الأُتْرُجُّ

عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْءانَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْءانَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلا رِيحَ لَهَا وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْءانَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْءانَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَلا رِيحَ لَهَا ” . وَفِي رِوَايَةٍ ” الْفَاجِرُ بَدَلُ الْمُنَافِقِ ” وَرَوَى ذَلِكَ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَلَهُ فِي لَفْظِ ” الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْءانَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ ، وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْءانَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلا رِيحَ لَهَا “.

وفي الآداب الشرعية > فصل في حكم التداوي مع التوكل على الله > فصل يتعلق بما قبله في النخل وثمره وفوائده وتشبيهه المؤمن

وَأَمَّا الأُتْرُجُّ فَبِهَمْزَةٍ وَرَاءٍ مَضْمُومَتَيْنِ وَتَاءٍ سَاكِنَةٍ وَجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ الْوَاحِدَةِ أُتْرُجَّةٌ وَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ : يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْحُ الْعَبِيرِ بِهَا كَأَنَّ تَطَيُّبَهَا فِي الأَنْفِ مَشْمُومُ وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ تُرُنْجَةٌ وَتُرُنْجٌ، لَهُ قُوًى مُخْتَلِفَةٌ أَجْوَدُهُ الْكِبَارُ السُّوسِيُّ قِشْرُهُ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ وَلَحْمُهُ حَارٌّ رَطْبٌ فِي الأُولَى، وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ ، وَقِيلَ بَارِدٌ وَبَذْرُهُ حَارٌّ فِيهِ يَسِيرُ رُطُوبَةٍ ، وَقِيلَ بَارِدٌ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ يَابِسٌ وَحَمْضُهُ بَارِدٌ يَابِسٌ فِي الثَّالِثَةِ رَائِحَتُهُ تُصْلِحُ فَسَادَ الْهَوَاءِ وَالْوَبَاءِ وَتَضُرُّ بِالدِّمَاغِ الْحَارِّ وَيُصْلِحُهُ الْبَنَفْسَجُ وَقِشْرُهُ مِنْ الْمُفْرِحَاتِ التِّرْيَاقِيَّةِ وَيُجْعَلُ فِي الثِّيَابِ يَمْنَعُ السُّوسَ وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ إذَا جُعِلَ فِي الْفَمِ ، وَيُحَلِّلُ الرِّيَاحَ ، وَإِذَا جُعِلَ فِي الطَّعَامِ كَالأَبَازِيرِ أَعَانَ عَلَى الْهَضْمِ . قَالَ صَاحِبُ الْقَانُونِ : وَعُصَارَةُ قِشْرِهِ تَنْفَعُ مِنْ نَهْشِ الأَفَاعِي شُرْبًا، وَقِشْرُهُ ضِمَادًا وَحُرَاقَةُ قِشْرِهِ طِلاءٌ جَيِّدٌ لِلْبَرَصِ انْتَهَى كَلامُهُ . قَالَ ابْنُ جَزْلَةَ : وَلَحْمُهُ رَدِيءٌ لِلْمَعِدَةِ بَطِيءُ الْهَضْمِ يُوَرِّثُ الْقُولَنْجَ وَالضَّرَبَانَ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مُلَطِّفٌ لِحَرَارَةِ الْمَعِدَةِ نَافِعٌ لأَصْحَابِ الْمُرَّةِ الصَّفْرَاءِ قَامِعٌ لِلْبُخَارَاتِ الْحَادَّةِ قَالَ الْغَافِقِيُّ أَكْلُ لَحْمِهِ يَنْفَعُ الْبَوَاسِيرَ انْتَهَى كَلامُهُ . وَأَمَّا حُمَاضُهُ فَيَجْلُو الْكَلَفَ وَاللَّوْنَ وَيُذْهِبُ الْقُوبَا طِلاءً ، وَلِهَذَا يُقْلِعُ صَبْغَ الْحِبْرِ طِلاءً وَيَقْمَعُ الصَّفْرَاءَ وَيُشَهِّي الطَّعَامَ وَيَنْفَعُ الْخَفَقَانَ مِنْ حَرَارَةٍ وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ مَشْرُوبًا ، عَاقِلٌ لِلطَّبِيعَةِ نَافِعٌ مِنْ الإِسْهَالِ الصَّفْرَاوِيِّ قَاطِعٌ لِلْقَيْءِ الصَّفْرَاوِيِّ وَيُوَافِقُ الْمَحْمُومِينَ ، وَيَضُرُّ بِالصَّدْرِ وَالْعَصَبِ وَيُصْلِحُهُ شَرَابُ الْخَشْخَاشِ وَيَنْفَعُ مِنْ الْيَرَقَانِ شُرْبًا وَاكْتِحَالا وَيُسَكِّنُ غُلْمَةَ النِّسَاءِ وَالْعَطَشِ قَالَ بَعْضُهُمْ : الْبَلْغَمِيُّ لأَنَّهُ يُلَطِّفُ وَيَقْطَعُ وَيُبَرِّدُ وَيُطْفِئُ حَرَارَةَ الْكَبِدِ وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ وَيُقَوِّي الْقَلْبَ الْحَارَّ الْمِزَاجِ وَفِيهِ تِرْيَاقِيَّةٌ . وَأَمَّا بَزْرُهُ فَلَهُ قُوَّةٌ مُحَلِّلَةٌ مُجَفِّفَةٌ مُلَيِّنٌ مُطَيِّبٌ لِلنَّكْهَةِ وَخَاصَّةً لِلنَّفْعِ مِنْ السَّمُومِ الْقَاتِلَةِ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِلَسْعِ الْعَقَارِبِ إذَا شُرِبَ مِنْهُ وَزْنُ مِثَالَيْنِ بِمَاءٍ فَاتِرٍ أَوْ طِلاءٍ مَطْبُوخٍ ، وَكَذَا إنْ دُقَّ وَوُضِعَ عَلَى مَوْضِعِ اللَّسْعَةِ . قَالَ الأَطِبَّاءُ إذَا بُخِّرَتْ شَجَرَتُهُ بِالْكِبْرِيتِ تَنَاثَرَ ، قَالُوا وَإِذَا يَبُسَ وَأُحْرِقَ وَسُحِقَ نَاعِمًا وَجُعِلَ فِي خِرْقَةِ كَتَّانٍ وَدُفِعَتْ إلَى امْرَأَةٍ تَشَمُّهَا فَإِنْ أَخَذَهَا الْعُطَاسُ فَهِيَ ثَيِّبٌ وَإِلا فَبِكْرٌ . وَذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ الأَكَاسِرَةِ غَضِبَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الأَطِبَّاءِ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِمْ وَخَيَّرَهُمْ أُدْمًا لا مَزِيدَ لَهُمْ عَلَيْهِ ، فَاخْتَارُوا الأُتْرُجَّ فَقِيلَ لَهُمْ لِمَ اخْتَرْتُمُوهُ عَلَى غَيْرِهِ ؟ قَالُوا ؛ لأَنَّهُ فِي الْعَاجِلِ رَيْحَانٌ وَنَظَرُهُ مُفَرِّحٌ وَقِشْرُهُ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَلَحْمُهُ فَاكِهَةٌ وَحَمْضُهُ أُدْمٌ وَحَبُّهُ تِرْيَاقٌ وَفِيهِ دَهْنٌ وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُحِبُّ النَّظَرَ إلَيْهِ لِمَا فِي مَنْظَرِهِ مِنْ التَّفْرِيحِ قَالَ ابْنُ جَزْلَةَ وَرَقُ الأُتْرُجِّ حَارٌّ يَابِسٌ فِيهِ تَحْلِيلِ وَتَجْفِيفٌ وَعُصَارَتُهُ إذَا شُرِبَتْ نَفَعَتْ مِنْ رُطُوبَةِ الْمَعِدَةِ وَبَرْدِهَا وَإِذَا مُضِغَ طَيَّبَ النَّكْهَةَ وَقَطَعَ رَائِحَةَ الثُّومِ وَالْبَصَلِ فَلِهَذِهِ الْمَنَافِعِ الْعَظِيمَةِ الْكَثِيرَةِ حَصَلَ تَشْبِيهُ الْمُؤْمِنِ بِذَلِكَ .

