
(13) الْمُخَالَفَةُ لِلْحَوَادِثِ: اللَّهُ تَعَالَى لا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقَاتِ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَاذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مَعْرِفَتُهُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى؟
(2) عَدِّدِ الصِّفَاتِ الْوَاجِبَةَ لِلَّهِ تَعَالَى.
(3) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ الْوُجُودِ، وَالْوَحْدَانِيَّةِ.
(4) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ الْقِدَمِ، وَالْبَقَاءِ، وَالْقِيَامِ بِالنَّفْسِ.
(5) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ الْقُدْرَةِ، وَالإِرَادَةِ، وَالْعِلْمِ.
(6) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ السَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَالْحَيَاةِ.
(7) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ الْكَلامِ، وَالْمُخَالَفَةِ لِلْحَوَادِثِ.
الدَّرْسُ السَّادِسُ
مَا جَاءَ فِى بَدْءِ الْخَلْقِ: الْمَاءُ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنْ بَدْءِ الأَمْرِ (أَىْ كَيْفَ بَدَأَ هَذَا الْكَوْنُ): »كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِى الذِّكْرِ كُلَّ شَىْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ« رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ.
أَجَابَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِأَنَّ اللَّهَ لا بِدَايَةَ لِوُجُودِهِ (أَىْ أَزَلِىٌّ)، وَلا أَزَلِىَّ سِوَاهُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَفِى الأَزَلِ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ كُلَّ شىْءٍ، وَمَعْنَى خَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ أَنَّهُ أَخْرَجَ جَمِيعَ الْمَوْجُودَاتِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ.
وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ الْمَخْلُوقَاتِ كُلَّهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَفَعَلَ، خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَرَافِقَهَا مِنْ أَنْهَارٍ وَجِبَالٍ وَوِدْيَانٍ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَالْحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُعَلِّمَنَا التَّأَنِىَ فِى الأُمُورِ.
الْمَاءُ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ: وَأَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ الْمَاءُ، قَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ مِنَ الْمَاءِ« رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، يَعْنِى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ النُّورَ وَالظَّلامَ وَالأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ وَالْعَرْشَ وَاللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ، خَلَقَ قَبْلَ كُلِّ شَىْءٍ الْمَاءَ، وَجَعَلَهُ أَصْلاً لِغَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ثُمَّ خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ الْعَرْشَ، ثُمَّ الْقَلَمَ الأَعْلَى، ثُمَّ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ، وَخَلَقَ بَعْدَ هَؤُلاءِ سَائِرَ الأَشْيَاءِ أَىِ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ وَالْبَهَائِمَ وَالْجِبَالَ وَالأَشْجَارَ وَالأَنْهَارَ. وَكَانَ ءَاخِرَ الْخَلْقِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ ءَادَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، خُلِقَ بَعْدَ عَصْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
الْعَرْشُ: هُوَ سَرِيرٌ لَهُ قَوَائِمُ، وَهُوَ أَكْبَرُ الأَجْسَامِ الَّتِى خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ سَقْفُ الْجَنَّةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : »مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ فِى جَنْبِ الْكُرْسِىِّ إِلاَّ كَحَلْقَةٍ فِى أَرْضٍ فَلاةٍ وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِىِّ كَفَضْلِ الْفَلاةِ عَلَى الحَلْقَةِ« رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ.
أَىْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُرْسِىِّ كَحَلْقَةٍ فِى فَلاةٍ وَكَذَلِكَ الْكُرْسِىُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِى فَلاةٍ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ مِسَاحَةِ الْعَرْشِ الَّذِى يَحْمِلُهُ الآنَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ الضِّخَامِ الْعِظَامِ، الْوَاحِدُ مِنْهُمْ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ بِخَفَقَانِ الطَّيْرِ الْمُسْرِعِ أَمَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَحْمِلُ الْعَرْشَ ثَمَانِيَةٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ.
وَالْعَرْشُ مَحْفُوفٌ بِالْمَلائِكَةِ وَلَيْسَ هُوَ مَكَانًا للَّهِ تَعَالَى لأَنَ اللَّهَ لَيْسَ جِسْمًا وَلا يَحْتَاجُ لِلْمَكَانِ. قَالَ الإِمَامُ عَلِىٌّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْعَرْشَ إِظْهَاراً لِقُدْرَتِهِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ مَكَانًا لِذَاتِهِ.
فَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِىُّ خَلَقَهُمَا اللَّهُ إِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَاذَا قَالَ الرَّسُولُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ بَدْءِ الأَمْرِ؟
(2) هَلْ خَلَقَ اللَّهُ الْمَخْلُوقَاتِ كُلَّهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً؟
(3) مَا مَعْنَى اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ؟
(4) فِي كَمْ يَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ؟ وَمَا الْحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ؟
(5) مَا هُوَ أَوَّلُ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ؟ وَمَاذَا خَلَقَ اللَّهُ بَعْدَهُ؟
(6) مَا هُوَ الْعَرْشُ؟ مَا هُوَ ءَاخِرُ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ؟
(7) الْعَرْشُ أَكْبَرُ الأَجْرَامِ اذْكُرْ دَلِيلاً عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ.
(8) كَمْ مَلَكاً يَحْمِلُ الْعَرْشَ الآنَ؟ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
(9) مَنْ يَحُفُّ بِالْعَرْشِ؟ وَمَاذَا قَالَ الإِمَامُ عَلِىٌّ عَنِ الْعَرْشِ؟
الدَّرْسُ السَّابِعُ
تَرْتِيبُ الْمَخْلُوقَاتِ بَعْدَ الْمَاءِ وَالْعَرْشِ
بَعْدَ أَنْ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَاءَ وَالْعَرْشَ، خَلَقَ الْقَلَمَ الأَعْلَى ثُمَ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ ثُمَ سَائِرَ الْمَخْلُوقَاتِ.
· الْقَلَمُ الأَعْلَى وَاللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ: وَرَدَ فِى وَصْفِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَنَّهُ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ حَافَّتَاهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ، عَرْضُهُ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ.
أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمَ أَنْ يَكْتُبَ فَجَرَى بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُمْسِكَهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ، فَكَتَبَ عَلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ فِى الدُّنْيَا إِلَى نِهَايَتِهَا. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ، فَلا يُولَدُ إِنْسَانٌ وَلا تَنْزِلُ قَطْرَةُ مَاءٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلاَّ عَلَى حَسَبِ مَا كُتِبَ فِى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.
· الأَرْضُ: الأَرْضُ الَّتِى نَحْنُ عَلَيْهَا هِىَ وَاحِدَةٌ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَهِىَ أَعْلاهَا، وَكُلُّ أَرْضٍ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الأُخْرَى، وَفِى الأَرْضِ السَّابِعَةِ يُوجَدُ مَكَانٌ يُسَمَّى »سِجِّينَ« وَهُوَ مَكَانُ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ بَعْدَ بِلَى أَجْسَاِدهِمْ إِلَى أَنْ يُبْعَثُوا. وَجَهَنَّمُ تَحْتَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ وَهِىَ النَّارُ الَّتِى تَوَعَّدَ اللَّهُ بِهَا الْكُفَّارَ وَالْعُصَاةَ مِنْ عِبَادِهِ. وَكَانَ خَلْقُ هَذِهِ الأَرْضِ فِى الْيَوْمَيْنِ الأَوَّلَيْنِ مِنَ الأَيَّامِ السِّتِّ.
· السَّمَوَاتُ السَّبْعُ: بَعْدَ أَنْ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الأَرْضَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَهِيَ أَجْرَامٌ صُلْبَةٌ رَفَعَهَا اللَّهُ بِغَيْرِ عَمَدٍ، مُنْفَصِلَةٌ عَنْ بَعْضِهَا الْبَعْضِ، بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالأُخْرَى مَسَافَةُ خَمْسِمِائَةِ عَام،ٍ وَلِكُلِّ سَمَاءٍ بَابٌ.
وَمِنْ شِدَّةِ بُعْدِ السَّمَاءِ الأُولَى عَنِ الأَرْضِ وَعَجْزِ الإِنْسَانِ عَنْ إِدْرَاكِهَا يَعْتَقِدُ بَعْضُ الْغَرْبِيِّينَ أَنَ الْفَضَاءَ الَّذِى فِيهِ النُّجُومُ وَالْكَوَاكِبُ هُوَ جُمْلَةُ هَذَا الْعَالَمِ، وَيَعْتَقِدُونَ بَاطِلاً أَنَهُ مُمْتَدٌّ إِلَى مَا لا نِهَايَةَ لَهُ وَلا عِبْرَةَ بِكَلامِهِمْ لأَنَ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا فِى الْقُرْءَانِ وَنَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا فِى حَدِيثِهِ عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ بِخِلافِ مَا قَالُوا. وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةُ تُوجَدُ الْجَنَّةُ.
· مَرَافِقُ الأَرْضِ: وَبَعْدَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مَرَافِقَ الأَرْضِ كَالأَنْهَارِ وَالأَشْجَارِ وَالْجِبَالِ وَغَيْرِهَا.
· ءَادَمُ: ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى ءَادَمَ فِى ءَاخِرِ الْيَوْمِ السَّادِسِ وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَءَادَمُ هُوَ ءَاخِرُ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ حَيْثُ الِجنْسُ وَأَوَّلُ الأَنْبِيَاءِ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ تُرَابِ الأَرْضِ بَعْدَ أَنْ خَلَطَهُ الْمَلَكُ بِأَمْرِ اللَّهِ بِمَاءٍ مِنَ الْجَنَّةِ، وَخَلَقَ مِنْ ضِلَعِهِ الأَيْسَرِ حَوَّاءَ، وَكَانَ خَلْقُ الْمَلائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْبَهَائِمِ قَبْلَ خَلْقِ ءَادَمَ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَاذَا خَلَقَ اللَّهُ بَعْدَ الْمَاءِ وَالْعَرشِ؟
(2) مَاذَا وَرَدَ فِى وَصْفِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ؟
(3) بِمَ أَمَرَ اللَّهُ الْقَلَمَ الأَعْلَى؟ وَمَاذَا كَتَبَ عَلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ؟
(4) مَتَى خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ؟
(5) كَمْ أَرْضًا خَلَقَ اللَّهُ؟ وَعَلَى أَىّ أَرْضٍ نَحْنُ ؟
(6) مَا هُوَ سِجِّينُ ؟ وَأَيْنَ يُوجَدُ؟
(7) أَيْنَ تُوجَدُ جَهَنَّمُ؟
(8) مَا هِىَ السَّمَوَاتُ؟ وَكَمْ سَمَاءً خَلَقَ اللَّهُ؟
(9) أَيْنَ تُوجَدُ الْجَنَّةُ ؟
(10) بَعْدَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ مَاذَا خَلَقَ اللَّهُ ؟
(11) مَتَى خَلَقَ اللَّهُ الْمَلائِكَةَ وَالْجِنَّ وَالْبَهَائِمَ؟
(12) مِمَّ خَلَقَ اللَّهُ حَوَّاءَ؟
الدَّرْسُ الثَّامِنُ
الْمُعْجِزَةُ وَالْكَرَامَةُ
تَعْرِيفُ الْمُعْجِزَةِ:
الْمُعْجِزَةُ هِىَ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلعَادَةِ، يَأْتِى عَلَى وَفْقِ دَعْوَى مَنِ ادَّعَى الْنُّبُوَّةَ، سَالِمٌ مِنَ الْمُعَارَضَةِ بِالْمِثْلِ صَالِحٌ لِلْتَّحَدِّى.
فَمَا كَانَ مِنَ الأُمُورِ عَجِيبًا وَلَمْ يَكُنْ خَارِقاً لِلْعَادَةِ، فَلَيْسَ بِمُعْجِزَةٍ كَطَيَرَانِ الْطَّائِراتِ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ خَارِقًا لَكِنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِدَعْوَى الْنُّبُوَّةِ كَالْخَوَارِقِ الَّتِي تَظْهَرُ عَلَى أَيْدِى الأَوْلِيَاءِ أَتْبَاعِ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُعْجِزَاتٍ بَلْ تُسَمَّى كَرَامَاتٍ.
وَكَذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْمُعْجِزَةِ مَا يُسْتَطَاعُ مُعَارَضَتُهُ بِالْمِثْلِ، كَالْسِّحْرِ فَإِنَّهُ يُعَارَضُ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ.
وَالْمُعْجِزَةُ قِسْمَانِ:
(1) قِسْمٌ يَقَعُ بَعْدَ اقْتِرَاحٍ مِنَ النَّاسِ عَلَى مَنِ ادَّعَى الْنُّبُوَّةَ.
(2) وَقِسْمٌ يَقَعُ مِنْ غَيْرِ اقْتِرَاحٍ.
فَالأَوَّلُ نَحْوُ نَاقَةِ صَالِحٍ الَّتِى خَرَجَتْ مِنَ الصَّخْرَةِ، إِذِ اقْتَرَحَ قَوْمُهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. فَأَخْرَجَ لَهُمْ نَاقَةً وَفَصِيلَهَا (أَيِ ابْنَهَا).
وَالثَّانِى نَحْوُ مَا حَصَلَ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَنِينِ الْجِذْعِ، فَقَدْ رَوَىَ الْبُخَارِىُّ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَوْ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: »إِنْ شِئْتُمْ»، فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ صَعِدَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَأَنَّتِ النَّخْلَةُ أَنِينَ الصَّبِىِّ ثُمَّ نَزَلَ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الْصَّلاةُ وَالْسَّلامُ فَضَمَّهَا إِلَيْهِ.
وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ بنُ عَلِىٍّ رَضِىَ اللهُ عَنْهُما إِذَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمُعْجِزَةَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَوْقًا إِلَى لِقَائِهِ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَيْهِ.
الْكَرَامَةُ: أَمَّا الْكَرَامَةُ فَهِىَ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ تَظْهَرُ عَلَى يَدِ الْمُؤْمِنِ الْمُسْتَقِيمِ بِطَاعَةِ اللَّهِ (أَيِ الْوَلِىِّ)، وَبِذَلِكَ تَفْتَرِقُ الْكَرَامَاتُ عَنِ السِّحْرِ وَالْشَّعْوَذَةِ، كَمَا حَصَلَ لِسَيِّدَتِنَا مَرْيَمَ وَالِدَةِ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ، كَانَتْ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا نَبِىُّ اللَّهِ زَكَرِيَا (وَكَانَ زَوْجَ أُخْتِهَا) وَجَدَ عِنْدَهَا فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِى الشِّتَاءِ وَفَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِى الصَّيْفِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان/37].
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَا هُوَ تَعْرِيفُ الْمُعْجِزَةِ؟
(2) مَاذَا تُسَمَّى الْخَوَارِقُ الَّتِى تَحْصُلُ عَلَى أَيْدِى الأَوْلِيَاءِ ؟
(3) إِلَى كَمْ قِسْمٍ تُقْسَمُ الْمُعْجِزَةُ؟ أَعْطِ مِثَالاً؟
(4) اذْكُرْ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى مُعْجِزَةِ حَنِينِ الْجِذْعِ.
(5) مَاذَا كَانَ يَقُولُ الْحَسَنُ بنُ عَلِىٍّ عِنْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ؟
(6) مَا هِىَ الْكَرَامَةُ؟ وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى وجُودِهَا مِنَ الْقُرْءَانِ؟
(7) اذْكُرْ إِحْدَى كَرَامَاتِ السَّيِّدَةِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلامُ.
الدَّرْسُ التَّاسِعُ
الإِيْمَانُ بِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1)
(عَذَابُ الْقَبْرِ وَنَعِيمُهُ، وَسُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ)
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوْحَى﴾ [سُورَةَ النَّجْمِ]
أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى سَيِّدَنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِدِينِ الْحَقِّ، وَأَمَرَهُ بِتَبْلِيغِهِ إِلَى النَّاسِ فَأَدَّى الأَمَانَةَ، وَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ بِكُلِّ صِدْقٍ وَشَجَاعَةٍ.
وَكُلُّ شَىءٍ أَخْبَرَ بِهِ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أمُورِ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ، أَوْ قَصَصِ الأَنْبِيَاءِ أَوِ الأمُورِ الَّتِي تَحْدُثُ فِى الْمُسْتَقبَلِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
فَمِنَ الأمُورِ الَّتِي أَخْبَرَنَا عَنْهَا سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَذَابُ الْقَبْرِ وَنَعِيمُهُ وَسُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ.
(1) عَذَابُ الْقَبْرِ: يَجِبُ الإِيْمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْكُفَّارَ جَمِيعَهُمْ فِي قُبُورِهِمْ، فَيَأْمُرُ حَشَرَاتٍ فِي الأَرْضِ مُؤْذِيَةً أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَهُمْ، وَيَأْمُرُ الأَرْضَ فَتَنْطَبِقُ عَلَيْهِمْ، فَتَكُونُ قُبورُهُمْ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النَّارِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ النَّكَدِ وَالْعَذَابِ. أَمَا الْمُسْلِمُونَ الْعُصَاةُ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ مَاتُوا مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ فَهُمْ قِسْمَانِ:
· قِسْمٌ يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ فِي قُبورِهِمْ.
· وَقِسْمٌ يُعْفِيهُمُ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الْعَفْوُ بِسَبَبِ اسْتِغْفَارِ مُسْلِمٍ حَىٍّ لَهُ أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْءَانِ لَهُ.
(2) وَنَعِيمُ الْقَبْرِ: يَجِبُ الإِيْمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ يُنْعِمُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ فِى قُبُورِهِمْ، وَمِنْ هَذَا النَّعِيمِ أَنْ تُنَوَّرَ قُبُورُهُمْ بِنُورٍ كَنُورِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَأَنْ تُوَسَّعَ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فِى سَبْعِينَ ذِرَاعًا وَيُمْلأَ نُوراً إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ النَّعِيمِ.
