إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له، الذي أنزل على قلب نبيه وحبيبه محمّد:

[لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا القُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ] {الحشر:21}

وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمّدًا عبد الله ورسوله وصفيه وحبيبه، يا حبيبي وقرة عيني وحبّ روحي وفؤادي يا محمّد .

يا حبيبي في محياك تباشير السلام     وفؤادي لك غنى ألحان الغرام

أنت حب الله يا مولاي في الأنام     بحماكم يا حبيبي أنا صبّ مستهام

الصلاة والسلام عليك سيدي يا رسول لله يا علم الهدى يا أبا القاسم يا أبا الزهراء يا محمد، يا محمد ضاقت حيلتنا وأنت وسيلتنا أدركنا يا رسول الله، أدركنا بإذن الله. أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليِّ القدير القائل في محكم كتابه :

[قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ] المؤمنون /1 و2

والخشوع إخوة الإيمان عمل قلبي يتوصل إليه بالأسباب على حسب مشيئة الله.

ومن هذه الأسباب الإكثار من ذكر الموت، الإكثار من ذكر هاذم اللذات. وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أكثروا ذكر هاذِمِ اللذات الموت” .أي قاطع اللذّات .

إخوة الإيمان من أسباب الخشوع الإكثار من ذكر الموت لا سيما عند الدخول في الصلاة يقول في نفسه: “لعل هذه الصلاة ءاخر صلاتي” أي لعلي لا أعيش بعدها فيصير في قلبه خوف من الله. فاخشع لله أخي المسلم عند قولك الله اكبر، الله أكبر كبير قدرًا وعظمة لا حجمًا لأن الله منَزّه عن الحجم، فاخشع لله أخي المسلم عند قراءة الفاتحة وتفكّر في معاني هذه الآيات القرءانية العظيمة.

تفكّر في معنى قوله تعالى: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين /الفاتحة /2و3و4

هو الله مالك الدنيا والآخرة إنما أفهمنا في هذه الآية عظم ذلك اليوم.

فاحرص أخي المسلم أن لا تكون من هؤلاء الذين إذا دخلوا في الصلاة تشغلهم أموالهم وأولادهم وأزواجهم وأعمالهم الدنيوية عن الخشوع في الصلاة، ولا تكن كأولئك الذين يقولون في أنفسهم “متى ينتهي الإمام؟” لمجرّد التسريع في الصلاة ، ولا كأولئك الذين يسرعون في صلاتهم وينقرون كنقر الديك . بعض الأولاد في صلاتهم يتفكّرون باللعب، اللعب بالدراجة أو بالكرة أو نحو ذلك ولا يخشعون في صلاتهم لله سبحانه وتعالى ، فاللعب يكون همّهم الأول ولا يتفكّرون في معاني الكلمات التي تطمئنّ القلوب بذكرها. وإياك أن تكون كأولئك الذين يشغلهم خِنْزب وهو شيطان يوسوس للمصلي أثناء صلاته محاولاً إلهاءه. ولا تنشغل أخي المصلي بمشاكل الدنيا والهموم أثناء صلاتك ولا بالجاه ولا بالصيت ولا بالسمعة، واترك أمور بيتك وسيارتك ومكانك وثيابك واخشع في صلاتك أثناء ركوعك وأثناء سجودك وأثناء قيامك.

اخشع لله أخي المسلم في صلاتك وتذكر النبي صلى الله عليه وسلم الذي قام يومًا للصلاة فقام فبكى وركع وبكى وسجد وبكى، قام فبكى وركع وبكى وسجد وبكىحتى ابتلّ التراب الذي بمحاذاته صلى الله عليه وسلم. وتذكّر عليّ بن الحسين الذي لُقِّب بالسجّاد لكثرة سجوده الذي كان يصلي في الليلة الواحدة ألفي ركعة من السنن واشتعلت النار يومًا في بيته وهو يصلي فصاروا ينادونه يا علي النار النار فلما فرغ من الصلاة قال لهم شغلت عن ناركم بنار الآخرة . شغلت عن ناركم بنار جهنّم

[قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ] المؤمنون /1 و2

والخشوع هو استشعار الخوف من الله عز وجل أو استشعار محبته وتعظيمه . تفكّر في قولك سبحان ربي الأعلى أنزه ربي الأعلى أي الذي هو أعلى من كل عليّ أي علوّ قدر لا علوّ حيز لأن الشأن في علوّ القدر ليس في علوّ الحيز والمكان، لأنّ الله موجود بلا مكان .

والدليل على ذلك إخوة الإيمان أن حملة العرش والحافين حوله من الملائكة مكانهم أرفع مكان ومع ذلك فليسوا هم أفضل من الأنبياء الذين هم في حيز ومكان دون ذلك بمسافة كبيرة بل الأنبياء وإن كان مستقرهم الأرض أعلى قدرًا عند الله من أولئك الملائكة.

عباد الله، إن من الحجارة لما يشقق من خشية الله فكيف قلوب أهل التقوى ؟ إذا الجحارة، إذا الصخور من خشية الله تفتتت فكيف قلوب أهل التقوى ؟ إذا كانت الخشبة حنّت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحسن البصري يقول: “يا معشر المسلمين الخشبة تحنّ إلى رسول الله شوقًا إليه أفليس الرجال الذين يرجون لقاءه أحقَّ أن يشتاقوا إليه؟”  و الحجارة تخشع لله سبحانه وتعالى، أحد الأولياء وقف على صخرة واراد أن يؤذن فقال الله أكبر الله أكبر .. إلى أن وصل إلى قوله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أنّ محمدًا رسول الله فانفلقت الصخرة من تحته.

فاخشع أخي المسلم واثبت على طاعة الله، فالله شكور عليم بعباده. فلقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب الرقة والبكاء أن ورّاد العجلي لما مات فحمل إلى حفرته نزلوا ليدفنوه في حفرته فإذا اللحد مفروش بالريحان فأخذ بعضهم من ذلك الريحان فمكث الريحان سبعين يومًا طريًا لا يتغير ، يغدو الناس ويروحون ينظرون إليه فأكثر الناس في ذلك فأخذه الأمير وفرق الناس خشية الفتنة ثم افتقده الأمير من منْزله لا يدري كيف ذهب .

اللهم ارزقنا الخشوع في الصلاة وارزقنا التقى والنقى والعفاف والغنى يا ربّ العالمين .

هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

 

 

< Previous Post

خطبة الجمعة | التـوبــة إلى الله

Next Post >

” \u062d\u064e\u0627\u0631\u0650\u0628\u064f\u0648\u0627 \u0627\u0644\u0634\u0651\u064e\u064a\u0652\u0637\u064e\u0627\u0646\u064e \u0628\u0650\u0628\u064e\u0639\u0652\u0636\u0650\u0643\u064f\u0645 “

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map