الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد طه الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ضِد ولا نِد ولا زَوجة ولا ولد له، وأشهد أنّ سيدنا ونبيّنا وعظيمنا وقائدنا وقُرة أعيننا محمّدًا عبدُه ورسوله ونبيّه وصفيُه وحبيبه وخليله، صلى الله عليه وعلى كل رسولٍ أرسله، أما بعدُ عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن، ألا فاتقوه وخافوه، يقول الله سبحانه وتعالى في القرءان الكريم :{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران:59]، ويقول ربنا سبحانه وتعالى إخبارًا عن نبيه وعن عبده الكريم عيسى المسيح عليه الصلاة والسلام {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} [مريم:32]،  وربنا يقول في القرءان الكريم {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} [المائدة:75].  

           فهذه الآيات تُبينُ أن عيسى عليه الصلاة والسلام خلقه الله عز وجل من أم دون أب، واللهُ على كل شىء قدير، الله لا يعجزهُ شىء، هو الذي خلق آدم من غير أُم ولا أب، وهو الذي خلق الملائكةَ من نور، وخلق الجِنّ من مارجٍ من نار، وهو الذي رفع السماوات بغير عمد، وهو الذي بسطَ الأرض ونصب الجبال، ربنا لا يُعجزهُ شىء، فهو قادر على ما يشاء، ربُنا سبحانه خلق المسيح من أم دون أب، واسمعوا ما قال الله عن يحيى عليه الصلاة والسلام {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ} [مريم:14]، له أم وأب، وأما المسيح فقال [وَبَرًّا بِوَالِدَتِي] لأنه عليه الصلاة والسلام ليس له أب. الله جعل في ولادة عيسى العجائب وأظهر فيها الغرائب، وهذا دليلٌ عظيمٌ على كمال قدرة الله، هذا دليل عظيم على كمال قدرة الله، والله سبحانه أيّدَ عيسى عليه الصلاة والسلام بالمعجزات، وأظهر على يديّه الخوارق، قال الله إخبارًا عنه في القرءان {وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ} [آل عمران:49]، الله أعطاه ذلك، ليس خلقًا يخلقه المسيح عيسى، لا، فعيسى عبد الله، وعيسى نبي الله، وعيسى رسول الله، وعيسى هو يعبد الله، وعيسى أمر بعبادة الله، ودعا إلى توحيد الله، ودعا إلى اتباع الإسلام، قال الله عزّ وجلّ في القرءان الكريم {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة:72] هذه دعوة المسيح عليه الصلاة والسلام، ورفعه الله إلى السماء معجزةً له عليه السلام، وكان ذلك في حياته مستيقظًا ليس ميتًا ولا نائمًا، فالمسيح لم يَمُتْ، والمسيح لم يُقتل لأن الله قال {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء:157] فالمسيح رُفع إلى السماء،كان مستيقظًا ليس نائمًا، وهو في حياته بعدُ لم يَمُتْ، وسينزل إلى الأرض ويدعُ إلى عبادة الله كما أخبر الله في سورة الزخرف {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [الزُّخرف:61] نزوله من السماء إلى الأرض من علامات الساعة الكبرى.

            اتهموا السيدة مريم بالفاحشة لكن الله براءها والله تعالى أظهر على يديها الكرامات، وأظهر على يديها الخوارق وكانت رضي الله عنها مؤمنةً مسلمةُ تعبدُ الله على دين الإسلام.

        أيها الأحبة، فتشويش المشوشين، الظالمين، الحاقدين، الحاسدين، الجبابرة، اللُئَماء. هكذا كان على الأنبياء والأولياء ليس على عيسى وحده عليه السلام، تتبعوهُ لقتلهِ فسلّمهُ الله ونجّاهُ وحِفظه، ورفعهُ إلى السماء، معجزةً للمسيح، وهكذا ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً الأنبياءْ ثُمَ الأمْثَلْ فالأَمْثَل يُبْتَلَى الرَجُلُ على حَسَبِ دينِه” فهذا إبراهيم ماذا حصل له من قومه وفي بلده العراق، ألقَوْهُ في النار ولكن الله سلَّمهُ وحفظهُ. ماذا حصل لنوح كان يُضرب حتى يُغْمَى عليه، ماذا حصل لموسى من بني إسرائيل، وماذا حصل ليحيى الذي ذبح ذبحًا بالسكين، والذي نُشِرَ والدهُ النبي زكريا عليه السلام بالمنشار ” أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً الأنبياءْ ثُمَ الأمْثَلْ فالأَمْثَل “ هذه سُنةُ الله في الدعاةِ لدينه، فلو راجعنا وذاكرنا سير الأنبياء والأولياء، نجد هذا.