(3) وَسُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ: وَيَجِبُ الإِيْمَانُ بِمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَهُمَا مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يَسأَلانِ الْمَيِّتَ فِى قَبْرِهِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ لا يَنْطِقُ بِهَا فَيَضْرِبَانِهِ بِمِطْرَقَةٍ بَيْنَ أذُنَيْهِ لَوْ طُرِقَتْ بِهَا الْجِبَالُ لَذَابَتْ.
وَسُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ الْكَامِلَ لا يَلْحَقُهُ فَزَعٌ وَلا انْزِعَاجٌ مِنْ سُؤَالِهِمَا لأَنَ اللَّهَ يُثَبِّتُ قَلْبَهُ فَلا يَرْتَاعُ مِنْ مَنْظَرِهِمَا الْمُخِيفِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا السُّؤَالِ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ وَالأَطْفَالُ (وَهُمُ الَّذِينَ مَاتُوا دُونَ الْبُلُوغِ).
أَسْئِلَةٌ:
(1) اذْكُرْ دَلِيلاً مِنَ الْقُرْءَانِ عَلَى صِدْقِ النَّبِىِّ فِيمَا بَلَّغَهُ عَنِ اللَّهِ.
(2) عَدِّدْ بَعْضَ مَا أَخْبَرَ عَنْهُ النَّبِىُّ.
(3) لِمَنْ يَحْصُلُ عَذَابُ الْقَبْرِ؟
(4) مَا هُوَ حَالُ الْمُسْلِمِينَ الْعُصَاةِ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فِى قُبورِهِمْ؟
(5) لِمَنْ يَحْصُلُ نَعِيمُ الْقَبْرِ؟
(6) عَمَّنْ يُسْأَلُ الْعَبْدُ فِى الْقَبْرِ؟ وَمَنْ هُمَا مَلَكَا السُّؤَالِ؟
(7) لِمَنْ يَحْصُلُ سُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ فِى الْقَبْرِ وَمَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ السُّؤَالِ فِى الْقَبْرِ؟
الدَّرْسُ الْعَاشِرُ
الإِيْمَانُ بِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2)
(الْيَوْمُ الآخِرُ، الْبَعْثُ، الْحَشْرُ)
مِمَّا أَخْبَرَنَا بِهِ النَّبِىُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيَجِبُ الإِيْمَانُ بِهِ: الْيَوْمُ الآخِرُ، وَالْبَعْثُ، وَالْحَشْرُ.
· الْيَوْمُ الآخِرُ: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُهُ مِنْ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْ قُبُورِهِمْ إِلَى اسْتِقْرَارِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِى الْجَنَّةِ وأَهْلِ النَّارِ فِى النَّارِ، وَفِى ذَلِكَ الْيَوْمِ تَدْنُو الشَّمْسُ مِنْ رُؤُوسِ الْعِبَادِ وَتَحْصُلُ فِيهِ أَحْوَالٌ صَعْبَةٌ يَنْجُو مِنْهَا الْمُؤْمِنُونَ الأَتْقِيَاءُ، وَيُجْمَعُ النَّاسُ لِلْحِسَابِ فَتُعْرَضُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ سَوَاءٌ كَانَتْ خَيْرًا أَمْ شَرًّا، وَتُوزَنُ أَعْمَالُهُمْ بِمِيزَانٍ فَتُوضَعُ الْحَسَنَاتُ فِى كَفَّةٍ وَالْسَّيِّئَاتُ فِى الْكَفَّةِ الأُخْرَى.
· الْبَعْثُ: وَهُوَ انْشِقَاقُ الْقُبُورِ وَخُرُوجُ النَّاسِ مِنْهَا لِلْحِسَابِ بَعْدَ إِعَادَةِ الأَجْسَادِ الَّتِى أَكَلَهَا التُّرَابُ، وَهِىَ أَجْسَادُ غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ وَالْشُهَدَاءِ، فَهَؤُلاءِ لا يَأْكُلُ التُّرَابُ أَجْسَادَهُمْ، وَكَذَلِكَ بَعْضُ الأَوْلِيَاءِ لا يَأْكُلُ التُّرَابُ أَجْسَادَهُمْ.
· الْحَشْرُ: وَيَكُونُ بَعْدَ الْبَعْثِ حَيْثُ يُجْمَعُ النَّاسُ إِلَى مَكَانٍ لِيُسْأَلُوا عَنْ أَعْمَالِهمُ الَّتِى عَمِلُوهَا، وَهَذَا الْمَكَانُ هُوَ الأَرْضُ الْمُبَدَّلَةُ فَهَذِهِ الأَرْضُ الَّتِى نَعِيشُ عَلَيْهَا تُدَكُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُقُ اللَّهُ أَرْضًا أُخْرَى لا جِبَالَ فِيهَا وَلا وِدْيَانَ. والنَّاسُ فِى الْحَشْرِ يَكُونُونَ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ :
(1) قِسْمٌ يُحْشَرُونَ طَاعِمِينَ رَاكِبِينَ كَاسِينَ، وَهُمُ الأَتْقِيَاءُ أَىِ الَّذِينَ كَانُوا فِى الدُّنْيَا يُؤَدُّونَ الْوَاجِبَاتِ وَيَجْتَنِبُونَ الْمُحَرَّمَاتِ.
(2) وَقِسْمٌ يُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً، وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ.
(3) وَقِسْمٌ يُحْشَرُونَ وَهُمُ يُجَرُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَهَؤُلاءِ هُمُ الْكُفَّارُ، وَقَدْ وَرَدَ فِى عَذَابِ الْمُتَكَبِرِينَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ أَنَهُمْ يُحْشَرُونَ بِحَجْمِ النَّمْلِ الصَّغِيرِ بِصُورَةِ بَنِى ءَادَمَ فَيَدُوسُهُمُ النَّاسُ بِأَقْدَامِهِمْ إِهَانَةً لَهُمْ وَلا يَمُوتُونَ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَا هُوَ الْيَوْمُ الآخِرُ؟
(2) بِمَ تُوزَنُ أَعْمَالُ الْعِبَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
(3) مَا هُوَ الْبَعْثُ؟
(4) أَجْسَادُ مَنْ لا يَأْكُلُهَا التُّرَابُ؟
(5) مَا هُوَ الْحَشْرُ؟ وَأَيْنَ يُحْشَرُ النَّاسُ؟
(6) مَا هِىَ صِفَةُ أَرْضِ الْحَشْرِ؟ وَعَلَى كَمْ قِسْمٍ يَكُونُ الْحَشْرُ؟
(7) كَيْفَ يُحْشَرُ الأَتْقِيَاءُ؟ وَالْعُصَاةُ؟
(8) كَيْفَ يُحْشَرُ الْكُفَّارُ؟ وَمَاذَا وَرَدَ فِى عَذَابِ الْمُتَكَبِّرِينَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ؟
الدَّرْسُ الْحَادِيَ عَشَرَ
الإِيْمَانُ بِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3)
(الصِّرَاطُ، الْحَوْضُ، وَالشَّفَاعَةُ)
مِنَ الأُمُورِ الَّتىِ أَخْبَرَ عَنْهَا النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجِبُ الإِيْمَانُ بِهَا: الصِّرَاطُ، وَالْحَوْضُ، وَالشَّفَاعَةُ.
· الصِّرَاطُ: هُوَ جِسْرٌ يُمَدُّ فَوْقَ جَهَنَّمَ يَرِدُهُ النَّاسُ، أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِى الأَرْضِ الْمُبَدَّلَةِ وَالطَّرَفُ الآخَرُ فِيمَا يَلِى الْجَنَّةَ بَعْدَ النَّارِ، فَيَأْتِى النَّاسُ لِلْمُرُورِ عَلَيْهِ، فَالْكُفَّارُ لا يَجْتَازُونَهُ أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ:
(1) قِسْمٌ لا يَدُوسُونَهُ بِالْمَرَّةِ إِنَّمَا يَمُرُّونَ فِى هَوَائِهِ طَائِريِنَ.
(2) وَقِسْمٌ يَدُوسُونَهُ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقَعُ فِى النَّارِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَجِّيهِمُ اللَّهُ فَيَخْلُصُونَ مِنْهَا.
· الْحَوْضُ: وَهُوَ مَكَانٌ أَعَدَّ اللَّهُ فِيهِ شَرَابًا لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَشْرَبُونَ مِنْهُ قَبْلَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ وَلِكُلِّ نَبِىٍّ حَوْضٌ يَشْرَبُ مِنْهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أُمَّتِهِ، وَأَكْبَرُ الأَحْوَاضِ حَوْضُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يَنْصَبُّ فِيهِ مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لا يَعْطَشُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا، وَيَكُونُ شَرَابُهُمْ فِى الْجَنَّةِ لِلتَّلَذُّذِ.
