مِمَّا يَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ (السَّارِقُ مِنَ السَّارِقِ كَالْوَارِثِ مِنْ أَبِيهِ) فَإِنَّ هَذِهِ كَلِمَةٌ فَاسِدَةٌ مُعَارِضَةٌ لِلدِّينِ وَهِيَ مِثْلُ قَوْلِ بعضهم في مقال له، حَيْثُ قال (الْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَنَّ الْحَرَامَ لا يَنْتَقِلُ إِلى ذِمَّتَيْنِ). اهـ
أَفْتَى بِذَلِكَ لِشَابٍّ يَعْلَمُ أَنَّ مَالَ أَخِيهِ حَرَامٌ، فبزعمه أن المال الحرام إن انتقل إلى شخص ثان فأكثر صار حلالًا ولو مع علم الأشخاص بمصدره الحرام وهذا ظاهر البطلان، وَهَذِهِ فَتْوَى لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهَا أَحَدٌ، أَحَلَّ فيهَا مَا حَرَّمَ اللهُ وَأَبَاحَ أَكْلَ الْمَالِ الْحَرَام.
وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الوَهَّابِ الشَّعْرَانِيُّ في كِتَابِ الْمِنَنِ “وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْحَرَامَ لا يَتَعَدَّى ذِمَّتَيْنِ سَأَلْتُ عَنْهُ الشّهَابَ بْنَ الشَّلَبِي فَقَالَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ أَمَّا مَنْ رَأى الْمَكَّاسَ يَأخُذُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمَكْسِ ثُمَّ يُعْطِيهِ ءاخَرَ ثُمَّ يَأخُذُهُ مِنْ ذَلِكَ ءاخَرُ فَهُوَ حَرَامٌ”. يَقُولُ ابنُ عَابِدينَ الْحَنَفيُّ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ “الْحَرَامُ يَنْتَقِلُ” مَا نَصُّهُ “أَيْ تَنْتَقِلُ حُرْمَتُهُ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الأَيْدِي وَتَبَدَّلَتِ الأَمْلاكُ” اهـ. مِنْ كِتَابِ رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ 4/130.