          فهذا عمرُ بن الخطاب أميرُ المؤمنين رضي الله عنه يُقتل قتلاً، وهذا عثمان بن عفان صِهرُ النبّي محمد زوج ابنتيه ( تزوج الثانية بعدما ماتت الأولى) والذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ” لَوْ كانَ عِنْدنا ثالِثة لزوجناها عثمان “ عثمانُ يُقتلُ قتلاً أيضًا، وهكذا أمير المؤمنين عليّ بابُ مدينة العلم رضي الله عنه وأرضاه وخَتَنُ النبيّ على ابنتهِ الزهراء الطاهرةُ البتول، يُقْتَلُ وهو خارجٌ لصلاةِ الفجر على يدِ الخوارجِ لعنهُمُ الله، وهكذا أيها الأحبة، هذا ابنُ الزبير ماذا فُعِلَ به ؟ وهذا الحسن الذي قُتِلَ مسمومًا، وهذا الحسين الذي قُتِلَ في كربلاء وحصلَ في يوم مقتَلِهِ العجائب، والحسن والحسين رضي الله عنهما سيدا شبابِ أهلِ الجنة كما قال الرسول فيهما ذلك، وقال فيهما ” اللهم إني أحبُ حسنًا وحسينًا فأحِبَّ  من يُحِبُهُما “ الرسولُ يدعو للمسلم للمؤمن الذي يحبُ الحسنَ والحسين أن يُحبَهُ الله، وقال فيهما صلى الله عليه وسلم: ” هما رَيْحانَتايَ من الدنيا ‘ وقال ” فَمَنْ أَحَبَهُما فَبِحُبِّي أَحَبَهُمَا “.

        قتل الحسينُ رضي الله عنه وأرضاه في كربلاء على يدِ طُغْمَةٍ من الظَلمةِ الفاسقين، الفاجرين.

         إذا كان ورد في الحديث “أَنَّ مَنْ سَرَقَ بَيْضَةً فَهُوَ مَلْعُون” وماذا تكون الدنيا بأسرها أمام الحسين ؟ إن كان من سرق بيضة هو ملعون فكيف بمن قَتل الحسين؟ والرسول يقول ” لَعَنَ اللهُ  النَامِصَةَ والمُتَنَمِصَة ” إذا كانت هذه ملعونة فكيف بمن قتل الحسين؟ وكيف بمن أمر بِقتله أو شَجَّع ؟ ورد في الحديث الذي رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” سِتَةٌ لَعَنْتَهُم وَلَعَنَهُمُ الله وَلَعَنَهُمْ كُلُ نَبِّيٍ مُجَاب..” وَعَدَّ فيهم “المستحِّل من عترتي ماحرم الله” عِتْرَةُ النبيّ من هم؟ هم أهل بيته فاطمة وعليّ والحسن والحسين ومن كان في معناهم، هؤلاء عِتْرَةُ النبيّ، هؤلاء أهلُ بيتِ النبيّ الذين مدحهمُ الله في القرءان بل قال العلماء: إنَّ الذي يُبْغِضُ أهل البيتِ لقرابتهم من رسول الله هذا كافر، لماذا ؟ لأنه أبغضهم لقرابتهم من رسول الله يعني بُغْضًا بهذا النسب، بغضًا بقرابتهم من رسول الله، هذا كافر ليس بمسلم.

         أيها الأحبة، إن هؤلاء الذين قتلوا الحسين ليسوا من عِباد الله المتقين، ولا نُحبهم، ولا نغار عليهم، بل هم  فَسقة فَجرة.

            فقد روى الإمام أحمد عن ثابت عن أنس قال: استأذن ملك المطر أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له فقال لأم سلمة: احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد، فجاء الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما فوثب حتى دخل فجعل يصعد على منكب النبي صلى الله عليه وسلم فقال له الملك أتحبه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، قال: فإن أمتك تقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، قال فضرب بيده فأراه ترابا أحمر فأخذت أم سلمة ذلك التراب فصرته في طرف ثوبها. قال ثابت: فكنا نسمع يقتل بكربلاء. ورواه أبو يعلى والبزار والطبراني.

          الحسين خرج لنصرة الحق والدفاع عن الدين، خرج لمواجهة الباطل والمنكر، الحسين ماكان منتحرًا، الحسين رضي الله عنه عَمِلَ بحديث رسول الله “ أَفْضَلُ الجِهاد كَلِمَةُ حَقٍ عِنْدَ سَلطانٍ جائِر “. رواه أحمد في مسنده والترمذي والحاكم في المستدرك والبيهقي.

          ماذا حصل في يوم مقتل الحسين؟ لما قتل الحسين في كربلاء، وقد وصلها رضي الله عنه فقال: ما اسم هذه الأرض ؟ قيل له :كربلاء، فشمَّها وقال: بل كربٌ وَبَلاء.