· الشَّفَاعَةُ: الشَّفَاعَةُ هِىَ طَلَبُ الْخَيْرِ مِنْ الْغَيْرِ لِلْغَيْرِ، وَمِمَّنْ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الأَنْبِيَاءُ وَالْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ وَالْمَلائِكَةُ وَكَذَلِكَ الطِّفْلُ يَشْفَعُ لأَبَوَيْهِ الْمُسْلِمَيْنِ وَالشَّهِيدُ يَشْفَعُ لِسَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالشَّفَاعَةُ تَكُونُ لِلْمُؤْمِنِينَ الْعُصَاةِ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ مَاتُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتُوبُوا. قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: »شَفَاعَتِى لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِى« رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلا شَفَاعَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لأِىِّ كَاِفرٍ، لأِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [سُورَةَ الأَنْبِيَاء/28] أَيْ إِلاَّ لِمَنْ مَاتَ عَلَى الإِيْمَانِ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَا هُوَ الصِّرَاطُ؟ وَهَلْ يَجْتَازُهُ الْكُفَّارُ؟
(2) الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ عُبُورِ الصِّرَاطِ عَلَى كَمْ قِسْمٍ يَكُونُونَ؟
(3) مَا هُوَ الْحَوْضُ؟ وَمَنْ يَشْرَبُ مِنْهُ؟
(4) أَىُّ الأَحْوَاضِ أَكْبَرُ؟ وَمِنْ أَيْنَ يَنْصَبُّ الْمَاءُ فِيهِ؟
(5) مَا هِىَ الشَّفَاعَةُ؟ وَمَنْ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
(6) لِمَنْ تَكُونُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ اذْكُرْ حَدِيِثًا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
(7) مَا الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلَى أَنَهُ لا شَفَاعَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لأِىِّ كَاِفرٍ؟
الدَّرْسُ الثَّانِيَ عَشَرَ
الإِيْمَانُ بِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4)
(الْجَنَّةُ وَالنَّارُ)
وَمِنَ الأُمُورِ الَّتيِ أَخْبَرَ عَنْهَا النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجِبُ الإِيْمَانُ بِهَا: الْجَنَّةُ وَالنَّارُ.
(1) الْجَنَّةُ: هِىَ دَارُ السَّلامِ وَالنَّعِيمِ وَالسُّرُورِ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَمِنْ لَبَنٍ وَمِنْ خَمْرٍ لَيْسَ كَخَمْرِ الدُّنْيَا الَّذِى يُذْهِبُ الْعَقْلَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ.
وَالنَّعِيمُ فِيهَا حِسِّىٌّ بِالْجَسَدِ وَالرُّوحِ، وَالْجَنَّةُ دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا أَعْلَى مِنْ بَعْضٍ وَأَعْلَى دَرَجَةٍ هِىَ دَرَجَةُ الأَنْبِيَاءِ. وَأَهْلُ الْجَنَّةِ لا يَحْزَنُونَ وَلا يَمْرَضُونَ وَلا يَهْرَمُونَ وَلا يَمُوتُونَ، خَالِدُونَ فِيهَا وَلا يَخْرُجُونَ مِنْهَا أَبَدًا وَهُمْ فِى نَعِيمٍ دَائِمٍ لا نِهايَةَ لَهُ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »أَلا هَلْ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لا خَطَرَ لَهَا، هِىَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلأْلأُ وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ وَقَصْرٌ مَشِيدٌ وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ نَضِيجَةٌ وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِى مُقَامٍ أَبَدِىّ فِى حَبْرَةٍ وَنَضْرَةٍ فِى دَارٍ عَاِليَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ« رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(2) النَّارُ: أَىْ جَهَنَّمُ، يَجِبُ الإِيْمَانُ بِأَنَّهَا دَارُ الشَّقَاءِ وَالْعَذَابِ وَأَنَّهَا لا تَفْنَى، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ اخْتَارُوا الْكُفْرَ وَأَعْرَضُوا عَنِ الإِسْلامِ، وَالنَّارُ فِيهَا عَذَابٌ حِسِّىٌّ حَقِيقِىٌّ وَحَرُّهَا أَشَدُّ بِكَثِيرٍ مِنْ حَرِّ الدُّنْيَا وَبَرْدُهَا أَشَدُّ بِكَثِيرٍ مِنْ بَرْدِ الدُّنْيَا. وَهِىَ مَوْجُودَةٌ الآنَ وَمَكَانُهَا تَحْتَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ. وَالْكُفَّارُ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا لا يَخْرُجُونَ مِنْهَا.
وَأَمَا عُصَاةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ أَىِ الَّذِينَ كَانُوا يَفْعَلُونَ الْمَعَاصِيَ الْكَبِيرةَ وَمَاتُوا مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، فَهَؤُلاءِ عَلَى قِسْمَيْنِ:
(1) قِسْمٌ يُعْفِيهُمُ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ النَّارِ بِشَفَاعَةِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ بِلا عَذَابٍ.
(2) وَقِسْمٌ يُعَذِبُهُمُ اللَّهُ فَتْرَةً فِى نَارِ جَهَنَّمَ ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ لأِنَهُمْ مَاتُوا عَلَى الإِيْمَان.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لاَّ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ [سُورَةَ الأَحْزَاب].
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَاهِىَ الْجَنَّةُ؟ وَلِمَنْ أَعَدَّهَا اللَّهُ؟
(2) مَاذَا يُقَالُ عَنِ النَّعِيمِ فِى الْجَنَّةِ؟
(3) اذْكُرْ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِى وَصْفِ الْجَنَّةِ.
(4) لِمَنْ أَعَدَّ اللَّهُ النَّارَ؟ وَأَيْنَ هِىَ الآنَ؟ وَمَنْ يُخَلَّدُ فِيهَا؟
(5) مَا هُوَ حَالُ الْعُصَاةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ مَاتُوا مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
(6) اذْكُرْ ءَايَةً مِنَ الْقُرْءَانِ تَدُلُّ عَلَى خُلُودِ الْكُفَّارِ فِى النَّارِ.
الدَّرْسُ الثَّالِثَ عَشَرَ
أَبْوَابُ الْكُفْرِ وَأَنْوَاعُ الْكَافِرِينَ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [سُورَةَ مُحَمَّد/34].
الْكُفْرُ نَقِيضُ الإِيْمَانِ كَمَا أَنَّ الْظَلامَ نَقِيضُ النُّورِ، وَهُوَ ثَلاثَةُ أَبْوَابٍ التَّشْبِيهُ وَالتَّكْذِيبُ وَالتَّعْطِيلُ.
(1) كُفْرُ التَّشْبِيهِ: أَيْ تَّشْبِيهُ اللَّهِ بِخَلْقِهِ، كَالَّذِى يَصِفُ اللَّهَ بِأَنَهُ جَالِسٌ أَوْ أَنَّ لَهُ شَكْلاً وَهَيْئَةً أَوْ يَصِفُهُ بِأَنَّ لَهُ مَكَانًا أَوْ جِهَةً.
(2) كُفْرُ التَّكْذِيبِ: أَيْ تَّكْذِيبُ مَا وَرَدَ فِى الْقُرْءَانِ الْكَرِيْمِ أَوْ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ ثَابِتٍ كَإِنْكَارِ بَعْثِ الأَجْسَادِ وَالأَرْوَاحِ مَعاً وَإِنْكَارِ وُجُوبِ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ.
(3) كُفْرُ التَّعْطِيلِ: وَهُوَ نَفْىُ وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَشَدُّ الْكُفْرِ.
وَالْكَافِرُ نَوْعَانِ: إِمَّا كَافِرٌ أَصْلِىٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ عَنِ الإِسْلامِ.
فَالْكَافِرُ الأَصْلِىُّ: هُوَ مَنْ نَشَأَ مِنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ عَلَى الْكُفْرِ وَبَلَغَ عَلَى الْكُفْرِ.
أَمَّا الْمُرْتَدُّ: فَهُوَ الشَّخْصُ الَّذِي كَانَ مُسْلِمًا وَوَقَعَ فِي أَحَدِ أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيْمَانِكُمْ﴾ [سُورَةَ الْتَوْبَة].
وَالرِّدَّةُ هِىَ الْخُرُوجُ عَنِ الإِسْلامِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَحْفَظَ إِسْلامَهُ وَيَصُونَهُ عَنْ هَذِهِ الرِّدَّةِ الَّتِي تُفْسِدُهُ وَتُبْطِلُهُ وَتَقْطَعُهُ وَالعِياذُ بِاللَّهِ تَعَالَى.
أَقْسَامُ الرِّدَّةِ: الرِّدَّةُ ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ كَمَا قَسَّمَهَا الْعُلَمَاءُ: كُفْرٌ اعْتِقَادِىٌّ، وَكُفْرٌ فِعْلِىٌّ، وَكُفْرٌ قَوْلِىٌّ.
وَكلُّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الرِّدَّةِ يَدْخُلُ تَحْتَهُ شُعَبٌ كَثِيرَةٌ.