وفي فيض القدير، شرح الجامع الصغير، للمناوي الجزء الخامس >> – باب كان وهي الشمائل الشريفة

الأترج) المعروف بضم الهمزة وسكون الفوقية وضم الراء وشد الجيم وفي رواية الأترنج بزيادة نون بعد الراء وتخفيف الجيم لغتان قال المصنف: وهو مذكور في التنزيل ممدوح في الحديث منوه له فيه بالتفضيل بارد رطب في الأول يصلح غذاء ودواء ومشموماً ومأكولاً يبرد عن الكبد حرارته ويزيد في شهوة الطعام ويقمع المرة الصفراء ويسكن العطش وينفع للقوة ويقطع القيء والإسهال المزمنين. <فائدة> في كتاب المنن أن الشيخ محمد الحنفي المشهور كان الجن يحضرون مجلسه ثم انقطعوا فسألهم فقالوا: كان عندكم أترج ونحن لا ندخل بيتاً فيه أترج أبداً” اهـ

وقال المناوي في فيض القدير (5/513): جرمها كبير ومنظرها حسن إذ هي صفراء فاقع لونها تسر الناظرين وملمسها لين تشرف إليها النفس قبل أكلها ويفيد أكلها بعد الالتذاذ بمذاقها طيب نكهة ودباغ معدة وقوة هضم فاشتركت فيها الحواس الأربعة البصر والذوق والشم واللمس في الاحتظاء بها، ثم هي في أجزائها تنقسم إلى طبائع فقشرها حار يابس يمنع السوس من الثياب ولحمها حار رطب وحماضها بارد يابس يسكن غلمة النساء ويجلو اللون والكلف وبزرها حار مجفف فهي أفضل ما وجد من الثمار في سائر البلدان.اهـ

وفي سير أعلام النبلاء للذهبي

 قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (19/76): وقال الحافظ إسماعيل بن الأنماطي: سمعت أبا صادق عبد الحق بن هبة الله القضاعي المحدث، سمعت العالم أبا الحسن علي بن إبراهيم ابن بنت أبي سعد يقول:كان القاضي الخلعي يحكم بين الجن، وإنهم أبطؤوا عليه قدر جمعة، ثم أتوه، وقالوا:كان في بيتك أترج، ونحن لا ندخل مكانا يكون فيه. قال أبو الميمون بن وردان: حدثنا أبي أبو الفضل، حدثنا بعض المشايخ، عن أبي الفضل الجوهري الواعظ، قال: كنت أتردد إلى الخلعي، فقمت في ليلة مقمرة ظننت الصبح، فإذا على باب مسجده فرس حسنة، فصعدت، فوجدت بين يديه شابا لم أر أحسن منه يقرأ القرآن، فجلست أسمع إلى أن قرأ جزءا، ثم قال للشيخ: آجرك الله. قال: نفعك الله، ثم نزل، فنزلت خلفه، فلما استوى على الفرس، طارت به، فغشي علي، والقاضي يصيح بي: اصعد يا أبا الفضل، فصعدت، فقال:هذا من مؤمني الجن، يأتي في الأسبوع مرة يقرأ جزءا ويمضي. قال ابن الأنماطي: قبر الخلعي بالقرافة يعرف بقبر قاضي الجن والإنس، يعرف بإجابة الدعاء عنده.اهـ

وفي فتح الباري، شرح صحيح البخاري، – لابن حجر العسقلاني المجلد التاسع >> كِتَاب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ >> باب فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ

قوله: (مثل الذي يقرأ القرءان كالأترجة) بضم الهمزة والراء بينهما مثناة ساكنة وآخره جيم ثقيلة، وقد تخفف. ويزاد قبلها نون ساكنة، ويقال بحذف الألف مع الوجهين فتلك أربع لغات وتبلغ مع التخفيف إلى ثمانية.

قوله: (طعمها طيب وريحها طيب) قيل خص صفة الإيمان بالطعم وصفة التلاوة بالريح لأن الإيمان ألزم للمؤمن من القرآن إذ يمكن حصول الإيمان بدون القراءة، وكذلك الطعم ألزم للجوهر من الريح فقد يذهب ريح الجوهر ويبقى طعمه، ثم قيل: الحكمة في تخصيص الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب الطعم والريح كالتفاحة لأنه يتداوى بقشرها وهو مفرح بالخاصية، ويستخرج من حبها دهن له منافع وقيل إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج فناسب أن يمثل به القرآن الذي لا تقربه الشياطين، وغلاف حبه أبيض فيناسب قلب المؤمن، وفيها أيضا من المزايا كبر جرمها وحسن منظرها وتفريح لونها ولين ملمسها، وفي أكلها مع الالتذاذ طيب نكهة ودباغ معدة وجودة هضم، ولها منافع أخرى مذكورة في المفردات.

تحفة الأحوذي – للمباركفوري، ـ كتاب الأمثال >> ـ باب ما جاءَ في مَثَلِ المُؤْمِنِ القَارِيءِ لِلْقُرْآنِ وَغَيْرِ الْقَارِيء

كمثل الأترنجة) بضم الهمزة وسكون الفوقانية وضم الراء وسكون النون وبتخفيف الجيم وفيه لغات قال في القاموس: الأترج والاترجة والترنجة والترنج معروف وهي أحسن الثمار الشجرية وأنفسها عند العرب انتهى. ووجه التشبيه بالأترنجة لأنها أفضل ما يوجد من الثمار في سائر البلدان وأجدى لأسباب كثيرة جامعة للصفات المطلوبة منها والخواص الموجودة فيها فمن ذلك كبر جرمها وحسن منظرها وطيب مطعمها ولين ملمسها تأخذ الأبصار صبغة ولوناً، فاقع لونها تسر الناظرين، تتوق إليها النفس قبل التناول تفيد آكلها بعد الالتذاذ بذوقها، طيب نكهة ودباغ معدة، وهضم واشتراك الحواس الأربع، البصر والذوق والشم واللمس في الاحتظاء بها“. اهـ 

< Previous Post

طرق صحيحة لتثبيت الحفظ بإذن الله

Next Post >

من مواعظ سيدنا لقمان عليه السلام

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map