           وفي تلك المعركة التي ارتكب الخُبثاء فيها من الفواحش والمنكرات العجائب، تصوروا، منعوه أن يستقي قطرة ماء من النهر، لأولاده، لطفله الرضيع، للصبيان، للبنات، للنساء، هؤلاء ذرية النبيّ، هؤلاء أحبابُ الله، أحباب الرسول، هؤلاء أولاد النبيّ، أولاد بنته الطاهرة، منعوا من أن يشربوا الماء، مُنِعَ الحسينُ من أن يَسْتَقِيَ لهم ولو قطرة، وهو الذي نبع الماءُ من بين أصابع جدهِ المصطفى صلى الله عليه وسلم، مثَّلوا به، حزّوا رأسه الشريف المبارك، قتلوا طفله الرضيع بين يديه بسهمٍ أصابوه في حلقِه، نعم ماذا حصل؟ خرجت السيدة زينب، زينبُ أخت الحسن والحسين، زينبُ البطلة التي ثبتت وصمدت في الدفاع عن الحق ماذا رأت؟ رأت هذا الطيب القائد الولي الصالح حبيب الله الحسين حبيب فاطمة وعليّ هذا الولي الصالح مُقَطّع الأعضاء، جسدا بلا رأس، وقد وطأته الخيل، وطأت صدره الشريف، وهو الذي كان يضمُهُ النبيّ إليه ويقبله من شفتيه، رأت هذا المنظر الذي يُقَطِّع القلب ويُبكي القلب قبل العين صرخت زينب نادت مستغيثة بجدها الرسول قالت: يامحمداه يامحمداه صلى عليك ملائكة السماء وهذا الحسينُ مُقَطَعُ الأعضاء، وهذا الحسينُ مُقطع الأعضاء، مرملٌ في الدماء، وبناتك سبايا تسفي عليها الصبا، وذريتُك مُقتَّلة، يامحمداه.اهـ  فأبكت كل صديق وعدو، هذه السيدة زينب رضي الله عنها ونفعنا ببركاتها وببركات أخيها الحسين رضي الله عنهم، فهم أحباب الله .

 لقد جَمَعُوا في ظُلْمِ الحسين مالم يَجْمَعُهُ أحد           وَمَنَعُوهُ أَنْ يَرِدَ الماءَ فيمَن وَرَد

 وَأَنْ يَرْحَلَ عَنْهُمْ إلى بَلَدْ                           وَسَبَوْا أَهْلَهُ وُقَتَلوا الوَلَدْ

          نبع الماءُ من بين أصابع جده المصطفى فما سقوه من الماء قطرة، وما كان ذلك منهم إلا عن حسد، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم من حُبِهِ للحسين يُقَبِلُ شَفتَيه ويَحْمِلُهُ على عاتِقَيْهِ، ولمــا مشى طفْلاً بين يديّ المِنبر نَزل الرسولُ إليه، فلو رَآهُ مُلقىً على أحدِ جانبَيْهِ والسيوفُ تأخذهُ والأعداءُ حواليه والخيلُ قد وَطِأتْ صَدَرَهُ وَمَشَتْ على يَديّه ودِماؤهُ تجري بعد دُموعِ عينيه لضجَّ الرسولُ مُستغيثًا من ذلك ولعزَّ عليه.

ماذا يفعلُ هؤلاءِ الظلمة الذين أمرهم خطير وشأنهم عجيب

لابُدَّ أن تَرِدَ القيامَةَ فاطِمٌ    وَقَميصُهَا بِدَمِ الحُسينِ مُلَطَخُ.

ويلٌ لمن شفعاؤُهُ خُصماؤُهُ       والصورُ في يومِ القيامةِ يُنْفَخُ.

         قال صلى الله عليه وسلم ” أَشَدُ النَّاسِ بَلاَءً الأنبياء ثم الأَمْثَلُ فالأمثل “ وأما الذين اشتركوا في مقتل الحسين، روى البخاري في صحيحه أن الله تعالى قال في الحديث القدسي ( مَنْ عادَ لي وَليًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرب ) فكيف بالحسين ؟ الذين اشتركوا في مَقْتَلِهِ عجَّلَ الله عليهم العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، فمنهم من انتفخ بَطْنُه حتى صار كالبعير، وما  كان يَرتوي من الماء، وآخر يشربُ الماء البارد، من الداخل كأن النار تأكلهُ ومن الخارج كأن جسده قطعة ثلج، وآخر قال أنا اشتركتُ في مقتل الحسين فما أصابني شىء، صعق فمات، وآخر اسودَ وجهه في الدنيا قبل الآخرة، وآخر قام إلى سراجه يُصْلِحُهُ فعلقت بثيابه النار احترق فمات. كان عند ضفة النهر ينزل في النهر، فإذا عمَّ الماءُ جَسَدَهُ لم تظهرَ النَّار فإذا خرج من الماء اشتعلت به النار، وكانوا في ذلك اليوم إذا قَلَبُوا حَجَرًا من مكانه وجدوا دمًا غليظَا تحته.