(1) الْكُفْرُ الإِعْتِقَادِىُّ: كَنَفْىِ وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ عَاجِزٌ أَوْ جَاهِلٌ أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ أَوْ ضَوْءٌ أَوْ رُوحٌ أَوْ أَنَّهُ يَتَّصِفُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْخَلْقِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ حَلالٌ أَوْ أَنَّ السَّرِقَةَ حَلالٌ، أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ الصَّلَواتِ الْخَمْسِ أَوْ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَوْ الزَّكَاةَ أَوْ الْحَجَّ.
(2) الْكُفْرُ الفِعْلِىُّ: كَإِلْقَاءِ الُمُصْحَفِ أَوْ أَوْرَاقِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عَمْدًا فِي الْقَاذُورَاتِ، أَوِ السُّجُودِ لِصَنَمٍ أَوْ لِشَمْسٍ أَوْ مَخْلُوقٍ ءَاخَرَ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لَهُ، وَكَكِتَابَةِ الآيَاتِ الْقُرْءَانِيَّةِ بِالْبَوْلِ.
(3) الْكُفْرُ الْقَوْلِىُّ: كَسَبِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سَبِّ نَبِىٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ أَوْ مَلَكٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ أَوْ سَبِّ الإِسْلامِ أَوِ الْقُرْءَانِ أَوِ الاِسْتِهْزَاءِ بِالصَّلاةِ أَوِ الصِّيَامِ، أَوِ الإِعْتِرَاضِ عَلَى اللَّهِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِى بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا« رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ. أَىْ مَسَافَةَ سَبْعِينَ عَامًا فِى النُّزُولِ وَذَلِكَ مُنْتَهَى قَعْرِ جَهَنَّمَ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْكُفَّارِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِى الْوُقُوعِ فِي الْكُفْرِ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ وَلا انْشِرَاحُ الصَّدْرِ وَلا اعْتِقَادُ مَعْنَى اللَّفْظِ وَلا نِيَّةُ الْكُفْرِ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »أَكْثَرُ خَطَايَا ابْنِ ءَادَمَ مِنْ لِسَانِهِ« رَوَاهُ الطَّبَرَانِىُّ.
وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ كُلَّ اعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْفَافٍ بِاللَّهِ أَوْ كُتُبِهِ أَوْ رُسُلِهِ أَوْ مَلائِكَتِهِ أَوْ شَعَائِرِهِ أَوْ مَعَالِمِ دِينِهِ أَوْ أَحْكَامِهِ أَوْ وَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ كُفْرٌ فَلْيَحْذَرِ الإِنْسَانُ مِنْ ذَلِكَ جَهْدَهُ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الْعُلَمَاءُ : إِنْكَارُ مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كُفْرٌ، وَمَعْنَى كَوْنِ الأَمْرِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الأَمْرُ مَعْلُومًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عُلَمَائِهِمْ وَعَوَامِّهِمْ، لَيْسَ أَمْرًا لا يَعْرِفِهُ إِلاَّ الْعُلَمَاءُ، وَذَلِكَ كَوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَحِلِّ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَحُرْمَةِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الأُمُورَ لا تَخْفَى عَلَى الْمُسْلِمِ مَهْمَا كَانَ جَاهِلاً.
وَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَنْ كَفَرَ لا يَرْجِعُ إِلَى الإِسْلامِ إِلاَّ بِالْنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنِ الْكُفْرِ، فَلا يَرْجِعُ الْكَافِرُ إِلَى الإِسْلامِ بِقَوْلِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بَلْ يَزِيدُهُ ذَلِكَ كُفْرًا، وَلا تَنْفَعُهُ الشَّهَادَتَانِ مَا دَامَ عَلَى كُفْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَا الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ الْكُفْرَ لِمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ؟
(2) مَا هُوَ الْكُفْرُ؟ وَمَا هِيَ أَبْوَابُهُ؟
(3) مَا هُوَ كُفْرُ التَّشْبِيهِ؟
(4) مَا هُوَ كُفْرُ التَّكْذِيبِ؟
(5) مَا هُوَ كُفْرُ التَّعْطِيلِ؟
(6) كَمْ نَوْعًا الْكُفَّارُ؟
(7) مَنْ هُوَ الْكَافِرُ الأَصْلِيُّ؟ وَمَنْ هُوَ الْمُرْتَدُّ؟
(8) اذْكُرْ ءَايَةً مِنَ الْقُرْءَانِ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمُ الرِّدَّةِ عَلَى مَنِ اسْتَهْزَأَ بِاللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ.
(9) مَا هِىَ الرِّدَّةُ؟ وَكَمْ قِسْمًا هِىَ؟
(10) اذْكُرْ بَعْضَ الأَمْثِلَةِ عَلَى الْكُفْرِ الاِعْتِقَادِىِّ.
(11) اذْكُرْ بَعْضَ الأَمْثِلَةِ عَلَى الْكُفْرِ الْفِعْلِىِّ.
(12) اذْكُرْ بَعْضَ الأَمْثِلَةِ عَلَى الْكُفْرِ الْقَوْلِىِّ.
(13) اذْكُرْ حَدِيثًا عَنِ النَّبِىِّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِي الْوُقُوعِ فِي الْكُفْرِ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ.
(14) كَيْفَ يَرْجِعُ مَنْ كَفَرَ إِلَى الإِسْلامِ؟
الدَّرْسُ الرَّابِعَ عَشَرَ
الإِيْمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ
قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [سُورَةَ الْقَمَرِ/49]
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »الإِيْمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ« رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَدْ عَرَضْنَا فِى الدُّرُوسِ السَّابِقَةِ بَعْضَ الشُّرُوحِ لِمَا وَرَدَ فِى هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا مِمَّا أَخْبَرَ عَنْهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجِبُ التَّصْدِيقُ بِهِ.
وَالإِيْمَانُ (بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) مَعْنَاهُ: الإِيْمَانُ بِأَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِى الْوُجُودِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ هُوَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ الأَزَلِىِّ، فَالْخَيْرُ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ، وَالشَّرُّ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ وَعِلْمِهِ وَلَكِنْ لَيْسَ بِمَحَبَّتِهِ وَلا بِرِضَاهُ.
فَائِدَةٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا: »وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ«. رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ. وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: »كُلُّ شَىْءٍ بِقَدَرٍ حَتَى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ« رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْعَجْزُ هُوَ الْغَبَاءُ وَالْكَيْسُ الْذَّكَاءُ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) اذْكُرْ ءَايَةً مِنَ الْقُرْءَانِ عَنِ الإِيْمَانِ بِالْقَدَرِ.
(2) اذْكُرْ حَدِيثًا عَنِ النَّبِىِّ عَنِ الإِيْمَانِ بِالْقَدَرِ.
(3) مَا مَعْنَى الإِيْمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؟
(4) اذْكُرْ حَدِيثًا عَنِ النَّبِىِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ.
(5) اذْكُرْ حَدِيثًا نَبَوِيًّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَىْءٍ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ.
فَصْلُ الْعِبَادَاتِ
الدَّرْسُ الأَوَّلُ
حُكْمُ الشَّرْعِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ
الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ يَنْقَسِمُ إِلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ:
الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ وَالْمُبَاحُ وَالصَّحِيحُ وَالْبَاطِلُ.
(1) الْوَاجِبُ: وَيُسَمَى الْفَرْضَ، وَهُوَ مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ وَيُعَاقَبُ تَارِكُهُ، وَيَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: فَرْضُ عَيْنٍ وَفَرْضُ كِفَايَةٍ.
· فَرْضُ الْعَيْنِ: هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ أَوْ أَنَّ يَتَعَلَّمَهُ وَيَفْعَلَهُ كَمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَدَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ.
· فَرْضُ الْكِفَايَةِ: هُوَ مَا إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ بِفِعْلِهُمُ الْفَرْضُ عَنِ الآخَرِينَ كَصَلاةِ الْجَمَاعَةِ، وَحِفْظِ الْقُرْءَانِ وَالْقِيَامِ بِالصَّنَائِعِ النَّافِعَةِ الَّتِي تَحْتَاجُهَا الأُمَّةُ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ.
(2) الْمَنْدُوبُ: (وَالسُّنَّةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ)، وَهُوَ مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ وَلا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ كَرَوَاتِبِ الصَّلَوَاتِ وَاسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(3) الْحَرَامُ: هُوَ مَا يُثَابُ تَارِكُهُ (إِنْ تَرَكَهُ امْتِثَالاً لأِمْرِ اللَّهِ تَعَالَى)، وَيُعَاقَبُ فَاعِلُهُ، كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الرِّبَا وَالْكَذِبِ وَالسَّرِقَةِ وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ كَشُرْبِ الدُّخَانِ لِمَنْ يَضُرُّهُ.
(4) الْمَكْرُوهُ: وَهُوَ مَا يُثَابُ تَارِكُهُ امْتِثَالاً وَلا يُعَاقَبُ فَاعِلُهُ، كَاْلإِسْرَافِ بِماءِ الْوُضُوءِ أَوِ الغُسْلِ وَالأَكْلِ بِالْيَدِ الْيُسْرَى.
