الحمدُ للهِ ربِّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد الذي تركنا على الـمحجة البيضاء ليلها كنهارها وعلى ءاله وصحبه وسلم.

أما بعد اهتمامًا منها بحفظ القرءان الكريم وتعليم أحكامه ونشر العلوم الشرعية الصافية وعملًا منها في نشر الدعوة إلى صيغة التعايش الحسن وترحيبًا بشهر رمضان المبارك، أقامت دار الفتوى احتفالا تكريميا لخريجي الدورة الأزهرية (القسم الثاني) وذلك تحت رعاية رئيس الوزراء جون هاورد.

حضر الاحتفال إلى جانب الأمين العام سماحة الشيخ سليم علوان الحسيني، سكرتير وزارة التعددية الثقافية الفيدرالية أندرو روب ممثلا رئيس الوزراء جون هاورد، النائب باربارا بيري ممثلة لرئيس الولاية موريس يما، النائب الفدرالي مايكل هاتن رئيس الحزب الديمقراطي، الدكتور آرثر تشستر فيلد، مفوض الشئون الإثنية لولاية نيو ساوثويلز ستيفان كركاشيريان، مدير دائرة الهجرة في ولاية نيو ساوث ويلز غافن ماكاين، مدير دائرة التعليم غوردن ستانلي، بالإضافة إلى رؤساء الجمعيات والمؤسسات والنوادي الإسلامية والمدارس الإسلامية وأئمة المساجد والمراكز والإعلاميين.

بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني الأسترالي قدمه باقة من طلاب كلية الأمانة مع أنشودة باللغة الانكليزية في مدح خير الخلق محمد عليه الصلاة والسلام، ثم كانت كلمة سماحة الشيخ سليم علوان الحسيني، ومما جاء فيها:

” العلم الشرعيّ الصافي ضمانةٌ بإذن الله ضدّ الانحرافات الفكرية، فالواجِب على ذوي الاختصاصِ مراعاةُ ذلك وتبصيرُ الأجيال بما يجِب عليهم بالتفصيلِ والوضوح النافي للخَلط أو التضارب؛ لأنَّ القلوبَ أوعية إن لم تُبادَر بالحقّ وتُملأ بالصواب تسرَّب إليها الفهم المغلوط، فالعِلم نعمةٌ من الله يهَبُها لمن يشاء من عبادِه، فضلٌ يتفضَّل الله به على من يشَاء من عبادِه، العِلمُ يدعو إلى خشيةِ اللهِ ومخافتِه، العلم شَرفٌ لأهله ورِفعة لهم في الدّنيا والآخرة، العلم حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور، وهو الميزان الذي يوزن به الناس، وتوزن به الأقوال والأعمال.

والأمّة تُقاس حضارتها بفُشُوّ العلم بين أبنائها، فالعِلم في المجتمعِ هو مِقياس تقدُّمه ورقِيِّه وكونه مجتمعًا نافعًا. وتعلم العلم وتعليمه ليس خاصًا بالرجال دون النساء بل لقد عُني الإسلام بتعليمِ المرأةِ ما ينفعها وتحتاجه في حياتها وما يمكِن أن تخدم به مجتمَعَها، فكان من جملة النساء فقيهات محدثات عَلَّمْنَ فقهاء محدثين رجالًا .

أيّها السادة الحضور، وعلى هذا سارت دار الفتوى في أستراليا في تقرير العقيدة الإسلامية الصافية المستقاة من كتاب الله وسنة نبيه، وما قرره علماء السلف وأجمعت عليه الأمة، معلنين براءة الإسلام من التطرف البغيض والعنف الممقوت، مؤكدين حث الإسلام على التخصص بكل المجالات النافعة والهادفة، داعين إلى العدل والاعتدال والإحسان، ناهين عن الفحشاء والمنكر والبغي ، ءامرين بصيغة التعايش الحسن، ذاكرين أن الحرب ضد التطرف هي حرب علمية لا بد أن ترافقها تدابير وقائية.

وعلينا جميعا معالجة هذه الظاهرة وكل حسب اختصاصه واستطاعته بالحكمة والجرأة المطلوبة مع الإشارة إلى أن الجهل يُحَارب بالعلم، والتطرف يُحَارب بالاعتدال، والباطل يُحَارب بالحق.

