المشهد في قطاع غزة مؤلم لأي ضمير إنساني، المجتمع الدولي اليوم وكأنه أصبح مدمنا على مشاهدة هذه المناظر التي أقل ما يقال فيها إنها مرعبة ومخيفة، دمار.. وقتل.. وتهجير.. وذبح.. وزلازل.. وبراكين نارية.. من أسلحة عنقدودية وإنشطارية.. إلى غير ذلك من الأسماء الميدانية، مأساة قل نظيرها في عالم اليوم.

غزة هذه الكثافة السكانية بلا موارد تقريبا، إلا مساحات قليلة مزروعة ومصانع صغيرة معظمها أقرب إلى ورشات لا يتجاوز عددها الثلاثمائة. والنتيجة الطبيعية لهذه المعادلة، التي يصح أن تسجل باعتبارها رمزا للبؤس، هي أعلى معدلات بطالة وأحد أشد مستويات الفقر في عالمنا الراهن.

الوضع في قطاع غزة كان صعبا حتى بدون حصار، وأصبح مؤلما بعد حصار السجن والتجويع والاذلال  فما بالنا حين يتحول هذا السجن الذي يضم نحو مليون وثمانمائة ألف على الأقل الى محرقة جماعية .

فقد تابعنا كعاجزين كثر مشاهدَ إنتشال جثث الاطفال والنساء والعجزة تابعنا كعاجزين رؤية الاجساد الصغيرة المغطاة بالغبار والحجارة.. وأنين المفجوعين، وصدمة من نجا من بين الأنقاض كل ذلك ما زال صداه يتردد في المخيلة على نحو موجع.. لكن هل بقي للألم من معنى أو دلالة سوى ذلك الانقباض الهائل في الصدر والغضب واللوعة !..

قد يكون العجز هو الشعور الأصعب وسط هذه المأساة التي بتنا نمتهنها وكأنها حرفة تلازمنا منذ سنوات طويلة .    الترويع الذي تعيشه غزة وفلسطين بشكل عام والأطفال الذين يسقطون ونحن نحصي أعدادهم ونشاهد صورهم لم يعد جديداً، وذلك ما يضاعف المرارة.

ترى ما هو الحل ؟  لقد جرب الكثيرون طرقا عدة منها المواجهة غير المتكافئة ومنها إتفاقيات الاستسلام ومنها العمليات الانتحارية المخالفة للشريعة الإسلامية،  أم أن الحل يكون بالعودة للتجارب الناجحة، وأي نجاح أقوى من نجاح السلطان صلاح الدين الايوبي ذاك السلطان التقي النقي الأشعري  الشافعي الذي كان ملكا على الديار المصرية لنحو أربع وعشرين سنة وملكا على الشام نحو تسع عشرة سنة ذاك السلطان الزاهد الذي لم يخلف في خزانته غير سبعة وأربعين درهما.. ولم يترك دارا ولا عقارا .ولم يؤخر صلاة عن وقتها ولا صلّى إلأّ في جماعة.وكان متوكلا على الله لا يُفضّل في عزمه يوما على يوم،كثير سماع الحديث قرأ في الفقه مختصر سليم الرازي وحفظ كتاب التنبيه في فقه الشافعي وغير ذلك كثير .

بمثل هؤلاء تحرر البلاد والعباد، وبمثل هؤلاء يُنصر الدين فننتصر ولنتذكر دائما قول الله تعالى {إن تنصروا الله ينصركم}

فحري بنا أن نعود إلى مجالس علم الدين التي يعلم فيها الحلال والحرام والعقيدة الإسلامية الحقة لتتوحد القلوب والجهود والصفوف، هذا هو الحل الناجح المجرب ونسأل الله تعالى أن يرفع البلاء عن إخواننا وأن يمدهم بأمداده إنه على كل شئ قدير . 

< Previous Post

محاضرة أنوار الحج والعمرة – ليفربول 2007

Next Post >

التجربة برهان ساطع

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map