          وقال أبان: قُتل الحسين فَمُطِرْنا مطراً بقي أثرُهُ في ثيابنا كالدماء، احمرت السماء، وظهرت النجوم في النهار، الحسين بكتْ عليه السماء والأرض، أي بكاه أهل السماء وأهل الأرض، نعم عجَّلَ الله لهم العقوبة في الدنيا قبل الآخرة .

         فاثبتوا على حبِّ الحسين، وعلى نهجِ الحسين، وعلى عقيدة عليّ والحسن والحسين، على عقيدة أبي بكر وعمر وعثمان عائشة وفاطمة،  اسمعوا:

         قال سيدُنا عليّ رضي الله عنه:  ( كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان )،  وقال: ( إن الله خلق العرش إظهارًا لقدرته ولم يتخذه مكانًا لذاته )، وقال ولده الحُسين: ( الله لا يُعرَفُ بالحواس ولا يقاسُ بالناس نُوَحِّدُهُ ولا نُبَعِضُهُ ) يعني الله ليس جسمًا فلا يتجزأ ولا يتبعض. وقال زينُ العابدين بنُ الحسين بن علي بن أبي طالب: ( لا إله إلا أنت سبحانك لا يحويك مكان ولا تَمَسُّ ولا تُجَسُّ ولا تُحَس) هذا معنى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشُّورى:11]، وقال جعفرٌ الصادق: ( من زعم أن الله في شىء أو على شىء أو من شى فقد أشرك إذ لو كان في شىء لكان محصورًا، ولو كان على شىء لكان محمولاً ولو كان من شىء لكان محدثًا) أي مخلوقًا.

      هذه عقيدتهم كانوا مع الصحابة متحابين في الله، لذلك قال سيدنا عليّ : أرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله فيهم {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الحجر:47] كانوا إخوانًا متحابين، وقال سيدنا عمر: نعوذ بالله من معضلةٍ ليس لها أبو حسن، وعليّ زوج ابنته من عمر، وصلى خلف الصديق.

        أيها الأحبة، اثبتوا على حبهم ونهجهم، تعلموا الصبر منهم ومن دروسهم، قال صلى الله عليه وسلم: ” أَشَدُ النَّاسِ بَلاَءً الأنبياء ثم الأَمْثَلُ فالأَمْثَلْ يُبْتَلَى الرَجُلُ على حَسَبِ دينَهَ”.

هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم فيا فوزَ المستغفرين.

فائدة:

          روى الحافظ ابن الجوزي في كتابه التبصرة: إنما رحل الحسين إلى القوم، لأنه رأى الشريعة قد رفضت، فجد في رفع قواعد أصلها الجد، فلما حضروه حصروه، فقال: دعوني أرجع، فقالوا:” لا، انزل على حكم ابن زياد”، فاختار القتل على الذل وهكذا النفوس الأبية، عن هلال بن ذكوان قال: لما قتل الحسين مطرنا مطرا بقي أثره في ثيابنا مثل الدم”اهـ. عن محمد بن سيرين قال: لم تر هذه الحمرة في السماء حتى قتل الحسين”اهـ. وروينا في حديث أنه حفظ من قول الجن:

مسح النبي جبينه       فله بريق في الخدود

أبواه من عليا قريش    وجده خير الجدود

وروينا أن صخرة وجدت قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثمائة سنة، وعليها مكتوب باليونانية:

أيرجو معشر قتلوا حسينا             شفاعة جده يوم الحساب

ويح قاتل الحسين كيف حاله مع أبويه وجده

لا بد أن ترد القيامة فاطم            وقميصها بدم الحسين ملطخ

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه             والصور في يوم القيامة ينفخ

        قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء:33]، لقد جمعوا في ظلم الحسين ما لم يجمعه أحد، ومنعوه أن يرد الماء فيمن ورد، وأن يرحل عنهم إلى بلد، وسبوا أهله وقتلوا الولد، وما هذا حد، دفع عن الولاية هذا سوء معتقد، نبع الماء من بين أصابع جده، فما سقوه منه قطرة، كان الرسول صلى الله عليه وسلم من حب الحسين يقبل شفتيه، ويحمله كثيرا على عاتقيه، ولما مشى طفلا بين يدي المنبر نزل إليه، فلو رآه ملقى على أحد جانبيه، والسيوف تأخذه والأعداء حواليه، والخيل قد وطئت صدره ومشت على يديه، ودماؤه تجري بعد دموع عينيه لضج الرسول صلى الله عليه وسلم مستغيثا من ذلك ولعز عليه.اهـ

< Previous Post

خطبة الجمعة | الجنة دار السلام

Next Post >

خطبة الجمعة | تفسير سورة العصر

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map