الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ الفَرَاهِيْدِيُّ

الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَمْرِو بنِ تَمِيْمٍ الأَزْدِيُّ الفَرَاهِيْدِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإِمَامُ البَصْرِيُّ النحوي اللغوي الزاهد، صَاحِبُ العَرَبِيَّةِ، وَمُنْشِئُ عِلْمِ العَرُوضِ.

وُلِدَ: سَنَةَ مائَةٍ. أَخَذَ عَنْهُ: سِيْبَوَيْه النَّحْوَ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَهَارُوْنُ بنُ مُوْسَى النَّحْوِيُّ، وَوَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.

كَانَ رَأْسًا فِي لِسَانِ العَرَبِ، دَيِّنًا، وَرِعًا، مُتَقَشِّفًا، مُتَعَبِّدًا، قَانِعًا، مُتَوَاضِعًا، كَبِيْرَ الشَّأْنِ وكان مُفْرِطَ الذَّكَاءِ.

يُقَالُ: إِنَّهُ دَعَا اللهَ أَنْ يَرْزُقَه عِلْمًا لاَ يُسبَقُ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَهُ بِالعَرُوضِ، وَلَهُ كِتَابُ (العَيْنِ) فِي اللُّغَةِ. وَثَّقَهُ: ابْنُ حِبَّانَ.

قَالَ النَّضْرُ: أَقَامَ الخَلِيْلُ فِي خُصٍّ لَهُ بِالبَصْرَةِ، لاَ يَقْدِرُ عَلَى فِلْسَيْنِ، وَتَلاَمِذتُهُ يَكسِبُوْنَ بِعِلْمِهِ الأَمْوَالَ، وَكَانَ كَثِيْرًا مَا يُنشِدُ:

وَإِذَا افْتَقَرْتَ إِلَى الذَّخَائِرِ لَمْ تَجِدْ         ذُخْرًا يَكُوْنُ كَصَالِحِ الأَعْمَالِ

كانَ هُوَ وَيُوْنُسَ إِمَامَيْ أَهْلِ البَصْرَةِ فِي العَرَبِيَّةِ، مَاتَ وَلَمْ يُتَمِّمْ كِتَابَ (العَيْنِ)، وَلاَ هَذَّبَهُ، وَلَكِنَّ العُلَمَاءَ يَغرِفُوْنَ مِنْ بَحْرِهِ.

قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَمْرِو بنِ تَمِيْمٍ الأَزْدِيُّ، قِيْلَ: كَانَ يَعْرِفُ عِلْمَ الإِيقَاعِ وَالنَّغَمِ، فَفَتَحَ لَهُ ذَلِكَ عِلْمَ العَرُوضِ.

وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي الزُّهَّادِ كان يمتنع عن قَبول عطايا الملوك فكان قوتَه من بستان ورثه من أبيه وكان يحج سنة ويغزو سنة إلى أن مات.

من أقواله:

كَانَ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأُغْلِقُ عَلَيَّ بَابِي، فَمَا يُجَاوِزُهُ هَمِّي.

وَقَالَ: أَكمَلُ مَا يَكُوْنُ الإِنْسَانُ عَقْلًا وَذِهْنًا عِنْدَ الأَرْبَعِيْنَ.

قَالَ أَيُّوْبُ بنُ المُتَوَكِّلِ: كَانَ الخَلِيْلُ إِذَا أَفَادَ إِنْسَانًا شَيْئًا، لَمْ يُرِهِ بِأَنَّهُ أَفَادَه، وَإِنِ اسْتفَادَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا، أَرَاهُ بِأَنَّهُ اسْتَفَادَ مِنْهُ.

كان سفيان الثوري يقول: من أحب أن ينظر إلى رجلٍ خُلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليلِ بنِ أحمد، ويروى عن النضر بن شميلٍ أنه قال: كنا نمثُل بين ابن عونٍ والخليلِ بن أحمد أيهما نقدم في الزهد والعبادة، فلا ندري أيهما نقدم؟ وكان يقول: ما رأيت رجلًا أعلم بالسنة بعد ابن عونٍ من الخليل بن أحمد. وكان يقول: أكلت الدنيا بعلم الخليلِ وكتبهِ وهو في خصٍ(الخُصُّ البيت من القصب)لا يشعر به، وكان يحج سنةً ويغزو سنةً، وكان من الزهاد المنقطعين إلى الله تعالى.