ومؤكدين أننا نحن المسلمين من هذا الشعب ومن المواطنين في أستراليا فلا نرضى أن يكون هذا البلد مرتعًا للمتطرفين ولأفكارهم تحت شعار الحرية، ولا أن يكون مسرحًا للتفجيرات، لذا نضع يدنا بيد الشعب الأسترالي لمحاربة التطرف وأهله، ونطمئن شعبنا الأسترالي بأننا معه لحمايته وحماية البلد من المتطرفين وشرورهم.

من هذا كله كانت فكرة إنشاء دار تمثل منهج الاعتدال في هذا البلد هي دار الفتوى، وتم الأمر بحمد الله على أيدي نخبة من أهل العلم والوعي والثقافة والاختصاص، وانطلاقًا من هذه الثوابت والتي من أهمها العناية بمصير المسلمين في أستراليا من أن تشوه سمعتهم ويحرف دينهم، وتنفيذًا للوصايا التي انبثقت عن الندوة العلمية التي أقمناها في أغسطس ( آب ) العام الماضي تحت عنوان ” أهل السنة يحاربون التطرف ” والتي من أهمها تأهيل الدعاة وتمكنهم في العلم وتزويدهم بالأدلة والوثائق التي تكشف التطرف وأهله، أقمنا دورتين علميتين للدعاة والأساتذة، الأولى بعنوان : ” الدورة الشرعية في بيان صفة الأئمة “، والثانية بعنوان الدورة الأزهرية ” باللغة العربية والإنكليزية، للذكور والإناث، بإشراف وتعليم ذوي الخبرة والاختصاص، الأولى دامت شهرا كاملا، والثانية ثلاثة أشهر، تأهل فيهما عدد كبير من أبناء الجالية الإسلامية، أحببنا في هذا  اللقاء، وبرعاية رئيس الورزاء جون هاورد ممثلا بالأستاذ أندرو روب،  أن نكرم هؤلاء الدعاة وأن نوزع عليهم شهادات تقدير، ءاملين منهم أن يعملوا بما تعلموا، وأن يبلغوا ذلك للناس بالرفق واللين والحكمة، ولا سيما للناشئة وباللغة الانكليزية  .

ثم كانت كلمة الأستاذ أندرو روب قرأ فيها رسالة رئيس الوزراء جون هاورد والتي فيها :

” يسعدني أن أتقدم من خريجي دورة الأزهري التي أقامتها دار الفتوى بأستراليا،  إن دار الفتوى تلعب  دورًا رئيسيًا بين الجالية الاسلامية حيث تعمل على نشر التوعية والتحذير من الإرهاب ومن تأثيره على أمننا الوطني، أنا أثني على الجهود التي تبذلها دارالفتوى في تعليم المجتمع وعلى الدور البناء في نشر التعايش الحسن بين المجتمع الأسترالي، التعايش الحسن بين المجتمع الأسترالي يأتي في مقدمة اهتمام الجميع، إن العمل الذي تقوم دار الفتوى يساهم بشكل كبير في تحقيق هذا الهدف، أود أن أهنىء المتخرجين، وأتمنى لجميع الذين شاركوا مستقبلًا ناجحًا اهـ .كلام رئيس الوزراء.