(5) الْمُبَاحُ: وَهُوَ مَا لا يُثَابُ فَاعِلُهُ ولا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ، كَالتَّوَسُّعِ فِي اللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُوُنَ حَلالاً، وَكَلُبْسِ الصُّوفِ بَدَلَ الْقُطْنِ وَأَكْلِ الْحِمَّصِ بَدَلَ الْفُولِ مَثَلاً وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(6) الْصَّحِيحُ: الصَّحِيحُ مِنَ الْعِبَادَاتِ هُوَ مَا وَافَقَ شَرْعَ اللَّهِ فَاسْتَوْفَى الأَرْكَانَ وَالشُّرُوطَ.
(7) الْبَاطِلُ: وَيُقَالُ لَهُ الْفَاسِد: وَهُوَ ضِدُّ الصَّحِيحِ أَيْ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ الشُّرُوطَ وَالأَرْكَانَ. وَلَوِ اسْتَوْفَى الأَرْكَانَ وَالشُّرُوطَ وَطَرَأَ عَلَيْهِ مَا يُفْسِدُهُ يُعَدُّ فَاسِدًا أَيْضًا.
أَسْئِلَةٌ:
(1) إِلَى كَمْ قِسْمٍ يَنْقَسِمُ الْحُكْمُ الْشَرْعِيُّ؟
(2) مَا هُوَ الْوَاجِبُ وَمَاذَا يُسَمَى أَيْضًا؟
(3) كَمْ قِسْمٌ يَنْقَسِمُ الْوَاجِبُ؟
(4) مَا هُوَ فَرْضُ الْعَيْنِ؟ أَعْطِ مِثَالاً.
(5) مَا هُوَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ؟ أَعْطِ مِثَالاً.
(6) مَا هُوَ الْمَنْدُوبُ؟ أَعْطِ مِثَالاً.
(7) مَا هُوَ الْحَرَامُ؟ أَعْطِ مِثَالاً.
(8) مَا هُوَ الْمَكْرُوهُ؟ أَعْطِ مِثَالاً.
(9) مَا هُوَ الْمُبَاحُ؟ أَعْطِ مِثَالاً.
(10) مَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْعِبَادَاتِ؟
(11) مَا هُوَ الْبَاطِلُ؟ وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ أَيْضًا.
الدَّرْسُ الثَّانِى
الطَّهَارَةُ عَنِ النَّجَاسَةِ
النَّجَاسَةُ مِنْهَا: الْبَوْلُ، وَالْغَائِطُ، وَالدَّمُ، وَالْقَيْحُ، وَالْقَىْءُ، وَالْخَمْرَةُ، وَالْمَيْتَةُ سِوَى السَّمَكِ وَالْجَرَادِ وَالآدَمِىُّ وَكَذَلِكَ عَظْمُهَا وَشَعْرُهَا.
وَتُقْسَمُ النَّجَاسَةُ إِلَى: عَيْنِيَّةٍ وَحُكْمِيَّةٍ .
(1) النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ: هِىَ النَّجَاسَةُ الَّتِي لَهَا لَوْنٌ أَوْ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ، أَوْ بَقِيَ جِرْمُهَا.
وَتَطْهُرُ النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ بِإِزَالَةِ عَيْنِهَا، ثُمَّ بِصَبِّ الْمَاءِ الْمُطَهِّرِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُتَنَجِّسِ، فَإِذَا زَالَ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ وَالرِّيحُ أَصْبَحَ الْمَكَانُ طَاهِرًا.
(2) النَّجَاسَةُ الْحُكْمِيَّةُ: هِىَ النَّجَاسَةُ الَّتِى زَالَتْ عَيْنُهَا وَطَعْمُهَا وَلَوْنُهَا وَرِيْحُهَا لَكِنَّهَا لَمْ تُغْسَلْ بِالْمَاءِ.
وَتُزَالُ النَّجَاسَةُ الْحُكْمِيَّةُ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ الْمُطَهِّرِ عَلَيْهَا ، فَلَوْ وَقَعَ بَوْلٌ عَلَى مَكَانٍ ثُمَّ جَفَّ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَانْقَطَعَ لَوْنُهُ وَرِيْحُهُ وَطَعْمُهُ، فَإِنَّهُ يَكْفِى صَبُّ الْمَاءِ عَلَى هَذَا الْمَكَانِ لِيَطْهُرَ عَنِ النَّجَاسَةِ.
ثُمَّ إِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ نَجَاسَةً كَلْبِيَّةً أَوْ خِنْزِيرِيَّةً كَأَنْ مَسَّ شَخْصٌ بِيَدهِ الْمُبْتَلَّةِ كَلْبًا أَوْ خِنْزِيرًا، أَوْ أَصَابَ رِيقُ الْكَلْبِ أَوِ الْخِنْزِيرِ شَيْئًا مِنْ جِسْمِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، فَتُزَالُ هَذِهِ النَّجَاسَةُ بِغَسْلِهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ إِحْدَاهُنَّ مَمْزُوجَةٌ بِالتُّرَابِ الطَّهُورِ.
فَائِدَةٌ: الْحَيَوَانَاتُ – وَهِيَ حَيَّةٌ – كُلُّهَا طَاهِرَةٌ إِلاَّ الْكَلْبَ وَالِخنْزِيرَ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا.
أَسْئِلَةٌ:
(1) اذْكُرْ بَعْضَ الأَمْثِلَةِ عَنِ النَّجَاسَةِ.
(2) إِلَى كَمْ قِسْمٍ تُقْسَمُ النَّجَاسَةُ؟ وَمَا هِيَ النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ؟
(3) كَيْفَ تَطْهُرُ النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ؟
(4) مَا هِيَ النَّجَاسَةُ الْحُكْمِيَّةُ؟ وَكَيْفَ تُزَالُ؟
(5) كَيْفَ تُزَالُ النَّجَاسَةُ الْكَلْبِيَّةُ أَوِ الْخِنْزِيرِيَّةُ؟
(6) أَيُّ الْحَيَوَانَاتِ نَجِسَةٌ؟
الدَّرْسُ الثَّالِثُ
الْوُضُوءُ: الْفَرَائِضُ وَالْسُّنَنُ
الْوُضُوءُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [سُورَةَ الْمَائِدَة/6]
وَلِلْوُضُوءِ فُرُوضٌ وَسُنَنٌ وَمُبْطِلاتٌ.
· فُرُوضُ الوُضُوءِ:
لِلْوُضُوءِ سِتَّةُ فُرُوضٍ لا يَصِحُّ بِدُونِ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَهِيَ:
(1) النِّيَّةُ: وَمَكَانُهَا الْقَلْبُ، وَتَكُونُ مُقْتَرِنَةً بِغَسْلِ الْوَجْهِ فَيَقُولُ بِقَلْبِهِ: »نَوَيْتُ الْوُضُوءَ «مَثَلاً.
(2) غَسْلُ الْوَجْهِ جَمِيعِهِ: مِنْ مَنَابِتِ شَعَرِ الرَّأْسِ إِلَى الذَّقَنِ، وَمِنَ الأُذُنِ إِلَى الأُذُنِ.
(3) غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ: وَالْمِرْفَقُ هُوَ مُجْتَمَعُ عَظْمَىِ السَّاعِدِ وَالْعَضُدِ.
(4) مَسْحُ الرَّأْسِ أَوْ بَعْضِهِ: فَيَكْفِى مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ.
(5) غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ: وَالْكَعْبَانِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مِفْصَلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ.
(6) التَّرْتِيبُ: أَيْ تَرْتِيبُ الْفَرَائِضِ كَمَا وَرَدَتْ، بِحَيْثُ تَكُونُ النِّيَّةُ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ أَوَلاً ثُمَّ غَسْلُ الْوَجْهِ، ثُمَّ الْيَدَيْنِ، ثُمَّ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ، ثُمَّ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ.
· سُنَنُ الْوضُوءِ:
وَهِيَ أَفْعَالٌ يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِدُونِهَا وَلَكِنْ يَفُوتُ ثَوَابُهَا، فَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ صَحَّ وُضُوؤُهُ، أَمَا مَنْ تَرَكَ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ فَلا يَصِحُّ وُضُوؤُهُ.
فَمِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ:
(1) التَّسْمِيَةُ: أَيْ قَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ.
(2) غَسْلُ الْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوعَيْنِ.
(3) اسْتِعْمَالُ السِّوَاكِ.
(4) الْمَضْمَضَةُ أَيْ إِجْرَاءُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ.
(5) الاِسْتِنْشَاقُ أَيْ إِدْخَالُ الْمَاءِ إِلَى دَاخِلِ الأَنْفِ.
(6) مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ.
(7) مَسْحُ الأُذُنَيْنِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ.
(8) تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَاللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ.
(9) الْبَدْءُ بِالْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى.
(10) التَّثْلِيثُ: أَيْ غَسْلُ مَا يُغْسَلُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَمَسْحُ مَا يُمْسَحُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
(11) دَلْكُ الأَعْضَاءِ أَيْ إِمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ.
(12) الْمُوَالاةُ: أَيْ غَسْلُ الْعُضْوِ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ الْمَاءُ عَنِ الْعُضْوِ الَّذِي قَبْلَهُ.