ومن شعره:

وَقَبلَكَ داوى المَريضَ الطَبيبُ * فَعاشَ المَريضُ وَماتَ الطَبيبْ

فكن مستعدًا لدار الفناء فإن الذي هو آتٍ قريب

قال السيوطيُّ: الخليلُ بن أحمد بنِ عمرٍو بنِ تميمٍ الفراهيديُّ البصريُّ، أبو عبدِ الرحمنِ صاحبُ العربيةِ والعَروضِ. كانَ الغايةَ في استخراجِ مسائلِ النحوِ وتصحيحِ القياسِ فيه؛ وهو أولُ منِ استخرجَ العروضَ، وحصرَ أشعارَ العربِ بها، وعمِلَ أولَ كتابِ العينِ المعروفِ المشهورِ. وكانَ منَ الزُّهادِ في الدنيا، والمنقطعينَ إلى العلمِ. ووجَّهَ إليه سليمانُ بنُ عليٍّ يلتمسُ منه الشخوصَ إليه وتأديبَ أولادِه، فأخرجَ الخليلُ إلى رسولِه خبزًا يابسًا وقالَ: ما عندي غيرُه، وما دُمْتُ أجدُه فلا حاجةَ لي في سليمانَ، فأنشأَ يقولُ:

أبْلِغْ سليمانَ أني عنكَ في سَعَةٍ       وفي غِنًى غيرَ أني لستُ ذا مالِ

سخَى بنفسيَ أنِّي لا أرى أحدًا       يموتُ هزْلا ولا يبقى على حالِ

وهو أستاذُ سيبويهِ. روى عن أيوبَ وعاصمِ الأحولِ وغيرِهما، وأخذَ عنه سيبويهِ والأصمعيُّ والنَّضْرُ بنُ شُميلٍ؛ وكان خيرِّا متواضعًا، ذا زهدٍ وعفافٍ، يُقالُ: إنه دعا بمكةَ أنْ يرزقَه اللهُ تعالى علمًا لم يُسبقْ له، فرجِعَ وفُتِحَ عليه بالعروضِ. وكانت له معرفةٌ بالإيقاعِ والنظمِ، وهو الذي أحدثَ له علمَ العروضِ، فإنهما متقاربانِ في المأخذِ.

وقالَ النضرُ بن شُميل: أقامَ الخليلُ في خُصٍّ بالبَصْرةِ لا يقدرُ على فِلْسينِ وتلامذتُه يكسبونَ بعلمِه الأموالَ. وكانَ آيةً في الذكاء، وكان الناسُ يقولون: لم يكنْ في العربيةِ بعدَ الصحابةِ أذكى منه وكانَ يحجُّ سنةً، ويغزو سنةً.

ويقالُ: إنه كان عندَ رجلٍ دواءٌ لظُلْمةِ العينِ ينتفعُ به الناسُ، فماتَ واحتاجَ الناسُ إليه، فجعلَ يشمُّ الإناءَ، ويخرجُ نوعا نوعا، فعملَه وأعطاهُ الناسَ فانتفعوا به، ثم وُجدتِ النُّسْخةُ في كتُبِ الرجلِ، فوجدوا الأخلاطَ ستةَ عشَرَ خَلْطا، كما ذكر الخليلُ لم يفتْه منها إلا خَلْطٌ واحدٌ. وهو أولُ من جمعَ حروفَ الـمُعجمِ في بيتٍ واحدٍ وهو:

صِفْ خَلْقَ خَوْدٍ كمثلِ الشمسِ إذ بزغَتْ * يحظى الضَّجيعُ بها نجلاءَ مِعْطارِ

وأبوه أولُ من سُمِّيَ أحمدُ بعدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وللخليلِ من التصانيفِ غيرُ العينِ: كتابُ النِّعَمِ، الجُمَلُ، العروضُ، الشواهدُ، النَّقْطُ والشَّكْلُ، كتابُ فائتِ العينِ، كتابُ الإيقاعِ.

توفيَ الخليلُ سنةَ خمسٍ وسبعينَ ومائةٍ. ورُئِيَ في النومِ فقيلَ له: ما صنعَ اللهُ بكَ؟ فقالَ: أرأيتَ ما كنا فيه! لم يكن شيئًا، وما وجدتُ أفضلَ من سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إله إلا اللهُ واللهُ أكبرُ. انتهى كلامُ السيوطي.

تعريف علم العروض: يعرف علم العروض بأنه علم معرفة أوزان الشعر العربي، أو هو علم أوزان الشعر الموافق أشعار العرب.

< Previous Post

الخليل بن أحمد الفراهيدي

Next Post >

الخليل بن أحمد الفراهيدي

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map