إِنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا ومن سَيِّئاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِىَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلٰـهَ إِلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ولا مَثيلَ لَهُ وَلا ضِدَّ ولا نِدَّ له، هُوَ اللهُ الواحِدُ الأَحَدُ الفَردُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد.

وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وقُرَّةَ أَعْيُنِنا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ وصفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً للْعالَمِين، بَلَّغَ الرّسالةَ وَأَدَّى الأَمانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ فَجَزَاهُ اللهُ عنَّا خَيْرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيائِه. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبارِكْ على سَيّدِنا محمدٍ وَعَلَى جَمِيعِ إِخْوانِهِ النَّبِيِّين.

أَمّا بَعدُ عِبادَ الله، فَأُوصِيكُم وَنَفْسِى بتقوَى اللهِ العَلِيّ العَظِيم أَلا فاتَّقُوهُ وَخافُوه.

يَقُولُ اللهُ تعالى في كِتابِهِ العَزِيْزِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾. قالَ سَيِّدُنا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِى تَفْسِيرِ هذه الآيَةِ: “عَلِّمُوا أَنْفُسَكُم وَأَهْلِيكُمُ الخَير” اهـ [رواه الحاكِم فِى المستدرك والبيهقِىُّ فى شُعب الإيمان.] أَىْ عِلْمَ الدِّينِ، فَمِنَ الواجِبِ عَلَيْنا إِخْوَةَ الإِيمانِ أَنْ نَتَعَلَّمَ أَحْكَاْمَ دِينِنَا وَأَنْ نُعَلِّمَ أَوْلادَنا ما يَحْتاجُونَهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَبِعِلْمِ الدّينِ يَقِى الإِنْسانُ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَأَوْلادَهُ مِنْ عَذابِ اللهِ يَوْمَ القِيامَة. وقَد بَيَّنَ لَنا رَسُولُنا الكَرِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَهَمِّـيَةَ الدَّوْرِ الذِى يَنبَغِى أَنْ تَقُومَ بِهِ الأُسْرَةُ وَأَنْ يَقُومَ بِهِ الْمُعَلِّمُ وَالْمُرَبِّى مَعَ الأَوْلادِ والمسئُولِيَّةَ الكَبيرَةَ الواقِعَةَ عَلَى الأهْلِ وَعَلى كُلّ مَنْ يَرْعَى طِفْلًا أَوْ أُسْرَةً أَوْ جَماعَةً، قالَ عَلَيْهِ الصلاةُ وَالسّلام: “كُلُّكُمْ رَاْعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” اهـ. [رَواهُ البُخارِيُّ فِى صَحيحِهِ.]

إِخْوَةَ الإِيمان، إِنَّ تَرْبِيَةَ الأَوْلادِ وَتَنْشِئَتَهُم تَنْشِئَةً إِسْلامِيَّةً صالِحَةً مِنْ أَهَمِّ وَأَعْظَمِ الأُمُورِ التِى أَكَّدَ عَلَيْها وَحَثَّ عَلَيْها دِيْنُنَا الحَنِيْفُ لِيَكُونُوا أَفْرادًا صالِحِيْنَ مُصْلِحِينَ وناجِحِينَ فاعِلِينَ فِى مُجْتَمَعٍ سَلِيمٍ يَسُوْدُهُ العَدْلُ وَالتَّقَدُّمُ والازْدِهارُ وَالنَّجاحُ وَلا يَتِمُّ هذا الأَمْرُ إِلّا بِتَعْلِيْمِهِم تَعالِيمَ الإِسْلامِ وَعقائِدَهُ وَأَحْكامَهُ وَأَخْلاقَهُ وَآدابَهُ. فَالوَلَدُ أَمانَةٌ عِندَ والِدَيْهِ، فالإِنْسانُ إِذا أَرادَ أَنْ يُرَبِّيَ وَلَدَهُ يُرَبِّيْهِ عَلَى مَكارِمِ الأَخْلاقِ وَيُعَوِّدُهُ الصِّدْقَ فِى الحَدِيثِ وَيَنْهاهُ عَنِ الكَذِبِ، يُعَوِّدُهُ حِفْظَ اللِّسانِ وَيَنْهَاهُ عَنْ أَنْ يُلَوِّثَ لِسانَهُ بِالغِيبَةِ وَالنَّمِيْمَةِ وَالسَّبِّ وَاللَّعْنِ وَالخَوْضِ فِى أَعْراضِ المسْلِمِينَ. وَالوَلَدُ يَتَأَثَّرُ بِوالِدَيْهِ فَإِنْ رَأَى مِنْهُما خَيْرًا سارَ عَلَيْهِ وَأَحَبَّهُ وَإِنْ رَأَى مِنْهُما شَرًّا فَكَثِيرًا ما يَسِيرُ وَيَشِبُّ عَلَيْهِ حَتَّى يَصْعُبَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْفَكَّ عَنْهُ عِنْدَ الكِبَرِ. فَلذلِكَ يَنبَغِي أَنْ يُعَوَّدَ عَلَى مَكارِمِ الأَخْلاقِ وَأَحْسَنِ العَادَاتِ فِى قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ.