(13) اسْتِدَامَةُ النِّيَّةِ مِنْ أَوَّلِ الْعَمَلِ إِلَى ءَاخِرِهِ.
(14) التَّقْلِيلُ فِي مَاءِ الْوُضُوءِ كَمُدٍّ.
(15) الغُرُّ: وَهُوَ الزِّيَادَةُ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ عَلَى الْمَفْرُوضِ غَسْلُهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ.
(16) وَالتَّحْجِيلُ: وَهُوَ الزِّيَادَةُ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ عَلَى الْمَفْرُوضِ غَسْلُهُ.
(17) وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الاِنْتِهَاءِ مِنَ الْوُضُوءِ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَـهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِى مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) ما هِيَ الآيَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْوُضُوءِ؟
(2) كَمْ هِىَ فُرُوضُ الْوُضُوءِ؟ عَدِّدْهَا.
(3) أَيْنَ مَحَلُّ النِّيَّةِ؟ وَمَتَى يَنْوِى الْوُضُوءَ؟
(4) مَا هِىَ حُدُودُ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ ؟
(5) مَا هُوَ الْوَاجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ مِنَ الْيَدَيْنِ؟ وَمَا هُوَ الْمِرْفَقُ؟
(6) مَا هُوَ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ؟
(7) مَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ ؟ وَمَا هُمَا الْكَعْبَانِ؟
(8) مَا مَعْنَى التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ؟
(9) عَدِّدْ بَعْضَ سُنَنِ الْوضُوءِ.
(10) مَا مَعْنَى التَّسْمِيَةِ؟ وَالْمَضْمَضَةِ؟
(11) مَا مَعْنَى التَّثْلِيثِ؟ وَالْمُوَالاةِ؟
(12) مَا هُوَ الغُرُّ؟ وَالتَّحْجِيلُ؟
(13) مَاذَا يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ الشَّخْصُ بَعْدَ الاِنْتِهَاءِ مِنَ الْوُضُوءِ؟
الدَّرْسُ الرَّابِعُ
مُبْطِلاتُ الْوُضُوءِ
مُبْطِلاتُ الْوُضُوءِ هِيَ الأُمُورُ الَّتِى إِذَا حَصَلَتْ لِلْمُتَوَضِّئِ يَنْتَقِضُ وُضُوؤُهُ وَلا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّىَ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءًا جَدِيدًا وَهِىَ:
· خُرُوجُ شَىْءٍ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ (أَيِ الْقُبُلِ أَوِ الدُّبُرِ)، كَخُرُوجِ الْبَوْلِ أَوِ الْغَائِطِ أَوِ الرِّيحِ أَوِ الْحَصَى أَوِ الدُّودِ أَوِ غَيْرِ ذَلِكَ.
· وَمَسُّ الْقُبُلِ أَوِ الدُّبُرِ بِبَطْنِ الْكَفِّ بِلا حَائِلٍ.
· وَلَمْسُ بَشَرَةِ الأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي تُشْتَهَى بِلا حَائِلٍ.
· وَزَوَالُ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ أَوْ إِغمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ.
· وَالنَّوْمُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ الْمُتَمَكِّنِ، فَمَنْ نَامَ مُمَكِّنًا مَقْعَدَتَهُ بِحَيْثُ لا يَكُونُ بَيْنَ دُبُرِهِ وَبَيْنَ الأَرْضِ تَجَافٍ لا يَنْتَقِضُ وُضُوؤُهُ.
مَاذَا يَحْرُمُ عَلَى مَنِ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ؟
مَنِ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ: صَلاةُ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ، وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ إِنْ كَانَ طَوَافَ الْفَرْضِ أَوْ طَوَافَ التَّطَوُّعِ، لأِنَ الطَّوَافَ بِمَنْزِلَةِ الصَّلاةِ إِلاَّ أَنَّهُ يَحِلُّ فِيهِ كَلامُ النَّاسِ.
وَيَحْرُمُ أَيْضًا عَلَى مَنِ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ حَمْلُ الْمُصْحَفِ وَكَذَلِكَ مَسُّهُ أَيْ مَسُّ وَرَقِهِ وَجِلْدِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ.
وَيَجوُزُ لِمَنِ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ قِرَاءَةُ الْقُرْءَانِ وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ وَالْمُكْثُ فِيهِ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَنِ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ مَتَى يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّىَ؟
(2) مَا هِيَ مُبْطِلاتُ الْوُضُوءِ؟ عَدِّدْهَا.
(3) مَا مَعْنَى السَّبِيلَيْنِ؟
(4) مَاذَا يَحرُمُ عَلَى مَنِ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ؟
(5) اذْكُرْ بَعْضَ مَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ فِعْلُهُ.
الدَّرْسُ الْخَامِسُ
الاِسْتِنْجَاءُ
يَجِبُ الاِسْتِنْجَاءُ مِنْ كُلِّ نَجِسٍ رَطْبٍ خَارِجٍ مِنَ السَّبِيلَيْنِ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ.
وَالاِسْتِنْجَاءُ يَكُونُ بِالْمَاءِ الْمُطَهِّرِ أَوْ بِالْقَالِعِ الطَّاهِرِ الْجَامِدِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ (كَالْحَجَرِ أَوِ الْوَرَقِ).
· الاِسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ: يَصُبُّ الْمُسْتَنْجِى مِنَ الْغَائِطِ الْمَاءَ الْمُطَهِّرَ عَلَى مَخْرَجِ النَّجَاسَةِ وَيَدْلُكُ بِيَدِهِ الُيسْرَى حَتَّى تَزُولَ النَّجَاسَةُ عَنِ الْمَخْرَجِ وَيَطْهُرَ الْمَحَلُّ.
· الاسْتِنْجَاءُ بِالأَحْجَارِ: أَمَا لَوْ أَرَادَ اسْتِعْمَالَ الْقَالِعِ الطَّاهِرِ الْجَامِدِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ كَالْحَجَرِ فَيَمْسَحُ الْمَخْرَجَ بِهِ ثَلاثَ مَسَحَاتٍ، فإِنْ بَقِيَتِ النَّجَاسَةُ يَمْسَحُ مَرَّةً رَابِعَةً أَوْ أَكْثَرَ حَتَى يَنْقَى الْمَحَلُّ، أَوْ يَمْسَحُ بِثَلاثِ وَرَقَاتٍ (مَنَادِيلَ وَرَقِيَّةٍ مَثَلاً) ثَلاثَ مَسَحَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ حَتَى يَنْقَى الْمَحَلُّ ، وَلا يَكْفِى لِلاِسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ الْمَاءِ الْمَسْحُ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَى لَوْ حَصَلَ الإِنْقَاءُ.
وَيُشْتَرَطُ لِلاِسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ الْمَاءِ أَنْ يَكُونَ:
(1) قَبْلَ الْجَفَافِ فَلَوْ جَفَّ الْخَارِجُ وَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ.
(2) وَقَبْلَ الاِنْتِقَالِ فَلَوِ انْتَشَرَ الْخَارِجُ وَتَوَسَّعَ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِيهِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ.
وَيُسَنُّ الدُّخُولَ إِلَى الْخَلاءِ بِالرِّجْلِ الْيُسْرَى، وَالْخُرُوجُ مِنْهُ بِالْيُمْنَى، بِعَكْسِ الْمَسْجِدِ، فَالْمَسْجِدُ يُسَنُّ دُخُولُهُ بِالرِّجْلِ الْيُمْنَى وَالْخُرُوجُ مِنْهُ بِالرِّجْلِ الْيُسْرَى.
دُعَـاءٌ
يُسَنُّ لِدَاخِلِ الْخَلاءِ أَنْ يَقُولَ: »بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ« وَالْبَسْمَلَةُ سِتْرٌ لَهُ عَنْ أَعْيُنِ الْجِنِّ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ إِذَا خَرَجَ: »غُفْرَانَكَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّىَ الأَذَى وَعَافَانِي«.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مِمَّ يَجِبُ الاِسْتِنْجَاءُ؟
(2) بِمَ يَكُونُ الاِسْتِنْجَاءُ؟
(3) كَيْفَ يَسْتَنْجِى الشَّخْصُ مِنَ الْغَائِطِ بِالْمَاءِ ؟
(4) كَيْفَ يَسْتَنْجِى الشَّخْصُ بِالأَحْجَارِ؟
(5) إِنْ مَسَحَ ثَلاثَ مَسَحَاتِ وَبَقِيَتِ النَّجَاسَةُ مَاذَا يَفْعَلُ ؟
(6) هَلْ يَكْفِي لِلاِسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ الْمَاءِ أَنْ يَمْسَحَ مَسْحَةً وَاحِدَةً؟
(7) إِذَا جَفَّ الْخَارِجُ عَلَى الْمَخْرَجِ هَلْ يَكْفِي الاِسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ؟
(8) بِأَىِّ رِجْلٍ يُسَنُّ الدُّخُولُ إِلَى الْخَلاءِ؟ وَبِأَىِّ رِجلٍ يُسَنُّ الْخُرُوجُ مِنْهُ؟
الدَّرْسُ السَّادِسُ
الْحَدَثُ وَالْغُسْلُ الْوَاجِبُ
الْحَدَثُ نَوْعَانِ: حَدَثٌ أَصْغَرُ وَحَدَثٌ أَكْبَرُ.