ثم تابع الأستاذ أندرو روب وهنأ الجالية الإسلامية بشهر رمضان المبارك وقال إنها مناسبة سعيدة تلتقي مع مناسبة مهمة وهي حفلة التخرج من الدورة الأزهرية، نلتقي اليوم لنهنأ المتخرجين من هذه الدورة التي اشتملت على المواد الدينية الصحيحة، إن تخريج هؤلاء الدعاة بدورة تمت بالمنهج الأسترالي يعتبر خطوة مهمة نحو تعليم الإسلام بمنهج أسترالي وأنا أهنئكم على ذلك، أهنأ المجلس على الحكمة التي يتحلى بها في فهم المجتمع الذي نعيش فيه،  تفهم المجتمع الأسترالي يساعد على بناء الثقة بين الأستراليين المسلمين ولا سيما الشبيبة منهم بأنهم يمكنهم أن يكونوا ناجحين في المجتمع الأسترالي مع التزامهم بدينهم. إن تعليم الإسلام باللغة الانكليزية وبالمنهج الأسترالي أمر مهم وضروري لا سيما وأن معظم المسلمين يتقنون اللغة الإنكليزية خاصة الشبيبة منهم، لذلك أظن أن هذه الدورة هي ركيزة أساسية صلبة ومثال للأئمة والدعاة بنشر التوعية في بناء المجتمع، وجميع الذين شاركوا في هذا العمل عليهم أن يكونوا فخورين بعملهم، أنتم جزء من المستقبل الإسلامي في أستراليا، وهناك عمل كبير أمامكم وهناك ءامال كثيرة عليكم، اجتهدوا في نشر صورة واضحة، هناك الكثير من الطرق والآفاق، المسلمون يودون رؤية النجاحات الإسلامية في الفن والثقافة والعلوم، وهذا يحتاج منكم إلى عمل دءوب لإظهار ذلك لكي يتعرف المسلم وغير المسلم على ذلك، هناك تحد كبير أمامكم، إن الأعمال التي قام بها الإرهابيون قد أثرت كثيرًا على المسلمين وأساءت إلى سمعة الإسلام ولذلك فقد زاد العبئ عليكم، أوصيكم بشد الهمة بين الشبيبة لإخراجهم من حالة الظلم التي يشعرون بها لكي يسعوا للنجاح بين المجتمع.

ثم كان عرض مصور عن نشاطات دار الفتوى في أستراليا.

ثم كانت كلمة نائب بلاكسلاند الفدرالي مايكل هاتن الذي مثل وزير الظل للهجرة توني بيرك وألقى كلمة جاء فيها: دعوني أولا أهنأ الجميع ليس فقط المشاركين بالدورة بل كل من ساهم في إنجاح هذا العمل وهذا الاحتفال، إن هذه الدورات مهمة جدًا ولاسيما إن هذه الدورات تتم من خلال المناهج الأسترالية،  أهمية هذه الدورات تعود لأن القائمين عليها في المجلس والجمعيات المشاركة في هذا المجلس يعملون على نشر الاعتدال والتسامح والتعايش الحسن في أسترالية، إن المواد المقررة في هذه الدورة هي حقيقة علاج لأزمة نواجهها حاليا في أستراليا.

كما أود أن أثني على إحدى العبارات التي استعملها سماحة الشيخ سليم علوان وهي أن الشباب كالوعاء الفارغ  إن لم نملئه بالخير سارع المتطرفون إلى ملئه بأفكارهم الهدامة. ومرة أخرى أهنئ دار الفتوى على هذه الجهود العظيمة وعلى هذا المنهج .

ثم كانت كلمة ممثل رئيس الولاية موريس يما النائب بربارة بيري قالت فيها: بأنه يكثر في هذه الأيام الحديث عن القيم واللغة والدين والانتماء إلى أسترالية، المسلمون يتعرضون في هذه الأيام الى التمحيص والتدقيق وفي بعض الأحيان قد تؤدي هذه الضغوطات إلى الانفجار وهذه نتيجة متوقعة، وأظن أن الحل يكمن في المزيد من الانخراط بالمجتمع، وأنا أكيدة  أن هناك الكثير من المسلمين يحققون نجاحات باهرة ولكنها مخفية بعيدة عن الأضواء، هذه الدورات مهمة وأساسية لبناء مجتمع متناغم هذا ماينبغي أن نسعى إليه، أنا أشكر الجالية الإسلامية على ما حققته من نجاحات في المجتمع الأسترالي ولا سيما أولئك الذين وصلوا إلى ما يـبغونه.

ثم تولى سماحة الأمين العام لدار الفتوى سماحة الشيخ سليم علوان الحسيني مع الأستاذ أندرو روب توزيع الشهادات على المتخرجين بفرحة تملأ القلوب، وابتسامة تعلو الوجوه، ءاملين في مستقبل زاهر خال من التطرف البغيض والعنف الممقوت. ثم قدم الأمين العام هديتين تذكاريتين لرئيس الوزراء الأسترالي ولممثله أندرو روب.  

دارالفتوى تشكر كل من حضر وساهم في إنجاح هذا الحفل، متمنية المزيد من الدورات الدينية المعتدلة.

المكتب الإعلامي في دار الفتوى

< Previous Post

كلمة سماحة الشيخ سليم علوان بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك

Next Post >

دار الفتوى وأهل البيت

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map