وَأَوْلَى ما يُقَدَّمُ للوَلَدِ تعليمُ العَقِيدَةِ الإِسْلامِيَّةِ وَما يَتَعَلَّقُ بِمَعْرِفَةِ اللهِ وَالرَّسُولِ، فَعَنْ جُنْدُبِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: “كُنّا مَعَ النبِىّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَنحْنُ فِتْيانٌ حَزاوِرَة -يَعْنِى قاربْنَا البُلُوغَ- فَتَعَلَّمْنَا الإيمانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ القُرءانَ ثُمَّ تَعَلَّمْنا القُرْءانَ فَازْدَدْنا بِهِ إِيمانًا” اهـ [رواه ابن ماجه فِى سُنَنِه.]  وَقالَ الإِمامُ الحافِظُ عبْدُ الرَّحمٰنِ بنُ الجَوْزِيّ: “أَوَّلُ ما يَنبَغِى تقدِيمُهُ مُقَدِّمَةٌ فِى العَقِيدَةِ تَشتَمِلُ عَلى الدّليلِ عَلى مَعرِفَةِ اللهِ سبحانَهُ وَيُذكَرُ فِيها ما لا بُدَّ مِنْهُ ثُمَّ يُعَرَّفُ الواجِباتِ ثُمَّ حِفْظَ القُرْءانِ ثُمَّ سَماعَ الحَدِيثِ” اهـ [قاله ابن الجوْزِيّ فِى كِتاب الحثّ على حفظ العلم. ] لِذٰلِكَ كانَ الْمُقَدَّمُ فِى التّربِيَةِ الإِسْلامِيّةِ التّركِيزَ على تَعلِيمِ العَقِيدَةِ وكانَتِ المساجِدُ هِىَ المدارِسَ الأُوْلَى لِتَعْلِيمِ العَقِيدَةِ وَالقُرْءانِ وَالحَدِيثِ وَلِتَعْلِيمِ الحلالِ والحرامِ وَلِتَعْلِيمِ الآدابِ وَالأَخْلاقِ ومثلُها الكتاتِيبُ وَالزوايا وما شابَهها مِنْ أَنْواعِ المدارِسِ التِى كانَت تُرَكّزُ فِى تَعْلِيمِهَا وَنِظامِهَا عَلى العَقِيدَةِ الإِسْلامِيَّةِ وَتُسَلّحُ المتَعَلّمِيْنَ بِسِلاحِ العِلْمِ ضِدَّ أَيِّ زَيْغٍ أَوِ انْحِرَافٍ.