· الْحَدَثُ الأَصْغَرُ: هُوَ حُصُولُ أَحَدِ الأَشْيَاءِ الَّتِى تَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَخُرُوجِ الرِّيحِ أَوِ الْبَوْلِ أَوِ الْغَائِطِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ مُبْطِلاتِ الْوُضُوءِ.
· الْحَدَثُ الأَكْبَرُ: وَهُوَ حُصُولُ أَحَدِ الأَشْيَاءِ الَّتِي تُوجِبُ الْغُسْلَ وَهِىَ خَمْسَةٌ: (1) خُرُوجُ الْمَنِىِّ، (2) وَالْجِمَاعُ، (3) وَالْحَيْضُ، (4) وَالنِّفَاسُ، (5) وَالْوِلادَةُ.
وَتَتِمُّ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ الأَكْبَرِ بِالْغُسْلِ وَلَهُ فُرُوضٌ وَسُنَنٌ.
فُرُوضُ الْغُسْلِ اثْنَانِ:
(1) النِّيَّةُ عِنْدَ غَسْلِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ، كَأَنْ يَقُولَ بِقَلْبِهِ: »نَوَيْتُ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ «أَوْ »نَوَيْتُ فَرْضَ الْغُسْلِ« أَوْ »نَوَيْتُ رَفْعَ الْحَدَثِ الأَكْبَرِ«.
(2) وَتَعْمِيمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ بَشَرًا وَشَعَرًا وَإِنْ كَثُفَ وَالْبَشَرُ هُوَ الْجِلْدُ، وَيَجِبُ حَلُّ الضَّفَائِرِ الَّتِي لا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى بِاطِنِهَا إِلاَّ بِحَلِّهَا.
سُنَنُ الْغُسْلِ: وَهِيَ كَثِيرَةٌ مِنْهَا:
(1) التَّسْمِيَةُ أَىْ قَوْلُ «بِسْمِ اللَّهِ» عِنْدَ بَدْءِ الْغُسْلِ.
(2) وَالْوُضُوءُ قَبْلَ الْغُسْلِ.
(3) وَالدَّلْكُ.
(4) وَالتَّيَامُنُ: أَيِ الْبَدْءُ بِالشِّقِ الأَيْمَنِ.
(5) وَالتَّثْلِيثُ.
(6) وَالْمُوَالاةُ.
(7) وَتَعَهُّدُ الْمَعَاطِفِ كَمَعَاطِفِ الأُذُنَيْنِ.
الاِغْتِسَالاتُ الْمَسْنُونَةُ: وَهِيَ الاِغْتِسَالاتُ الَّتِي يُثَابُ فَاعِلُهَا وَلا يُعَاقَبُ تَارِكُهَا وَمِنْهَا:
· غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ ءَاكَدُهَا.
· وَغُسْلُ الْعِيدَيْنِ (الْفِطْرِ وَالأَضْحَى).
· وَالْغُسْلُ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ.
· وَالْغُسْلُ لِلْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إِذَا أَفَاقَا.
· وَالْغُسْلُ لِلإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ.
· وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَلِلطَّوَافِ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) كَمْ نَوْعًا الْحَدَثُ؟
(2) مَا هُوَ الْحَدَثُ الأَصْغَرُ؟ أَعْطِ مِثَالاً.
(3) مَا هُوَ الْحَدَثُ الأَكْبَرُ؟
(4) مَا هِيَ الأُمُورُ الَّتِي تُوجِبُ الْغُسْلَ ؟
(5) كَيْفَ تَتِمُّ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ الأَصْغَرِ؟ وَمِنَ الْحَدَثِ الأَكْبَرِ؟
(6) مَا هِيَ فُرُوضُ الْغُسْلِ؟
(7) مَتَى يَجِبُ حَلُّ الْضَّفَائِرِ؟
(8) اذْكُرْ بَعْضَ سُنَنِ الْغُسْلِ.
(9) مَا هِيَ الاِغْتِسَالاتُ الْمَسْنُونَةُ؟ اذْكُرْ بَعْضَهَا
الدَّرْسُ السَّابِعُ
مَوَاقِيتُ الصَّلاةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ [سُورَةَ النِّسَاء/103] الصَّلاَةُ هِىَ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ بَعْدَ الإِيْمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَيْهَا وَيَتَعَلَّمَ كَيْفَ يَدْخُلُ وَقْتُ كُلٍّ مِنْهَا وَكَيْفَ يَخْرُجُ. وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَعَ أَوْقَاتِهَا هِىَ:
(1) صَلاةُ الظُّهْرِ: وَيَبْدَأُ وَقْتُهَا مِنْ مَيْلِ الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ، وَيَنْتَهِى إِذَا صَارَ ظِلُّ الشَّىْءِ مِثْلَهُ زِيَادَةً عَلَى ظِلِّ الاِسْتِوَاءِ. وَالْمَقْصُودُ بِالشَّىْءِ مَا كَانَ كَالْوَتَدِ الْمَغْرُوسِ بِشَكْلٍ مُسْتَقِيمٍ فِي الأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ، وظِلُّ الاِسْتِوَاءِ هُوَ ظِلُّ الشَّىْءِ عِنْدَمَا تَكُونُ الشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ فَإِذَا وَقَفَ شَخْصٌ فِي مَكَانٍ مُشْمِسٍ، وَالشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ يُلاحَظُ أَنَّ لَهُ ظِلاًّ فَهَذَا الظِلُّ هُوَ ظِلُّ الاِسْتِوَاءِ ، فإِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ يُلاحَظُ أَنَّ ظِلَّهُ يَطُولُ وَيتَحَوَّلُ إِلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَهَذِهِ عَلامَةٌ عَلَى دُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ.
(2) صَلاةُ الْعَصْرِ: وَيَبْدَأُ وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَيَنْتَهِي إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا صَارَ طُولُ ظِلِّ الشَّىْءِ مِثْلَهُ زِيَادَةً عَلَى ظِلِّ الاِسْتِوَاءِ يَكُونُ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَانْتَهَى وَقْتُ الظُّهْرِ.
(3) صَلاةُ الْمَغْرِبِ: وَيَبْدَأُ وَقْتُهَا مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَيْ مَغِيبِ قُرْصِ الشَّمْسِ كُلِّهِ، وَيَنْتَهِي بِمَغِيبِ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ، وَالشَّفَقُ الأَحْمَرُ هُوَ الاِحْمِرَارُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي جِهَةِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ.
(4) صَلاةُ الْعِشَاءِ: وَيَبْدَأُ وَقْتُهَا بِمَغِيبِ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ وَيَنْتَهِي بِطُلُوعِ الْفَجْرِ.
(5) صَلاةُ الصُّبْحِ: وَيَبْدَأُ وَقْتُهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَهُوَ بَيَاضٌ يَظْهَرُ مُعْتَرِضًا فِي الأُفُقِ الشَّرْقِىِّ، وَيَنْتَهِى بِطُلُوعِ الشَّمْسِ.
فَتَجِبُ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ فِي أَوْقَاتِهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ طَاهِرٍ، وَمَعْنَى “طَاهِرٍ” الْمَرْأَةُ الطَّاهِرُ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. فَلا يَجُوزُ تَقْدِيْمُ الصَّلاةِ عَلَى وَقْتِهَا أَوْ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِىٍّ كَالْمَرَضِ الشَّدِيدِ وَالسَّفَرِ بِشُرُوطِهِ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) اذْكُرْ ءَايَةً تَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّةِ الصَّلاةِ.
(2) مَا هُوَ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ بَعْدَ الإِيْمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟
(3) كَمْ صَلاةً فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ؟
(4) كَيْفَ يَبْدَأُ وَقْتُ الظُّهْرِ؟ وَكَيْفَ يَنْتَهِى؟
(5) مَا هُوَ ظِلُّ الاِسْتِوَاءِ؟
(6) كَيْفَ يَبْدَأُ وَقْتُ الْعَصْرِ؟ وَكَيْفَ يَنْتَهِى؟
(7) كَيْفَ يَبْدَأُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ؟ وَكَيْفَ يَنْتَهِى؟
(8) مَا هُوَ الشَّفَقُ الأَحْمَرُ؟
(9) كَيْفَ يَبْدَأُ وَقْتُ الْعِشَاءِ؟ وَكَيْفَ يَنْتَهِى؟
(10) كَيْفَ يَبْدَأُ وَقْتُ الصُّبْحِ؟ وَكَيْفَ يَنْتَهِى؟
(11) مَا هُوَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ؟
(12) عَلَى مَنْ تَجِبُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ؟ وَمَا مَعْنَى طَاهِرٍ؟
(13) مَتَى يَجُوزُ تَقْدِيْمُ الصَّلاةِ عَلَى وَقْتِهَا أَوْ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ؟ أَعْطِ مَثَلاً؟