آل البيت

ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرحه حديث البخاري: قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلّي عَلَيْكَ قَالَ فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ: « قيل أصل ” آل ” أهل قلبت الهاء همزة ثم سهلت ولهذا إذا صغر رد إلى الأصل فقالوا أهيل، وقيل بل أصله أول من آل إذا رجع، سمي بذلك من يئول إلى الشخص ويضاف إليه، ويقويه أنه لا يضاف إلا إلى معظم فيقال آل القاضي ولا يقال آل الحجام بخلاف أهل، ولا يضاف آل أيضا غالبا إلى غير العاقل ولا إلى المضمر عند الأكثر، وجوزه بعضهم بقلة، وقد ثبت في شعر عبد المطلب في قوله في قصة أصحاب الفيل من أبيات ” وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك”. وقد يطلق آل فلان على نفسه وعليه وعلى من يضاف إليه جميعا وضابطه أنه إذا قيل فعل آل فلان كذا دخل هو فيهم إلا بقرينة، ومن شواهده قوله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: “إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة“، وإن ذكرا معا فلا، وهو كالفقير والمسكين، وكذا الإيمان والإسلام والفسوق والعصيان»اهـ.

ثم قال الحافظ ابن حجر: «واختلف في المراد بآل محمد في هذا الحديث، فالراجح أنهم من حرمت عليهم الصدقة، وقد تقدم بيان الاختلاف في ذلك واضحا في كتاب الزكاة، وهذا نص عليه الشافعي واختاره الجمهور، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي « إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة » وقد تقدم في البيوع من حديث أبي هريرة، ولمسلم من حديث عبد المطلب بن ربيعة في أثناء حديث مرفوع « إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد » وقال أحمد: المراد بآل محمد في حديث التشهد أهل بيته، وعلى هذا فهل يجوز أن يقال أهل عوض آل؟ روايتان عندهم.  وقيل المراد بآل محمد أزواجه وذريته لأن أكثر طرق هذا الحديث جاء بلفظ « وآل محمد » وجاء في حديث أبي حميد موضعه « وأزواجه وذريته » فدل على أن المراد بالآل الأزواج والذرية، وتعقب بأنه ثبت الجمع بين الثلاثة كما في حديث أبي هريرة، فيحمل على أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ غيره فالمراد بالآل في التشهد الأزواج ومن حرمت عليهم الصدقة ويدخل فيهم الذرية، فبذلك يجمع بين الأحاديث.

وقد أطلق على أزواجه صلى الله عليه وسلم آل محمد في حديث عائشة « ما شبع آل محمد من خبز مأدوم ثلاثا » وقد تقدم ويأتي في الرقاق، وفيه أيضا من حديث أبي هريرة «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا» وكأن الأزواج أفردوا بالذكر تنويها بهم وكذا الذرية، وقيل المراد بالآل ذرية فاطمة خاصة حكاه النووي في” شرح المهذب”. وقيل هم جميع قريش حكاه ابن الرفعة في “الكفاية”. وقيل المراد بالآل جميع الأمة أمة الإجابة.

وقال ابن العربي: مال إلى ذلك مالك واختاره الأزهري وحكاه أبو الطيب الطبري عن بعض الشافعية ورجحه النووي في شرح مسلم، وقيده القاضي حسين والراغب بالأتقياء منهم، وعليه يحمل كلام من أطلق، ويؤيده قوله تعالى{إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا المُتَّقُونَ}[الأنفال:34] وقوله صلى الله عليه وسلم «إن أوليائي منكم المتقون » وفي “نوادر أبي العيناء” إنه غض من بعض الهاشميين فقال له أتغض مني وأنت تصلي علي في كل صلاة في قولك اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، فقال: إني أريد الطيبين الطاهرين ولست منهم.

ويمكن أن يحمل كلام من أطلق على أن المراد بالصلاة الرحمة المطلقة فلا تحتاج إلى تقييد، وقد استدل لهم بحديث أنس رفعه « آل محمد كل تقي » أخرجه الطبراني ولكن سنده واه جدا. وأخرج البيهقي عن جابر نحوه من قوله بسند ضعيف»اهـ كلام ابن حجر.

وقال القرطبي في تفسيره قوله تعالى: {من آل فرعون } “آل فرعون” قومه وأتباعه وأهل دينه وكذلك آل الرسول صلى الله عليه وسلم من هو على دينه وملته في عصره وسائر الأعصار سواء كان نسيبا له أو لم يكن. ومن لم يكن على دينه وملته فليس من آله ولا أهله وإن كان نسيبه وقريبه. خلافا للرافضة حيث قالت: إن آل الرسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة والحسن والحسين فقط. دليلنا قوله تعالى {وأغرقنا آل فرعون}[البقرة: 50]{أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}[غافر: 46] أي آل دينه إذ لم يكن له ابن ولا بنت ولا أب ولا عم ولا أخ ولا عصبة ولأنه لا خلاف أن من ليس بمؤمن ولا موحد فإنه ليس من آل محمد وإن كان قريبا له ولأجل هذا يقال إن أبا لهب وأبا جهل ليسا من آله ولا من أهله وإن كان بينهما وبين النبي صلى الله عليه وسلم قرابة ولأجل هذا قال الله تعالى في ابن نوح{إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح}[هود: 46]، وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارا غير سر يقول: «ألا إن آل أبي- يعني فلانا – ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين» وقالت طائفة: آل محمد أزواجه وذريته خاصة لحديث أبي حميد الساعدي أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه مسلم، وقالت طائفة من أهل العلم: الأهل معلوم والآل الأتباع، والأول أصح لما ذكرناه ولحديث عبدالله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: «اللهم صل عليهم» فأتاه أبي بصدقته فقال: «اللهم صل على آل أبي أوفى» اهـ 

< Previous Post

ثواب المتنفل إذا عجز عن الطاعة لمرض أو سفر

Next Post >

الرفيق الأعلى

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map