وَمِنْ أَهَمِّ الأُمُورِ التِى أَرْشَدَنَا إِلَيْها نَبِيُّ الْهُدَى محمدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنْ نَأْمُرَ أَوْلادَنَا بِالصّلاةِ وَأَنْ نُعَلّمَهُم أَحْكامَها بَعْدَ تمَامِ سَبْعِ سِنينَ. قالَ تعالى ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ وَقالَ عَلَيْهِ الصّلاةُ وَالسّلام: “مُرُوا أَوْلادَكُم بِالصَّلاةِ وَهم أَبْناءُ سَبْعِ سِنِينَ ” اهـ [رواه أبو داود فى سننه.] فهذه العِبَادَةُ العَظِيمَةُ التِى هِيَ أَفْضَلُ الأَعْمالِ بَعْدَ الإِيمانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لا بُدَّ مِنْ تَعْوِيدِ الأَوْلادِ عَلَيْهِا مِنْ سِنّ مُبَكّرٍ إِذا حَصَلَ التَّمْيِيْزُ. فَإنْ لَم يستطِعْ وَلِىُّ الأَمرِ القِيامَ بِمُهِمَّةِ التَّعلِيمِ أَوْكَلَ ذٰلِكَ إِلَى عالِمٍ وَرِعٍ شَفِيْقٍ عَلَى أَمْرِ دِينِهِ فَيَقُومُ بتَعْلِيمِهِ أَحكامَ الدّينِ وَتأْدِيْبِهِ.

وَأَمّا بِالنسْبَةِ لِلعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ كَالرّياضِياتِ والعُلُومِ التّطبيقِيّة كالطّبّ والهندَسة وَالعُلُوم الْمِهَنِيَّةِ كَالنّجارَةِ وَالْحِدَادَةِ فَإِنَّ الإِسْلامَ أَمَرَ بِطَرِيقِ الوجوبِ الكِفائِىّ بتَعَلُّمِ هذه العُلُومِ ولٰكِنْ بِما أَنَّ عِلْمَ الدّينِ وَخاصَّةً عِلْمَ العَقِيدَةِ هُوَ أَفْضَلُ العُلُومِ وَأَوْلَى العُلُومِ تَحْصِيلًا وَهُوَ العِلْمُ الْمُنْجِى مِنْ عذابِ اللهِ تعالى فِى الآخِرَة، كانَ التّركِيزُ الأَكْبَرُ فِى التَّربِيَةِ الإِسْلامِيَّةِ عَلَيْهِ وَعَلَى العَمَلِ بِه. وَلَقَدْ قَسَّمَ العُلَمَاءُ تَحْصِيل العُلُوم إِلَى عَيْنِىٍّ وَكِفائِىّ فالفَرضُ العَيْنِىُّ هُوَ ما يَجِبُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُكَلَّفٍ بِعَيْنِهِ مَعْرِفَتُهُ كَعِلْمِ الحالِ أَىِ القَدْرِ الضَّرُورِىّ مِنْ عِلْمِ الدّينِ أَىْ مِنْ أُمُورِ العَقِيدَةِ كَتَنْزِيهِ اللهِ عَنِ المكانِ وَالشَّبِيهِ وَتَنْزِيهِ الأَنْبِياءِ عَمّا لا يَلِيقُ بِهِم وَمِنَ الأَحْكامِ كَالصّلاةِ وَالصِّيامِ وَالْمُعامَلاتِ وَأَمّا الفَرْضُ الكِفائِىُّ فَهُوَ الذِى إِذا قامَ بِهِ بَعْضُ المسلمِينَ سَقَطَ الفَرْضُ عَنِ البَعْضِ الآخَرِ فَلَيسَ فَرْضًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ بِعَيْنِهِ أَنْ يَكُونَ مُهَنْدِسًا أَوْ أَنْ يَكُونَ طَبيبًا بَلْ هُوَ فَرْضٌ عَلَى الكِفايَةِ. هذا مَعَ تَذكُّرِنا المشاهِيرَ مِنَ الأَطِبّاءِ وَالمهنْدِسين وَالرِّياضِيين وَنَحْوِهِم الذينَ ظَهَرُوا فِى الأُمَّةِ الإِسْلامِيَّةِ وَالذِينَ كانَ كَثِيرٌ مِنْهُم علماء فِى الشّرِيعَةِ أَيْضًا مِمّا يَدُلُّ على أَنَّ مَنْ تَعَلَّمَ دِينَ الإِسْلامِ وَتَعَمَّقَ فِى فَهْمِهِ لا يَضْعُفُ عَقْلُهُ وَلا يَقِفُ ذِهْنُهُ كَما يَزْعُمُ أَعْداءُ الدّينِ الحاقِدُون.

وَمِثْلُ هذه العُلُومُ التِى يتعلَّمُها التّلامِيذُ فِى المدارِسِ مِنْ مُعَلّمِينَ مُخْتَصّيْنَ ينبَغِى أَنْ تَكُونَ مُنْسَجِمَةً مَعَ العَقِيدَةِ الإِسْلامِيَّةِ لكِنَّ أَكْثَرَ المدارِسِ اليومَ لا تَقُومُ بِتَعْلِيمِ الأَوْلادِ أُمُورَ دِينِهِم وَلا تَقُومُ بِحِمايَتِهِم مِنَ الْمَفاسِدِ الموْجُودَةِ فِى كَثِيرٍ مِنَ الكُتُبِ التِى تُقَدَّمُ للطُّلّابِ بَل إِنَّ كَثِيرًا مِنَ المفاسِدِ يَتَلَقّاها التلمِيذُ فِى كُتُبٍ مملُوءَةٍ بالفَسادِ وَمِنْ مُعَلّمِينَ لَيْسُوا أَهْلًا للتّربيةِ فالْمُعَلّمُ عَلَيْهِ مَسئُولِيَّةٌ كَبيرَةٌ فِى تَعْلِيمِ الأَجْيالِ وَتَرْبِيَتِها فالمطلُوبُ مِنَ الأَهْلِ أَنْ يَنْتَبِهُوا فِى اخْتِيارِ المدارِسِ وَالمعلّمِينَ لأَوْلادِهِم. يَقُولُ مُفْتِى بيْرُوتَ الأَسْبَقُ الشّيخُ مُصْطَفَى نَجا رَحِمَهُ اللهُ: “وَالوَلَدُ قَبْلَ البُلُوغِ يَكُونُ عَلَى الفِطْرَةِ وَقلْبُهُ يَكُونُ خالِيًا مِنَ الشَّواغِلِ، فَمَهْما شَغَلْتَهُ بِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْهُ وَلا يَعودُ فِيهِ بَعدَ ذٰلِكَ مُتَّسَعٌ لِقَبُولِ غَيرِهِ كَالإِناءِ إِذا مُلِئَ بِشَىْءٍ لا يعودُ لشيءٍ آخَرَ مَحَلٌّ فِيهِ ، وَهُوَ كَالْمِرْآةِ تَتَرَاءَى فِيها صُورَةُ مُعَلِّمِهِ وَمُرَبِّيْهِ، فَإِنْ كانَ مُعَلِّمُهُ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالاسْتِقامَةِ نَشَأَ دَيّنًا مُسْتَقِيمًا وَإِنْ كانَ مُعَلِّمُهُ بِعَكْسِ ما وَصَفْناهُ، نَشَأَ فاسِدًا وَأَفْسَدَ أَمْرَ دِينِهِ وَدُنْياهُ وَكانَ بَلِيَّةً عَلَى نَفْسِهِ وَقَوْمِهِ” اهـ.

أَخِى المسلِم، سَواءٌ كُنْتَ أَبًا فِى بَيْتِكَ أَوْ مُعَلِّمًا فِى مَدْرَسَتِكَ فاحْرِصْ عَلَى انتِهاجِ المنْهَجِ القَوِيمِ وَالمسْلَكِ السَّلِيمِ فِى تَرْبِيَةِ الأَطْفالِ وَالتّلامِيذِ وَجَنِّبْهُمُ الانْحِرافَ عَنْ جَادَةِ الصَّوابِ وَالحَقّ. وَكُنْ مُلْتَزِمًا بِالدِّينِ حَتَّى يَشِبُّوا عَلَى الالْتِزامِ بِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِتعالِيْمِهِ.

أَقُولُ قَوْلِى هٰذا وأَستغْفِرُ اللهَ لِى ولكم.

< Previous Post

التحذيرُ من الكِبْرِ والفَخْرِ

Next Post >

بعضُ أحوالِ يومِ القيامة

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map